خصصت أسبوعية ''الدعوة'' عددها الصادر أمس لموضوع رفض الأئمة المجتمعين في دار الأمام بمناسبة افتتاح الندوة الشهرية الختامية لصالح الأئمة، الوقوف لتحية النشيد الوطني، ولأهمية الموضوع ارأتأت المستقبل نشره في هذا العدد تعميما للفائدة. شهد افتتاح الندوة الشهرية الختامية لصالح الأئمة بدار الإمام، هذا الاسبوع حادث غريبة تفاجأ لها الحاضرون لرفض بعض الأئمة الجالسين في الصفوف الأمامية بقاعة المحاضرات بدار الإمام الوقوف لتحية النشيد الوطني، بحجة أنها بدعة، الأمر الذي أثار سخط البعض واستهجان البعض الآخر، حيث انتقد مدير الشؤون الدينية لولاية الجزائر مساعدي لزهاري، معتبرا أن هؤلاء الأئمة أساؤوا إلى رمز من رموز الدولة. واستنكر من جهته رئيس المجلس العلمي بمديرية الشؤون الدينية للجزائر العاصمة عمار طالبي بشديد اللهجة ما قام به هؤلاء الآئمة قائلا ''ما نلاحظه اليوم عجيب ولا يقوم على أي سند شرعي ولا فتاوى السلف الصالح ... ولياتوا ببرهانهم إن كانوا صادقين''، ونعت ذات المتحدث تصرفهم ب''الغباء''وعدم فهم الدين، مضيفا أن هذه الأفكار لا تهدف لشيء سوى لزعزعة روح المواطنة في قلوب الجزائريين والتفرقة بينهم، واصفا هذه الأفكار بالشاذة الغريبة عن ثقافة الشعب الجزائري. وفي بحثنا عن الموضوع وجدنا أصله في مجموع فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية - المجلد السادس(العقيدة) ففي إجابة لأحد السائلين عن حكم تحية العلم في الجيش؟ كان الرد "لا تجوز تحية العلم، بل هي بدعة محدثة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ''من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد '' رواه البخاري ومسلم. من هنا بدأنا في البحث عن المسألة فوجدنا تأصيلا صدر هذا العام عن الموضوع مغايرا تماما لما تم ترويجه عبر الانترنت والمواقع الالكترونية وهو ماقام به الدكتورالشيخ عجيل النشمي استاذ الشريعة في جامعة الكويت بعنوان ''التأصيل الشرعي للمواطنة والعلاقة بين المواطنة والانتماءات القومية والعرقية والدينية'' وارتأت الدعوة نشر أجزاء منه ليستفيد القارىء الكريم ------------------------------------------------------------------------ الفتاوى السعودية التي تحرم تحية العلم فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية بالسعودية وقد سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية؛ فأجابت بأنها لا تجوز؛ لأنَّها من البدع المحدثة ؛ وهذا نصها : س : ما حكم تحية العلم في الجيش؟ ج : لا تجوز تحية العلم، بل هي بدعة محدثة، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- : '' من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ '' رواه البخاري ومسلم. وأمَّا تعظيم الضباط باحترامهم وإنزالهم منازلهم فجائز، أما الغلو في ذلك فممنوع سواء كانوا ضباطاً أم غير ضباط . وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. فتوى الشيخ صالح الفوزان قد بيَّن الشيخ صالح الفوزان حكمَ تحية العلم، ووجهَ المنع في فتوى اللجنة الدائمة، وذلك في ردِّه على بعض الكتّاب ، بقوله: ''وأما تحية العلم، فالتحية تأتي بمعنى التعظيم ولا تكون تحية التعظيم إلا لله كما نقول في تشهدنا في الصلوات: (التحيات لله) أي : جميع التعظيمات لله -سبحانه- ملكاً واستحقاقاً فهي تحية تعظيم وليست تحية سلام، فالله يُحَيَّا ولا يسلم عليه، وتأتي التحية بمعنى السلام الذي ليس فيه تعظيم وهذه مشروعة بين المسلمين، قال تعالى: ''فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً(16)'' سورة النور. وقال تعالى: ''وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا(68)'' سورة النساء. وقال تعالى عن أهل الجنة: ''تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ''. وقال تعالى: ''تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ''. وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ''ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم ''. فالسلام إنما يكون بين المسلمين ولا يكون السلام على الجمادات والخرق ونحوها لأنه دعاء بالسلامة من الآفات، أو هو اسم من أسماء الله يدعو به المسلم لأخيه المسلم عليه ليناله من خيراته وبركاته. والمراد بتحية العلم الآن الوقوف إجلالاً وتعظيماً له، وهذا هو الذي أفتت اللجنة الدائمة بتحريمه لأنه وقوف تعظيم، فإن قيل إن في تحية العلم احتراماً لشعار الحكومة. فنقول: نحن نحترم الحكومة بما شرعه الله من السمع والطاعة بالمعروف والدعاء لهم بالتوفيق، واللجنة حينما تبين هذا للمسلمين إنما تبين حكماً شرعياً يجب علينا جميعاً حكومة وشعباً امتثاله، وحكومتنا -حفظها الله وبارك فيها- هي أول من يمتثل ذلك'' . وبهذا يُعلم