بعد أسابيع من الجدل والحملات الانتخابية والتوترات في الداخل والخارج تمكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم الأحد من حسم نتيجة الاستفتاء الشعبي العام على التعديلات الدستورية التي تتضمن تحويل نظام الحكم في البلاد من برلماني إلى رئاسي وذلك بفارق ضئيل لم يتجاوز ال1.5 . وبحسب آخر النتائج غير النهائية التي نشرتها وكالة الأناضول الرسمية عقب فرز 99 من أصوات الناخبين فقد صوت 51.3 بنعم للتعديلات الدستورية المثيرة للجدل والتي تمنح إردوغان صلاحيات تنفيذية واسعة في المقابل صوت 48.6 ب(لا) رفضاً للتعديلات. ومن المتوقع أن يفتح إقرار هذه التعديلات الباب واسعاً أمام عودة إردوغان لرئاسة حزب العدالة والتنمية الحاكم خلال الأسابيع المقبلة لكن بدء العمل بالنظام الرئاسي سيستمر التمهيد له قانونياً حتى الانتخابات الرئاسية المقرر عقدها نهاية عام 2019. ومن المتوقع أن تؤدي هذه التعديلات إلى تغيير نظام الحكم في البلاد وشكل الدول وإدارتها بالإضافة إلى مستقبل إردوغان السياسي الذي تمكنه هذه التعديلات من الاستمرار في الحكم حتى عام 2029 وستفتح صفحة جديدة في العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي سيكون عنوانها الأبرز التصعيد على الأغلب. وبينما أيد حزبا العدالة والتنمية الحاكم والحركة القومية المعارض التعديلات عارضها حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة والشعوب الديمقراطي الكردي وأحزاب يسارية وعلمانية أخرى وهو ما ظهر واضحاً في النتائج حيث رفضت المدن ذات الأغلبية الكردية في جنوب وشرق البلاد التعديلات بنسبة قاربت 80 لا سيما في مدينة ديار بكر عاصمة جنوب البلاد. كما سيطر الرفض على مدن الغرب والساحل التي يسيطر عليها تقليدياً حزب الشعب الجمهوري المعارض لكن المفاجأة الأكبر كانت في خسارة أردوغان لمعقله الرئيسي مدينة إسطنبول أكبر مدن الجمهورية من حيث عدد السكان والناخبين حيث تقدمت المعارضة بأكثر من 51 وهو ما حصل في العاصمة أنقرة في الوقت الذي عارضت مدينة أزمير معقل الأتاتوركيين الأتراك التعديلات بشكل ساحق. وتركز دعم التعديلات الدستورية في مدن ساحل البحر الأسود ووسط الأناضول لا سيما مسقط رأس أردوغان في مدينة ريزه والمدن الكبرى المحيطة بها بالإضافة إلى مدينة قونيا مسقط رأس أحمد داود أوغلو الذي دعم أردوغان عندما شارك في اجتماع التأييد للتعديلات الدستورية في المدينة الجمعة الماضية إلى جانب أردوغان. وبلغت نسبة التصويت في الاستفتاء أكثر من 87 من أصل 55.3 مليون ناخب يحق لهم التصويت بسبب التجاذب الحاد الذي شهدته الأيام الأخيرة التي سبقت الاستفتاء وساهمت في تحشيد الشارع بشكل كبير جداً ومن شأن هذه النتيجة أن تساهم في دعم الاقتصاد الذي عانى كثيراً خلال الأشهر الأخيرة من عدم الاستقرار السياسي في البلاد. وتشمل التعديلات الدستورية إلغاء منصب رئيس الوزراء ومنح الرئيس الصلاحيات التنفيذية كاملة بما يشمل تعيين الوزراء والسفراء وأعضاء في المحكمة الدستورية والهيئات الهامة في البلاد بالإضافة إلى خفض سن الترشح للبرلمان إلى 18 عاماً ورفع عدد النواب إلى 600. ويقول الحزب الحاكم إن هذه التعديلات سوف تجلب الاستقرار إلى البلاد وستقضي على زمن الحكومات الائتلافية الضعيفة والمشاكل التي تحصل بين الرئيس ورئيس الوزراء وستؤدي إلى تعزيز استقلالية القرار التركي وتعزز من استقلالية القضاء وإمكانية محاكمة الرئيس. لكن المعارضة في المقابل تقول إن النظام الجديد يمهد إلى حكم أكثر سلطوية لأردوغان ويمنحه جميع الصلاحيات التنفيذية ويتيح له البقاء في الحكم حتى عام 2029 وأنه سيؤثر سلباً على الحريات والديمقراطية بشكل كبير. وحذرت من أن التصويت ب(نعم) سوف يؤدي إلى عودة تركيا عشرات السنوات إلى الوراء