وجدت قطر نفسها صباح الاثنين في حصار بري وبحري وجوي كامل من الجهات كافة باستثناء حدودها مع إيران، بعد أن قطعت بضع دول خليجية وعربية علاقاتها بالدوحة بشكل متزامن، حسب ما أشارت إليه تقارير إخبارية. وتقع قطر في شرق شبه الجزيرة العربية في جنوب غرب آسيا، مطلة على الخليج العربي، ولها حدود برية مشتركة من الجنوب مع السعودية فقط، و حدود بحرية مع الإماراتوالبحرينوإيران. وأعلنت السعودية والإماراتوالبحرين، إضافة إلى مصر، فجر الاثنين قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر على المستويات كافة، وإغلاق الأجواء والموانئ والطرق البرية مع قطر. وتسبب الموقف الخليجي الغاضب من سياسة الدوحة الخارجية ودعمها لدول وجماعات مناهضة لأشقائها الخليجيين، في عزل قطر بشكل شبه كامل باستثناء قدرتها على استخدام حدودها البحرية والمجال الجوي مع إيران للتواصل مع العالم الخارجي. وسيتسبب قرار المقاطعة الخليجية في تغييرات واسعة بحركة مرور الطيران من وإلى الدوحة، ما سيجبر شركات طيران عالمية نشطة في المنطقة على التنسيق مع السلطات القطرية لإيجاد ممر آمن لها. كما ستجد قطر نفسها في موقف مماثل مع حركة السفن البحرية التي سيكون ممنوعًا عليها استخدام الموانئ أو المياه الإقليمية لدول الخليج المحاذية لقطر. "انقلاب عربي" على قطر! أعلنت كل من السعودية والإماراتوالبحرين ومصر قطع علاقاتها الدبلوماسية مع دولة قطر، وإغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية كافة منها وإليها، ومنع دخول أو عبور القطريين إلى المملكة لأسباب أمنية، في خطورة تاريخية في العلاقات بين دول الخليج.. نقلت وكالة الأنباء السعودية عن مصدر مسؤول قوله "اتخذت المملكة العربية السعودية قرارها الحاسم هذا نتيجة للانتهاكات الجسيمة التي تمارسها السلطات في الدوحة سرا وعلنا طوال السنوات الماضية، بهدف شق الصف الداخلي السعودي والتحريض للخروج على الدولة والمساس بسيادتها، واحتضان جماعات إرهابية وطائفية متعددة تستهدف ضرب الاستقرار في المنطقة ومنها جماعة (الإخوان المسلمين) و(داعش) و(القاعدة)". وقال المصدر إن المملكة اتخذت القرار "انطلاقا من ممارسة حقوقها السيادية التي كفلها القانون الدولي، وحماية لأمنها الوطني من مخاطر الإرهاب والتطرف". بدورها قالت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية، إن الحكومة المصرية قررت قطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة قطر. ونقلت الوكالة بيانا لوزارة الخارجية يقول: "قررت حكومة جمهورية مصر العربية قطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة قطر، في ظل إصرار الحكم القطري على اتخاذ مسلك معاد لمصر وفشل المحاولات كافة لإثنائه عن دعم التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم الإخوان الإرهابي وإيواء قياداته، الصادر بحقهم أحكام قضائية في عمليات إرهابية استهدفت أمن وسلامة مصر". وفي الأثناء، أعلنت الإمارات قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر ومنع دخول القطريين إليها، وأمهلت المقيمين والزائرين القطريين 14 يوما لمغادرة البلاد لأسباب أمنية. وقالت وكالة أنباء الإمارات على حسابها بموقع تويتر: "الإمارات تقرر قطع العلاقات مع قطر بما فيها العلاقات الدبلوماسية، وإمهال البعثة الدبلوماسية القطرية 48 ساعة لمغادرة