** ما مدى صحة هذا الأثر: "حاكم ظلوم غشوم خير من فتنة تدوم"· حيث سمعت من البعض ينسبه للإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقرأت في بعض المنتديات على الإنترنت أنه قول لعمرو بن العاص رضي الله عنه، وقرأت أيضا في موضع آخر أنه من أقوال الإمام مالك رضي الله عنه فما الصواب وما مفهوم ومدلول هذا القول؟ * يجيب الدكتور عبدالله الفقية مشرف مركز الفتوى في الشبكة الإسلامية عن هذا السؤال قائلاً: بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد·· فهذا الأثر رواه ابن عساكر في (تاريخ دمشق) عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه قال لابنه عبد الله: يا بني! سلطان عادل خير من مطر وابل، وأسد حطوم خير من سلطان ظلوم، وسلطان غشوم ظلوم خير من فتنة تدوم· اه· وعزاه المناوي في (فيض القدير) للطبراني عن عمرو بن العاص· وإلى عمرو رضي الله عنه نسبه جماعة من أهل العلم، كابن عبد البر في (بهجة المجالس) والثعالبي في (التمثيل والمحاضرة) واليعقوبي في تاريخه، وابن مفلح في (الآداب الشرعية)· وأما المروي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه في هذا الباب فمنه قوله: لا يُصلح الناسَ إلا أميرٌ بر أو فاجر· قالوا: يا أمير المؤمنين هذا البر فكيف بالفاجر؟! قال: إن الفاجر يؤَمِّن الله عز وجل به السبلَ، ويجاهد به العدو، ويجبي به الفيء، وتُقام به الحدود، ويحج به البيت، ويعبد الله فيه المسلم آمنا حتى يأتيه أجله· رواه البيهقي في (شعب الإيمان)· وهذه الأقوال يوردها أهل العلم في التدليل على ضرورة إقامة الإمامة العظمى، التي تُحمَى بها حوزة الدين، وتقام بها حدوده، وتظهر بها شعائره، وتحفظ بها معايش الناس، وتؤمَّن بها سبلهم وبلادهم؛ فمثل هذه الإمامة وإن حصل من صاحبها ظلم فهو خير من حصول فتنة تدوم في الناس بسبب الفوضى التي تُضعف فيها معالم الديانة وشعائر الملة، وتُعطل فيها الحدود، ولا يأمن فيها الناس على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم· فالمراد بالسلطان هنا السلطان الذي يقوم أصله على سيادة الشريعة والانقياد لكتاب الله تعالى، فيحفظ الأموال والأعراض ويحكم بالعدل والحق في الرعية، وإن جار على بعضُهم أو صدر منه ظلم تجاه بعضهم فيُحتمل هذا إن كان البديل لهذا هو الفوضى العامة والفتنة الدائمة· وليس فيما تقدم المنع من الإنكار على السلطان ونصحه بل والتغرير بالنفس في سبيل الله؛ كما في الحديث: أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر· وجعل الشرعُ الرجلَ يقوم إلى إمام جائر فينهاه فيقتله سيدَ الشهداء، ولا شك أن في هذا الترغيب أعلى مراتب الحض على الجهر بكلمة الحق أمام الظلمة، وكلمة الحق قد تقال فرادى وقد تقال جماعات كما في التظاهرات السلمية الحقة التي يعلن الناس فيها مظالمهم ويطالبون بالعدل ورفع الظلم ونحو ذلك· والله أعلم· * ليس فيما تقدم المنع من الإنكار على السلطان ونصحه بل والتغرير بالنفس في سبيل الله؛ كما في الحديث: أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر· وجعل الشرعُ الرجلَ يقوم إلى إمام جائر فينهاه فيقتله سيدَ الشهداء، ولا شك أن في هذا الترغيب أعلى مراتب الحض على الجهر بكلمة الحق أمام الظلمة، وكلمة الحق قد تقال فرادى وقد تقال جماعات كما في التظاهرات السلمية الحقة التي يعلن الناس فيها مظالمهم ويطالبون بالعدل ورفع الظلم ونحو ذلك·