أدت السياسة الاقتصادية الجديدة الرامية إلى تقليل حجم الاستيراد التي مست المواد الصيدلانية والأدوية، إلى حدوث ندرة في أنواع كثيرة منها، ما أدى إلى انتعاش المتاجرة بها بطرق غير قانونية، عبر وكلاء الأدوية أو عبر مسافرين إلى دول أجنبية، فاتحة المجال أمام ”تجّار الكابة” الذين طرحوا أنفسهم كبديل صيدلاني يمول رفوف الصيدليات ودواليب المرضى في الجزائر. أوضح رئيس مجلس نقابة الصيادلة لطفي بن باحمد، أن هناك بين 15 إلى 20 دواء يمكن تقليدها تستورد بطريقة غير قانونية، وتباع دون وصفة طبية في بعض الصيدليات. كما أكدت وزارة الصحة كخلاصة تحقيق أجرته، أن ندرة بعض الأدوية هي حقيقة مؤكدة، بعدما كانت محل نفي من قبل الوزير عبد المالك بوضياف، مرجعة ذلك إلى تورط أسماء معروفة في مجال صناعة وتسويق الأدوية في افتعالها، عبر تخزين كميات من الأدوية خاصة بالأمراض الحساسة، دون أن تكشف الوزارة عن مصيرهم. وخلصت وزارة الصحة والسكان إلى تقليص عدد الأدوية المستوردة، بمنع 257 نوعا من الأدوية بحجة إمكانية إنتاجه محليا، ما خلق أزمة ندرة بعض الأدوية في الجزائر منذ منتصف السنة الماضية، حتى باتت رفوف الصيدليات وطاولات المستشفيات عاجزة عن ضمان الحد الأدنى من العلاج في بعض التخصصات، كأمراض القلب والشرايين والسكري. وحسب موقع ”العربي الجديد” الإلكتروني فقد أنعشت ندرة هذه الأدوية الحيوية على غرار ”بانوتيل”، ”اُوتي باكس”، ”ستيل نوكس” وأيضاً ”أتيميل 10” وقبلها ”سانتروم”، تجارة الأدوية بطرق غير قانونية، عبر وكلاء الأدوية أو عبر مسافرين إلى دول أجنبية، كما فتحت الباب أمام ”تجّار الكابة” الذين طرحوا أنفسهم كبديل للصيدليات، وفي كثير من الأحيان أصبحوا هم الذين يمولون رفوف هذه الأخيرة. وتسبب النقص الفادح في قائمة طويلة من الأدوية الضرورية في مشاكل وتعقيدات صحية كثيرة تحملها المرضى البسطاء الذين يتنقلون بين الصيدليات، باحثين عن علبة دواء مصيرية ترهن حالتهم الصحية. وفي الوقت الذي كان خيار التوجه إلى ”تجار الشنطة” متاحا للبعض، عجز آخرون عن توفيره لأسباب مادية بالدرجة الأولى. وفي السياق ذاته تقول زكية بوحرارة، 56 سنة، التي تعاني من مرض بالقلب، إنها كانت تقف عاجزة أمام ندرة دواء ”سانتروم” قبل أن تهتدي إلى حل تمثل في اتفاقها مع أحد الشبان الذي يعمل في التجارة الحرة، والذي اتخذ المتاجرة بهذه الأنواع من الأدوية النادرة في الجزائر. وهي المعاناة التي يتقاسمها عدد كبير من المرضى الذين يعانون في صمت مع كل مرة تنفذ فيها علبة دواء نادر أو منع استيراده في الجزائر. من جهتهم، يقف الصيادلة مكتوفي الأيدي أمام حاجة المرضى لأنواع خاصة من الأدوية. وفي هذا السياق، يوضح الصيدلي عمر جانكي ل”العربي الجديد”، أن دواء ”سانتروم” موجود اليوم لكن بكميات ضئيلة لا تغطي حجم الطلب، حتى الأدوية البديلة له مستوردة أيضا ويستغرق استيرادها برخص استثنائية وقتا طويلا. ويضيف:”كثيرة هي الأدوية غير المتوفرة اليوم خاصة بالأمراض المزمنة وغير المزمنة، منها مثلاً ”كولبوتروفين” للأمراض التناسلية عند النساء و”سانتو سينون” الخاص بالحوامل، هي أدوية لا يوجد ما يعوضها وتعود ندرتها إلى 2014، أي قبل تحديد قائمة الأدوية الممنوع استيرادها، ويقدم جزائريون بكثرة على شراء الأدوية من الخارج ربحا للوقت”.