استعملت السلطات الليبية الطائرات في عدة مناطق من العاصمة طرابلس في محاولة يائسة لمواجهة الاحتجاجات المتواصلة في البلاد للمطالبة بتنحي الزعيم معمر القذافي. ووفق شهود عيان في طرابلس فإنه تم اللجوء إلى الطائرات لقمع المتظاهرين في عدة مناطق من العاصمة، وأشاروا إلى أن مرتزقة أجانب يواصلون إطلاق النار على المدنيين في المدينة. وقال شاهد عيان للجزيرة إن طرابلس محاصرة حاليا، وهناك من مرتزقة أفارقة يجوبون الشوارع في سيارات مصفحة ويطلقون النار عشوائيا على المدنيين وحتى على طواقم الإسعاف. ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن شهود قولهم إن مذبحة وقعت في حييْ فَشلوم وتاجوراء. وقال شهود من تاجوراء بمنطقة شرقي طرابلس إن جثث القتلى منتشرة في الشوارع إضافة إلى الجرحى. وقال شاهد عيان من طرابلس في وقت سابق إن أكثر من 250 مدنيا قتلوا في قصف شنه الطيران الحربي على أحياء سكنية ومشيِّعين في المدينة. في السياق ذاته ذكر المدير التنفيذي للتحالف الدولي لملاحقة مجرمي الحرب الدكتور لؤي ديب أن عدد القتلى في ليبيا حتى الاثنين بلغ أكثر من 519 إضافة إلى أكثر من ثلاثة آلاف جريح ومئات المفقودين. وقال الطبيب والناشط عادل محمد صالح من طرابلس إن القذافي يمارس سياسة الأرض المحروقة وينفذ ما هدد به نجله سيف الإسلام القذافي في خطابه الأحد الذي قال فيه إنه "سيقاتل حتى آخر رجل"، وخيّر فيه الليبيين بين القبول بالنظام أو مواجهة الابادة. وقالت عدة جهات حقوقية إن "ما أقدم عليه النظام الليبي من قصف وتقتيل ضد الشعب يعتبر جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية". بنغازي حرة وفي شرق البلاد ذكرت الجزيرة أن الثوار يديرون إذاعات كل من بنغازي والبيضاء ودرنة وإجدابيا، ويبثون منها بيانات مؤيدة للثورة وأغاني وطنية وتوجيه الشباب لحماية المؤسسات العامة والحفاظ على النظام العام. وفي مظهر آخر للحياة الجديدة في بنغازي التي اندلعت فيها شرارة الاحتجاجات، يرفع في مساجد المدينة حاليا التكبير والدعاء والابتهال إلى الله لإزالة الطاغوت ونصرة إخوانهم في طرابلس. وإلى جانب مدينة بنغازي أصبح المحتجون يسيطرون على مدن أخرى منها طبرق ومصراتة وخمس وترهونة والزاوية وزوارة القريبة من العاصمة ليبيا. ويأتي ذلك بعد تواتر أنباء عن صدور بيان لضباط في الجيش الليبي دعوا فيه أفراده للانضمام إلى الشعب والزحف على طرابلس لإزاحة معمر القذافي. وفي هذا السياق ذكرت مصادر أن قوات الردع والفوج التاسع للحرس انضمت إلى المتظاهرين في ترهونة. وفي انشقاقات جديدة في صفوف الجيش، هبطت طائرتان حربيتان ليبيتان في بنغازي بعد رفض قائديها قصف المدينة الليلة قبل الماضية. وفي الوقت نفسه، حطت طائرتان حربيتان في مطار بجزيرة مالطا الليلة قبل الماضية. وقالت مصادر إن قائدي الطائرتين، وهما عقيدان في الجيش الجوي الليبي، رفضا أمرا بقصف المتظاهرين العزّل وهبطا بمطار في مالطا وطلبا اللجوء السياسي هناك. من جهة أخرى أشار شهود عيان إلى أن الجنود الليبيين اختفوا من كافة شوارع طرابلس وانضموا إلى المتظاهرين، كما قال الضابط في الأمن العام الليبي المقدم أحمد عثمان إن معظم ضباط الشرطة والقوات المسلحة انضموا إلى الجماهير في العاصمة، ما يؤشّر لإمكانية سقوط نظام القذافي في ساعات أو أيام معدودة على الأكثر. وفي خضم تلك التطورات المتلاحقة، عرض التلفزيون الليبي كلمة مقتضبة -استمرت عدة ثوان- ذكر أنها مباشرة للزعيم الليبي معمر القذافي وهو تحت المطر، ليعلن أنه في ليبيا وليس في فنزويلا كما تقول "الاشاعات المغرضة" على حد تعبيره.