أكد لطفي بن باحمد رئيس المجلس الوطني لعمادة الصيادلة، الإثنين، أن هناك ندرة مزمنة في أزيد من 100 صنف هام من الأدوية عبر مختلف الصيدليات وذلك رغم الافراج على برامج الاستيراد قبل 4 أو 5 أشهر من الآن، ويضطر كثير من المرضى إلى اعتماد طرق خاصة في الحصول على الأدوية المفقودة، لعل أهمها "توسل محسنين" مقيمين في الخارج موافاتهم بها عن طريق "الكابة". وأوضح بن باحمد في برنامج ضيف التحرير للقناة الثالثة للإذاعة الوطنية أنه وبعد أن كان استيراد الأدوية يراعي المواصفات المتعلقة بالسعر والنوعية والشروط التقنية فقط فإنه اليوم وضمن اجراءات ضبط واردات الأدوية يخضع لتقليص كمية الحصص المستوردة، الأمر الذي كان له التأثير المباشر على المخزون الاحتياطي للأدوية مقابل الطلب المتزايد. وعلاوة على ذلك أضاف المتحدث ذاته فإن هناك أدوية ممنوعة من الاستيراد لكنها في المقابل لم تسجل بغرض إنتاجها محليا. وراهن باحمد في هذا الخصوص على دور الوكالة الوطنية للأدوية التي ستصبح سلطة ضبط لسوق الدواء، والتي من شأنها تنظيمه وتطويرالانتاج الوطني وضمان النوعية داعيا إلى ضرورة توفير الامكانيات المادية والبشرية لها وترقية أدوات الضبط. وأبرز رئيس المجلس الوطني لعمادة الصيادلة الدكتور لطفي بن باحمد أن الحل يبقى في دعم الانتاج الوطني مقدرا نسبة تغطيته للسوق الوطنية ب55 بالمائة. وتعيش صيدليات الجزائر ندرة في العديد من الأدوية منذ عدة شهور، فيما تبقى الأسباب وراء هذه الندرة محل تقاذف بين المنتجين والمستوردين الذين يحملون وزارتي التجارة والصحة مسؤولية غياب أكثر من 100 دواء من على رفوف الصيدليات. وبين الحكومة التي تنفي وجود أزمة أدوية، يبقى المريض وحده من يعاني، في ظل استمرار ندرة بعض الأصناف، التي تعدّت الصيدليات وطاولت المستشفيات، التي باتت تسجل عجزاً في العقاقير المعالجة لبعض الأمراض منها القلب والشرايين والسكري. وبحسب مسعود بلعامري، رئيس النقابة الجزائرية للصيادلة الخواص، فإن "نقابته سجلت ندرة في 210 أنواع من العقاقير أغلبها مستورد، والبعض منها مصنع محلياً لكنه مفقود بسبب غياب المواد الأولية". وأرجع بلعامري في تصريح لموقع "العربي الجديد" نقص الأدوية إلى تأخر إفراج وزارتي الصحة والتجارة عن برامج الاستيراد، وهي عبارة عن رخص إدارية تحدد أنواع الأدوية والمواد الصيدلانية المعنية بالإجراء والكمية المسموح باستيرادها. وقال إن "هذه الرخص تمنح عادة في الشهر العاشر من كل سنة أي في أكتوبر، إلا أنه لم يتم منحها في 2016، وتم تأجيلها إلى نهاية فيفري من العام الحالي وكانت بطريقة استثنائية وبكمية ضئيلة سرعان ما نفدت". وعن الأدوية التي شهدت ندرة في المعروض، أوضح رئيس النقابة الجزائرية للصيادلة الخواص أنها "أدوية متعلقة بالأمراض المزمنة كالسكري وضغط الدم والتهاب الكبد الفيروسي وبعض المضادات الحيوية". ولم تتوقف الندرة على رفوف الصيدليات بل تعدتها إلى صيدليات المستشفيات، التي باتت تجد صعوبة في ضمان حق دستوري وهو "العلاج المجاني للجميع" إذ أصبحت بعض المؤسسات العلاجية تطلب من المرضى أن يقتنوا الأدوية بأموالهم الخاصة، وكثيراً ما يتم جلب هذه الأدوية من أوروبا عن طريق تجار "الشنطة". وكشف إلياس جليجل، عضو النقابة المستقلة للممرضين، أن "الصيدلة المركزية أبلغت المستشفيات بندرة بعض الأدوية ودعتهم إلى التعامل الحذر مع هذه الحالة". وكانت نقابات الصيادلة وموزعو الأدوية قد حذرت في فيفري الماضي من حلول أزمة أدوية، حين طالبت وزارتي الصحة والتجارة بالإسراع في عملية الإفراج عن رخص استيراد الأدوية، التي تم وضعها من جانب الحكومة في إطار خطة لكبح فاتورة الواردات بعد أن تراجعت عائدات النفط. وقالت حسيبة بولمرقة، رئيسة جمعية موزعي المواد الصيدلانية في حديث ل"العربي الجديد" إنه من المؤسف عدم استجابة الحكومة للتحذيرات التي أطلقها فاعلون في قطاع استيراد وتسويق الأدوية. وقالت بولمرقة: "الحكومة فضلت استعمال سياسة الهروب إلى الأمام من خلال رفضها الحديث عن وجود أزمة أدوية في الجزائر"، مضيفة أن "الحل اليوم هو في منح رخص مستعجلة للمستوردين ولمصنعي الأدوية من أجل استيراد بعض المواد الأولية، حيث يغطي الإنتاج المحلي للأدوية في الحالات العادية 61 بالمائة من احتياجات البلاد، لكن هذه النسبة تقلصت اليوم بسبب غياب المواد الأولية".