البلاد". وأضافت الوكالة: "الإمارات تقرر منع دخول أو عبور المواطنين القطريين إلى الدولة... الإمارات تمنع المواطنين الإماراتيين من السفر إلى دولة قطر أو الإقامة فيها أو المرور عبرها". من جهتها أعلنت مملكة البحرين عن قطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة قطر وسحب البعثة الدبلوماسية البحرينية من الدوحة، وإمهال جميع افراد البعثة الدبلوماسية القطرية 48 ساعة لمغادرة البلاد، مع استكمال تطبيق الإجراءات اللازمة "وذلك حفاظا على أمنها الوطني". وقالت في بيان نشر على وكالة الأنباء البحرينية، إنه تم "غلق الأجواء امام حركة الطيران وإقفال الموانئ والمياه الإقليمية أمام الملاحة من وإلى قطر خلال 24 ساعة من إعلان البيان". وتابع البيان أن ذلك جاء "استنادا إلى "إصرار دولة قطر على المضي في زعزعة الأمن والاستقرار في مملكة البحرين، والتدخل في شؤونها والاستمرار في التصعيد والتحريض الإعلامي، ودعم الأنشطة الإرهابية المسلحة، وتمويل الجماعات المرتبطة بإيران للقيام بالتخريب ونشر الفوضى في البحرين، في انتهاك صارخ لكل الاتفاقات والمواثيق ومبادئ القانون الدولي، دون أدنى مراعاة لقيم أو قانون أو أخلاق أو اعتبار لمبادئ حسن الجوار أو التزام بثوابت العلاقات الخليجية، والتنكر لجميع التعهدات السابقة"، على حد زعمها. التحالف العربي بنهي مشاركة قطر وأعلنت قيادة التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن الاثنين إنهاء مشاركة قطر في هذا التحالف "بسبب ممارساتها التي تعزز الإرهاب". وقالت قيادة التحالف في بيان نشرته وكالة الانباء السعودية إنها "قررت إنهاء مشاركة دولة قطر في التحالف بسبب ممارساتها التي تعزز الإرهاب ودعمها تنظيماته في اليمن ومنها القاعدة وداعش وتعاملها مع المليشيات الانقلابية في اليمن". وأيدت الحكومة اليمنية إنهاء مشاركة القوات القطرية ضمن التحالف العربي، معلنة بدورها قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر. كما أعلنت الحكومة الليبية المؤقتة في وقت لاحق قطع علاقاتها مع الدوحة. الإجراءات المشتركة الصادرة من السعودية والإماراتوالبحرين ضد قطر تمثلت في: قطع العلاقات الدبلوماسية معها، وإمهال البعثات الدبلوماسية القطرية 48 ساعة لمغادرة الدول ال3، ومنع دخول أو عبور المواطنين القطريين إلى الدول ال3، وإمهال المقيمين والزائرين القطريين 14 يوما لمغادرة الدول ال3. وشملت الإجراءات منع مواطني الدول ال3 من السفر إلى دولة قطر أو الإقامة فيها أو المرور عبرها، وإغلاق كافة المنافذ البرية البحرية والجوية خلال 24 ساعة أمام الحركة القادمة والمغادرة إلى قطر، واتخاذ الإجراءات القانونية والتفاهم مع الدول الصديقة والشركات الدولية بخصوص عبورهم بالأجواء والمياه الإقليمية الإماراتية من وإلى قطر، وذلك لأسباب تتعلق بالأمن الوطني الإماراتي. وعبرت الدول ال3، في بياناتها، عن أسفها للوصول إلى هذه القرارات بسبب السياسات القطرية، مؤكدة احترامها وتقديرها البالغين للشعب القطري، لما يربطها معه من أواصر القربى والنسب والتاريخ والدين. وفي الساعات الأولى من صباح امس الاثنين أعلنت السعودية ومصر والإماراتوالبحرين قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر بسبب دعمها لجماعات إرهابية. وهذه الإجراءات أكثر صرامة من إجراءات أخرى اتخذت خلال شقاق دام 