إننا نعيش في بيئات مضطربة وصراعات عنيفة ترهقنا وتؤلمنا فمع التحول الكبير في جميع شؤون حياتنا وما رافقه من صراعات فكرية وأزمات سياسية ومع الإحباطات الشديدة التي يعانيها كل فرد منا نظل نحنّ إلى ذلك الملاذ الآمن تلك هي(الأسرة) التي تمتص كل ما بنا من خوف وقلق وتعب وتوتر تنعشنا وتمدنا وتحفزنا وتعطينا كل ما نفتقده في عالمنا الخارجي من الألفة والحب والاستقرار والانتماء. وهناك خصائص مشتركة في كل أسرة منها على سبيل المثال لا الحصر: - أن الأسرة ضرورة حتمية بفرضها الواقع والطبيعة البشرية - وأنها عماد المجتمع وأحد مرتكزاته الأساسية. - وأن لكل أسرة نظام محدد ودستور تسير بتعليماته. - وأن الأسرة تتصف بالاستمرارية فلا تموت إلا بوفاة جميع أعضائها. أهم وظائف الأسرة: - الوظيفة البيولوجية :تنحصر في الإنجاب وحفظ النوع وتحديد أو تنظيم النسل وقد تكفلت الفحوصات المخبرية بإيجاد العلاج المناسب لخلق لبنة أسرية نقية خالية من الأمراض والعاهات الوراثية ومبنية على التجاذب الجيني والتجانس البيولوجي واختيار الأصلح للأصلح. - الوظيفة النفسية :إن تزويد أفراد الأسرة بالإحساس بالأمن والاستقرار والتوافق النفسي من أهم الوظائف من خلال معالجة المشكلات وحلولها وتنمية الثقة بالذات وإعطاء كل فرد شعورا بقيمته وأهميته في الأسرة لأن إحساس الأبناء بالحب يحميهم من أي انفعال عاطفي طائش ربما يعرضهم للهلاك كما أن الجو العام الذي يعيش فيه الأبناء من تقبل أو رفض ومحبة أو جحود وفتور كل هذا يطبع علامات على شخصيتهم. - الوظيفة التربوية :تقع مسؤولية تربية الأبناء على الوالدين في المرتبة الأولى والتربية في معناها الشامل لا تعني توفير الطعام والشراب والكساء والعلاج وغير ذلك من أمور الدنيا بل تشمل كذلك ما يصلح الإنسان ويسعده منها غرس القيم والفضائل الكريمة والآداب والأخلاقيات والعادات الاجتماعية التي تدعم حياة الفرد وتحثه على أداء دوره في الحياة ومنها غرس مفاهيم حب الوطن والانتماء وترسيخ معاني الوطنية في أفئدة الأبناء بالتضحية والدفاع عنه ومنها أيضا التخطيط الجيد أثناء الإجازات والعطل الصيفية للاستفادة من أوقاتها فيما يعود بالنفع على الفرد والأسرة والمجتمع من خلال توجيه طاقاتهم إلى البرامج العلمية النافعة والدورات التدريبية المفيدة وممارسة الرياضة البدنية ومنها إبعادهم عن المواد الإعلامية المضرة وتقديم البديل النافع لهم من الوسائل المسموعة أو المرئية أو المكتوبة ومنها إبعادهم عن رفاق السوء فمعظم الجرائم وتعاطي المخدرات والانحراف الفكري يقف خلفه رفاق السوء. - الوظيفة الاجتماعية: تعليم الأبناء الكيفية السليمة للتفاعل الاجتماعي وتكوين العلاقات الاجتماعية من خلال ما يتعلمه الأبناء في محيط الأسرة من أشكال التفاعل الاجتماعي مع أفراد الأسرة وعلى الأسرة تكييف هذا التفاعل وضبطه على النحو الذي يتوافق مع قيم المجتمع ومثله ومعاييره بما يجعلهم قادرين على التفاعل مع الآخرين في المجتمع لأن العلاقة بين الفرد والأسرة والمجتمع فيها كثير من الاعتماد المتبادل ولا يمكن لأحدهم أن يستغني عن الآخر فالأسرة ترعى شؤون الأفراد منذ الصغر والمجتمع يسعى جاهداً لتهيئة كل الفرص التي تمكن هؤلاء الأفراد من أداء أدوارهم الاجتماعية وتنمية قدراتهم بالشكل الذي يتوافق مع أهداف المجتمع. هذا التكامل الاجتماعي المشترك يتطلب إمداد الأبناء بالاتجاهات والمهارات اللازمة للعمل بفاعلية في خدمة المجتمع كالتطوع في الأعمال الخيرية لمساعدة الأسر الفقيرة والمحتاجة أو دعم الجمعيات والنشاطات الاجتماعية من خلال تشجيع الأهل لأطفالهم وإشراكهم في المناسبات وغرس حسن التصرف والسلوك لدى الأبناء وتربيتهم وتلقينهم ثقافة المجتمع وتقاليده وتهيئتهم لتحمل مسؤولياتهم الاجتماعية على أكمل وجه فبفضل الجو الأسري والمحيط العائلي والبيئة المجتمعية تنتقل إلى الناشئة تقاليد أمتهم ونظمها وأعرافها بل وعقائدها وآدابها وفضائلها وتاريخها فإذا وفقت الأسرة في أداء هذه الوظيفة الاجتماعية الجليلة حققت البيئة الاجتماعية آثارها البليغة في المجال التربوي . فالأبناء في كثير من الأحيان يتخذون من آبائهم وأمهاتهم وبقية أفراد الأسرة القدوة والمثل الأعلى في السلوك لذا يجب أن يكون أفراد الأسرة خير قدوة للأبناء بالتزامهم معايير المجتمع والفضائل والآداب الحسنة. - الوظيفة الاقتصادية: إن توفير الدعم المادي لما يضمن حياة كريمة لأفراد الأسرة يأتي من خلال التخطيط للدخل والإنفاق بما ينفعها وكذا تأمين المستقبل بتوفير جزء من الدخل. - الوظيفة العقلية: يقول علماء النفس أن الأهل هم المعلم الأول للطفل يتعلم منهم السلوك واللغة والخبرات والمعارف ويتعلم منهم كيف يكون التعلم والاختبار وحل المشكلات ومن الأهل يحدد الطفل موقفه إما ان يصبح محبا للتعلم وتحصيله والإقبال عليه أو يكون كارها له غير آبه به وكم يكون جميلا لو توصلنا إلى منهج ملائم ومناسب نسير عليه للوصول إلى هذه الغاية.