تعرض أمسية اليوم على الجمهور القسنطيني بقاعة العروض الكبرى “أحمد باي” أوبيريت “حيزية”، وهو عمل فني كتب نصه الكاتب والشاعر عز الدين ميهوبي وأخرجه فوزي بن إبراهيم، وقام بإنتاجه الديوان الوطني للثقافة والإعلام. ستحمل أوبيريت “حيزية” الجمهور القسنطيني إلى فضاءات مستمدّة من الذاكرة الجماعية للمجتمع الجزائري، يمتزج فيها التراث الأصيل بالجمالية المنبعثة من قصص وإحداث نسجت خيوطها العلاقات الإنسانية الراقية، وهو ما ستترجمه في قصة “حيزية” على ركح قاعة “احمد باي”، مجموعة من الوجوه في مجالي التمثيل والرقص والغناء “محمد عجايمي، جهيدة يوسف، فيصل بن عيشة، لمياء بطوش، ناصر عطاوي، ربيع قاشي ...”، ترافقهم فرقة الفنون الشعبية للديوان الوطني للثقافة الإعلام وفناني بالي مستقلين، والألحان الأصلية للفنان الراحل “محمد بوليفة”. وقصة “حيزية”، هي قصة حقيقية وقعت أحداثها منتصف القرن الماضي بين منطقتي سيدي خالد جنوب مدينة بسكرة وبازر صخرة القريبة من سطيف، ووالد حيزية بوعكاز هو أحمد بن الباي، أحد أعيان عرش “الذواودة” بسيدي خالد، جمعتها علاقة حب بابن عمها “سعيّد” غير أنّ أعراف القبيلة وقفت حائلا في وجه هذه العلاقة العاطفية كونها تطعن في شرف العائلة، وتمنع مثل هذا التواصل بين الجنسين ككل المجتمعات العربية، الأمر الذي دفع بوالد “حيزية” إلى قطع دابر هذه العلاقة مقررا الرحيل بابنته إلى منطقة التل حتى لا تلحقه ألسنة البشر. وإذا كانت هذه العلاقة الجميلة بين “حيزية” و«سعيد” لم تدم طويلا وزاد من حدة شرخها البعد والفراق، فإن وقع الصدمة كان قويا على قلب “سعيّد” حين غيّب الموت “حيزية” فجأة وهي ابنة 23 ربيعا، فكان الفراق الأبدي الذي أججته نار الحسرة التي اشتدّت ب “سعيّد”، فلم يجد سوى صحبة الشاعر البدوي الكبير محمد بن قيطون ليطفئ حرقته، فطلب منه “سعيد” تخليد الراحلة “حيزية” في قصيدة تجمع بين الوصف والرّثاء، وهي القصيدة التي ردّدتها حناجر المطربين الجزائريين “خليفي احمد، عبد الحميد عبابسة، رابح درياسة..” لأكثر من نصف قرن، فكانت القصيدة “القصة” رمزا للحب العذري الذي لم يكتمل، والفراق الذي غيّب وجه الحبيب تحت الثرى. وما تناقلته الأخبار أخيرا أن “سعيد” قضى بقية أيامه زاهدا في خيمة بعيدا عن أعين البشر وفاء لحبيبته “حيزية”. والجدير بالذكر أن أوبيريت “حيزية” سبق عرضها لأول مرة في افتتاحية مهرجان المسرح العربي الذي استضافته مؤخرا وهران في طبعته التاسعة.