تشديد للقوانين وتصعيد للكراهية ** أصبحت السويد -التي تفخر بتراثها وعادة ما يقترن اسمها بالرفاه والعدالة الاجتماعية- واحدة من الدول الأوروبية التي تنتهج سياسة الحد الأدنى فيما يتعلق بمنح حق اللجوء. فبدأت العمل بفرض رقابة حدودية مشددة وتطبيق قوانين أكثر صرامة لوضع حد لتدفق المهاجرين إليها. وبين تلك الإجراءات منح طالبي اللجوء تصاريح إقامة إنسانية مؤقتة في أغلب الأحيان لمدة 13 شهرا بدلا من الدائمة وكذلك لمّ شمل الأسر بشرط بقدرة اللاجئ على إعالة أفراد عائلته ماديا وإيجاد السكن المناسب لها. ق. د/وكالات بات السويديون بغالبيتهم يؤيدون قرارات تشديد قوانين اللجوء وجعلها أكثر صرامة بعد أن وصلت أعداد طالبي اللجوء الفارين من الحروب في سوريا وأفغانستان والعراق وإريتريا والصومال لهذا البلد الإسكندنافي أرقاما قياسية غير مسبوقة بلغت 181 ألف خلال العامين الماضيين فقط وتمثل هذه الزيادة أعلى النسب للفرد بين دول الاتحاد الأوروبي الأخرى وفق إحصاءات سلطات الهجرة السويدية. انخفاض هائل وخلال العام الماضي انخفضت أرقام طالبي اللجوء إلى نحو 29 ألفا مقارنة مع 2015 حيث بلغ الرقم الإجمالي للوافدين -وفق مصلحة الهجرة السويدية- ما يقارب نحو 160 ألف طلب لجوء بينهم أكثر من 35 ألفا من القُصَّر غير المصحوبين بذويهم. وتقول ليزا بيرغمان الناطقة الإعلامية في مصلحة الهجرة إن أعداد طالبي اللجوء بلغت هذا العام 9055 حتى نهاية ماي الماضي. وتشير بيرغمان إلى أن بلادها استأنفت استقبال اللاجئين ضمن حصتها من برنامج إعادة التوطين التابع للأمم المتحدة منذ منتصف جوان الماضي وأن حصة السويد تبلغ 3400 لاجئ ستقوم الأجهزة المختصة بنقلهم من اليونان وإيطاليا. كما توقعت مصلحة الهجرة استقبال نحو 34700 طالب لجوء لعام 2017 وما بين 25 ألفا و65 ألفا لعام 2018. وكانت الحكومة السويدية أعلنت العام الفائت عن نيتها طرد عشرات آلاف اللاجئين وأثارت قرارات طرد آلاف الأفغان والعراقيين المرفوضة طلباتهم انتقاد المنظمات الإنسانية والحقوقية ومؤسسات المجتمع المدني وأحدثت صدمات نفسية لدى العديد من بين هؤلاء ممن حرموا من حق الإقامة. وذكرت يومية سفنسكا أن نحو ثلاثين ألفا -من الذين رفضت طلباتهم وكان من المقرر ترحيلهم- قد تواروا عن أنظار الأجهزة الأمنية وتفيد الشرطة بأنها تفتقر إلى الموارد اللازمة لتعقب هؤلاء. عزلة وخوف ويحاول اللاجئون في السويد التكييف مع المشاعر المعادية لهم والتي ازدادت كثيرا بعد هجوم ستوكهولم الذي قَام به في أفريل الماضي أوزبكي رفض طلب لجوئه وراح ضحيته خمسة سويديين. ويبدي محمد -وهو لاجئ سوري من دير الزُّور حصل على الإقامة المؤقتة- قلقه من خطاب الكراهية تجاه المهاجرين الجدد. (لدي الظروف التي دفعتي لأن أترك بلدي بحثا عن الأمان والاستقرار وعلى الرغم من أن السويد بلد يحترم كثيرا حقوق الأقليات الدينية لكنني أشعر بالعزلة هنا). ويردف قائلا (أحاول عبثا الاندماج في المجتمع السويدي لكن لديهم تخوف من اللاجئين) وتساءل (لماذا يعزلوننا في مخيمات بعيدة عن وسط المدينة أليس خوفا منا فالإعلام شوّه صورة العرب المسلمين المنشغلين بالحروب في مناطقنا العربية). وغالبا ما تقع مراكز إيواء اللاجئين في مناطق مليئة بالوافدين الجدد بعيدا عن المناطق السكنية المعتادة من السويديين. وهذه العزلة لسكن اللاجئين بمثابة تذكير دائم بانعدام الأمن لدى السكان المحليين. وتشير تقارير إعلامية إلى أنه خلال العامين الماضيين أُحرِقت العديد من مراكز اللجوء في ما يشتبه أنها هجمات متعمدة. وأصبحت الاعتداءات على مراكز إيواء اللاجئين مشهدا يتكرر في كثير من الأحيان بأنحاء عدة من البلاد كان آخرها إقدام رجل يشتبه في أن لديه علاقات مع حركة النازيين الجدد على دعس مجموعة من العراقيين الذين رفضت طلبات لجوئهم في مدينة مالمو جنوب البلاد.