بعد حوالي عشر سنوات من الأخذ والرد والتأجيل، فصلت أخيرا محكمة الجنايات بمجلس قضاء العاصمة في واحدة من أغرب وأطول القضايا الجنائية المطروحة أمامها، والمتعلقة بقضية القتل العمدي مع سبق الإصرار والترصد نفذها صديق ضد صديقه المقرب، وتعود وقائعها إلى سنة 2000، ويعود سبب تأجيل القضية في كل مرة طيلة السنوات السابقة إلى طلب إجراء الخبرة العقلية على المتهم، بعد أن اتضح أنه لم يكن يتمتع بكامل قواه العقلية. تعود تفاصيل هذه القضية الشائكة إلى ذات ليلة من ليالي شهر جانفي سنة 2000 حيث التقى »ح. ف« بصديقه »ح.ع«، الذي كان دائم التواصل معه بحكم أنهما كانا يعملان سويا في تجارة الخضر والفواكه، وفي ليلة الوقائع توجه المتهم »ح. ف« رفقة صديقه الضحية إلى شقتهما المتواجدة بحي باب الزوار وهناك قتله باستعمال خنجر بتوجيه طعنات قاتلة له على مستوى الرقبة والبطن والقلب قبل أن يلوذ بالفرار. وكان والد المتهم هو من اكتشف الجريمة، حيث صرح أنه انتقل إلى شقة ابنه وفتح الباب واكتشف أمر الجثة فأبلغ مصالح الأمن التي تنقلت إلى شقة المجني عليه وتم فتح التحقيق في القضية، وفي هذه الأثناء وبعد مرور ثلاثة أيام من الواقعة تقدم المتهم إلى مصالح الأمن وسلم نفسه وصرح أنه من قام بقتل صديقه. وبعد تحريك الدعوى القضائية استمع قاضي التحقيق إلى المتهم الذي أكد أنه قام بقتل صديقة بطعنات قاتلة بواسطة خنجر أخفاه في ثيابه لمدة 15 يوما قبل الوقائع وذلك للانتقام منه، بعد أن شك في وجود علاقة حميمة بينه وبين زوجته، كما أنه مارس عليه الشذوذ مرتين عندما كان تحت مفعول المخدرات التي وضعها له الضحية في كأس المشروب حسب تصريحاته. وخلال موعد محاكمته تبيَّن أن المتهم كان يعاني من مرض عقلي وجنون، أما دفاع المتهم فقد كان في كل مرة عبر 10 سنوات يطالب بإجراء خبرة عقلية كي يتأكد من سلامته العقلية وقت ارتكاب جريمة القتل، حيث أسفر ذلك عن صدور 10 أحكام قضائية من محكمة الجنايات مفادها إجراء خبرات عقلية آخرها الحكم الذي صدر شهر أوت من السنة الفارطة، والذي تم على إثره تحرير خبرة عقلية على المتهم أثبتت أنه لم يكن في كامل قواه العقلية حين ارتكاب جريمة القتل التي راح ضحيتها »ح.ع«، وهي الدفوع الشكلية التي تمسك بها دفاع المتهم أثناء جلسة محاكمة المتهم، بالإضافة إلى استشهاده بخضوع المتهم للعلاج بمصلحة للأمراض العقلية منذ سنوات. وبعد المداولة القانونية قررت المحكمة قبول الدفع الشكلي الذي أثاره الدفاع والحكم ببراءة المتهم من التهمة الموجهة إليه مع الأمر بإدخاله إلى مستشفى الأمراض العقلية فرانس فانون بالبليدة.