حذّر مراد مدلسي وزير الشؤون الخارجية من إمكانية استغلال بعض الجماعات الإرهابية للأوضاع السائدة في ليبيا كقاعدة لهم بمنطقة الساحل، معبّرا في الوقت ذاته عن استعداد الجزائر لأيّ مبادرة دولية تكون لأجل إيقاف العنف وسفك الدماء الحاصل هذه الأيّام في ليبيا كونه بلد شقيق تربطه علاقة عريقة مع الجزائر التي لاتزال تحترم مبدأ عدم التدخّل المباشر في المشاكل الداخلية للبلدان· وأكّد مراد مدلسي في حوار نشرته جريدة "وول ستريت" الأمريكية في عددها الصادر يوم الاثنين الماضي أنه قد يتمّ استغلال الاضطرابات الخطيرة التي تشهدها ليبيا من قبل جماعات إرهابية بمنطقة الساحل" في بلد ليبيا التي يمكن تستعمل كقاعدة خلفية للإرهاب نظرا للاستعمال الكبير للأسلحة على ترابها الليبي، وهو ما يخشى أن يتمّ استعماله لأغراض لا تكون ليبية، مضيفا أن خطر الاستغلال الإرهابي يمكن أن يتغذّى من وضعية الفوضى هذه في بلد يمكن أن يستعمل كقاعدة خلفية للإرهاب· واستطرد السيّد مدلسي قائلا إنه من الجوهري بالنّسبة للجزائر أن لا تتمّ عرقلة الجهود التي بذلتها في مكافحة الإرهاب والجهود التي تواصل بذلها جرّاء تطوّرات تهدف إلى زعزعة الاستقرار في بلد جار وشقيق تستعدّ الجزائر بشأنه لمرافقة كافّة المبادرات الدولية الرّامية إلى وقف سفك الدماء لكن دون تدخّل مباشر لأن موقف الجزائر حسب الوزير لايزال ثابتا حول مبدأ احترام عدم التدخّل في الشؤون الداخلية لكافّة البلدان، وأشار إلى عدم تدخّل الجزائر ولو لمرّة عندما تدهورت الأوضاع في تونس ثمّ في مصر وأخيرا في ليبيا· وبعد أن اعتبر أنه من الضروري حاليا وقف العنف وتقديم مساهمة قوية في الجهود الرّامية إلى تفادي خطر وقوع أزمة إنسانية حقيقية في المنطقة، أبرز الدبلوماسي الجزائري على رأس الخارجية مساهمة الجزائر الملموسة على مستوى الحدود الجزائرية الليبية والحدود التونسية الليبية من خلال استقبال ومساعدة اللاّجئين من مختلف الجنسيات· علما أنه منذ بداية الأزمة عبر الآلاف من الرّعايا الجزائريين والأجانب الحدود الجزائرية الليبية، بينما تقوم الجزائر حاليا بإرسال مساعدات إنسانية إلى الحدود التونسية الليبية لصالح اللاجئين الأجانب· وعبّر مدلسي عن قلق الجزائر والبلدان العربية حيال الوضع بليبيا وما يمكن أن تقوم به تلك البلدان سيتمّ فعله لتخفيف الضغط على البلدان المجاورة من حيث استقبال اللاجئين ومساعدتهم· وعن سؤال حول وجود محادثات عربية للقيام بوساطة من أجل إيجاد حلّ سلمي للأزمة في ليبيا ذكّر مدلسي بمحتوى التوصيات الصادرة عن عدّة اجتماعات للجامعة العربية بهذا الصدد، والتي تمخّض عنها موقف عربي موحّد، وأكّد أن البلدان العربية التي سجّلت بتأثّر كبير القمع الشديد الذي تعرّض له المدنيون الذين كانوا في البداية يأملون التظاهر بشكل سلمي تعتبر أن الأمر العاجل اليوم هو وقف العنف الذي ينبغي أن يؤدّي إلى فتح حوار بين كافّة الليبيين المعنيين بمستقبل بلدهم، وأشار في السياق ذاته إلى أن وزراء الخارجية العرب قرّروا أن تبقى مشاوراتهم مفتوحة من أجل تشجيع كلّ جهد يمكن للبلدان العربية أن تبذله في اتجاه فتح هذا الحوار الذي يأملونه كثيرا· وخلص الوزير في الأخير إلى أن هذا الحوار كفيل بضمان عودة الأمن والحفاظ على سلامة ووحدة هذا البلد، مؤكّدا أن الموقف العربي يتميّز بقاسم آخر مشترك وهو احترام مبدأ عدم التدخّل·