أعطت أوبيرات (حيزية) التي تم عرضها مساء السبت بقاعة العروض الكبرى أحمد باي بقسنطينة نفسا جديدا لقصة حب عذري لم تفقد بريقها رغم مرور السنين. فعلى مدار قرابة الساعتين تضافرت جهود 11 ممثلا بمعية أعضاء من فرقة الفنون الشعبية للديوان الوطني للثقافة والإعلام وفناني باليه مستقلين لكي يحيوا باللحن والحركة والغناء قصة حب واقعية اخترقت الوجدان الجماعي الجزائري وستظل خالدة في الذاكرة الجماعية الشعبية الجزائرية. ووسط ديكور مسرحي يحاكي البادية الصحراوية الجزائرية وملابس وتفاصيل تستعيد هذه الأوبيرات الغنائية حياة الجزائريين في البادية وعلى أنغام ألحان الموسيقار الراحل محمد بوليفة تتوالى فصول حكاية (حيزية) وابن عمها (سعيد) اللذين عاشا في أواسط القرن الماضي وتأججت مشاعر الحب في قلبيهما لكن هذه العلاقة العذرية العفيفة اصطدمت بأعراف القبيلة باعتبارها (طعنا في الشرف وخدشا للحياء). ولم يكن أحمد بن الباي وهو أحد أعيان عرش الذواودة بسيدي خالد (بسكرة) ليقبل بأن تتناول الألسن سيرة سليلته (حيزية) فقرر الارتحال إلى التل وقطع حبل الوصل بينها وبين محبوبها سعيد وهو ما أثر كثيرا على نفسية ابنته التي توفيت بعدها من شدة حسرتها على الفراق. فيما لم يجد سعيد الذي قضى آخر أيامه معتكفا بعيدا عن الناس سوى الشاعر محمد بن قيطون ليطفئ لهيب لوعته ويخلد الراحلة حيزية في قصيدة تجمع بين الرثاء والوصف قال في مطلعها (عزوني يا ملاح في رايس لبنات سكنت تحت اللحود ناري مقدية...).