8 أشهر في 2014، عندما سحبت السعودية والبحرينوالإمارات سفراءها من الدوحة. لكن الأجواء لم تغلق آنذاك ولم يتم طرد القطريين. قطر ترد من جهتها، ردت وزارة الخارجية القطرية، الاثنين، على قرار قطع العلاقات التي اتخذته كل من السعودية والإماراتوالبحرين ضدها. وأعربت وزارة الخارجية القطرية في بيان لها عن بالغ أسفها واستغرابها الشديد من قرار كل من السعودية والإماراتوالبحرين بإغلاق حدودها ومجالها الجوي وقطع علاقاتها الدبلوماسية، علما بأن هذه الإجراءات غير مبررة وتقوم على مزاعم وادعاءات لا أساس لها من الصحة. وقالت الخارجية: "لقد تعرضت دولة قطر إلى حملة تحريض تقوم على افتراءات وصلت حد الفبركة الكاملة ما يدل على نوايا مبيته للإضرار بالدولة، علما بأن دولة قطر عضو فاعل في مجلس التعاون الخليجي وملتزمة بميثاقه، وتحترم سيادة الدول الأخرى ولا تتدخل في شؤونها الداخلية كما تقوم بواجباتها في محاربة الإرهاب والتطرف". وأضافت أنه "من الواضح أن الحملة الإعلامية فشلت في إقناع الرأي العام في المنطقة وفي دول الخليج بشكل خاص، وهذا ما يفسر التصعيد المتواصل". وأشارت الخارجية إلى أن "اختلاق أسباب لاتخاذ إجراءات ضد دولة شقيقة في مجلس التعاون لهو دليل ساطع على عدم وجود مبررات شرعية لهذه الإجراءات التي اتخذت بالتنسيق مع مصر والهدف منها واضح وهو فرض الوصاية على الدولة وهذا بحد ذاته انتهاك لسيادتها كدولة وهو أمر مرفوض قطعيا" . وشددت على أن "الادعاءات التي وردت في بيانات قطع العلاقات التي أصدرتها الدول الثلاث تمثل سعيا مكشوفا يؤكد التخطيط المسبق للحملات الإعلامية التي تضمنت الكثير من الافتراءات". وأردفت وزارة الخارجية أن "هذه الإجراءات التي اتخذت ضد دولة قطر لن تؤثر على سير الحياة الطبيعية للمواطنين والمقيمين في الدولة و أن الحكومة القطرية ستتخذ كل الإجراءات اللازمة لضمان ذلك، ولإفشال محاولات التأثير على المجتمع والاقتصاد القطريين والمساس بهما". وأعربت الخارجية القطرية في بيانها عن أسفها أن الدول الثلاث لم تجد في هذه المرحلة الخطيرة تحد أكثر أهمية ومصيرية لشعوبها من التعرض لدولة قطر ومحاولة إلحاق الأذى بها. دعوات للتهدئة توالت ردود الفعل الدولية على قرار كل من السعودية والإماراتوالبحرين ومصر واليمن إغلاق حدودها ومجالها الجوي وقطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، اليوم الاثنين. فقد أكدت باكستان أنّها ليست لديها أي نية لقطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، وفق ما قال متحدث باسم وزارة الخارجية. وأضاف المتحدّث نفيس زكريا، "، أنّ باكستان "ليست لديها مثل هذه النية"، مؤكداً أن "لا شيء في الوقت الحالي يخص الشأن القطري و(سنصدر) بياناً إذا حدث تطور". عربياً، عبر الأردن عن ثقته بحكمة قادة دول الخليج للتغلب على أي خلافات بينهم. وقال مصدر رسمي "الأردن يتابع التطورات الأخيرة المرتبطة بالأشقاء في الخليج ويثق بحكمة قادة دول الخليج للتغلب على أي خلافات". وفي ردود الفعل أيضاً، قال مسؤول إيراني رفيع، اليوم الإثنين، إن قرار دول عربية قطع العلاقات مع قطر "لن يساعد في إنهاء الأزمة في الشرق الأوسط". وقال حميد أبو طالبي، مساعد الشؤون السياسية بمكتب الرئيس حسن روحاني، على "تويتر"، "، إنّ "عهد قطع العلاقات الدبلوماسية وإغلاق الحدود... ليس وسيلة لحل الأزمة".