أنَّ في إثارة هذا الموضوع ما قد يدخل في التنقيب عن الفتن وإيقاظها، كما أنَّ فيه خروجاً على ما جرت عليه الفتوى العامَّة الرسمية التي يسندها الدليل الشرعي ؛ وهما محذوران يناقضان مقاصد الشرع، وطريقة أهل العلم الراسخين، الذين أحال الله عز وجل إليهم في بيان الشرع مع مراعاة كبت الفتن . ومما ينبغي التنبه له أن تحية العلم معمول بها في النشاطات الكشفية التي يتولاها في الغالب مربون أفاضل ؛ فعلى القائمين عليها أن يتقوا الله -عز وجل- ، ويدعوها ؛ ولن نعدم وسائل مشروعة تؤكِّد على أهمية الولاء للأمة وأوطانها؛ ومنها العناية بالنصوص الشرعية التي توجب طاعة الأمير بالمعروف حتى أمير الثلاثة في السفر سواء كان ذلك في طريقة معتادة، أو مبتكرة لا محظور فيها؛ وهي مشروحة في التفاسير وشروح السنة وكتب الفقه ومفصلة في كتب السياسة والآداب الشرعية . ------------------------------------------------------------------------ الشيخ د. سعد العتيبي : ❊ السؤال فضيلة الشيخ: ما حكم تحية العلم؟ وهل تحية العلم محرمة؟ ❊ الجواب: الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. وبعد. فحكم تحية العلم فإنَّ ما يعرف ب (تحية العلم) أحد التقاليد المشتهرة، وهو عمل يكون على هيئة معينة، ويقصد منه التعظيم والإجلال والاحترام، بوصفه شعاراً للدولة ورمزاً لعزتها وقوتها، كما هو واضح في شروح التقاليد العسكرية والكشفية؛ وتعظيم العلم وإجلاله تعظيم لغير الله -عز وجل- وتعظيم لما لم يشرع الله تعظيمه، والتعظيم عبادة تحتاج إلى دليل ولا دليل عليها من الشرع بل هي على خلاف الدليل؛ وعليه فهي غير مشروعة، ومما هو متقرر في قواعد الشرع أنَّ الأصل في العبادات التوقيف، أي أنه يوقف في فعلها عند الحد الشرعي، فإن وجد لها دليل شرعي يشرعها فهي مشروعة، وإلا فتبقى على أصل التحريم ومنع الإحداث في الدين؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- : '' من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردّ''.... ------------------------------------------------------------------------ الشيخ عجيل النشمي: تحية العلم جائزة شرعا صدر حديثا للدكتور الشيخ عجيل النشمي استاذ الشريعة في جامعة الكويت بحث بعنوان "التأصيل الشرعي للمواطنة والعلاقة بين المواطنة والانتماءات القومية والعرقية والدينية'' ركز فيه على تعريف الوطن ومعنى الوطنية والمواطنة والعلاقة بين الوطن والمواطن، مؤصلا لمعنى الوسطية في المواطنة والوطنية، عارجا على امور نشأ حولها لغط كثير وصدرت فيها فتاوى تُحرمها منها تحية العلم، موسيقى الجيش والقيام عند السلام الوطني. ------------------------------------------------------------------------ ونعرض هنا لاجزاء من هذا البحث الموضوعي. يعرف الشيخ النشمي في بحثه معنى الوطن: يقال اوطن الأرض ووطنها وتوطنها واستوطنها، والوطن محل اقامة الانسان ولد به او لم يولد، فكل من استقر مقامه بأرض فهي وطنه لأنه ارتضاها ارضا وتوطنها بغض النظر عن دينه او اصله او جنسه او لونه، وهذا المعنى العام تخصص معناه العلاقات السياسية اليوم، في ظل الظروف والقوانين والدساتير. معنى الوطنية والمواطنة: "الوطنية'' تشير الى شعور الفرد بحبه لمجتمعه ووطنه، واعتزازه بالانتماء اليه، واستعداده للتضحية من اجله. فالوطنية شعور قلبي ووجداني يُترجم في المحبة والولاء والميل والاتجاه الايجابي والدافعية الذاتية للعمل الخلاق الذي يستهدف رفعة الوطن. اما مفهوم ''المواطنة'' فيشير الى الجانب السلوكي الظاهر المتمثل في الممارسات الحية التي تعكس حقوق الفرد وواجباته تجاه مجتمعه ووطنه، والتزامه بمبادئ المجتمع وقيمه وقوانينه، والمشاركة الفعالة في الانشطة والاعمال التي تستهدف رقي الوطن والمحافظة على مكتسباته. تأصيل معنى الوسطية: الكتاب والسنة المطهرة على صاحبها أفضل الصلاة وازكى التسليم يضعان اسس الوسطية بالمعنى المتوازن للوطن والوطنية الذي لا إفراط فيه ولا تفريط، وفي هذا الصدد نعرض للآيات والاحاديث الدالة على المعنى المراد نصا او دلالة او ايماء. دون ان نحمل الآيات والأحاديث ما لا تحتمل. ❊ المعنى الأول : حب الوطن والحفاظ عليه قرين حب النفس والخوف عليها من الهلاك: وذلك في قوله تعالى: (ولو أنا كتبنا عليهم ان اقتلوا انفسكم او اخرجوا من دياركم ما فعلوه الا قليل منهم). ❊ المعنى الثاني: ان من حب الوطن الدعاء له بالأمن وسعة الرزق: ومن ذلك قوله تعالى: (وإذ قال ابراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق اهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الاخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم اضطره إلى عذاب النار وبئس المصير). ❊ المعنى الثالث: اظهار الحب والشوق إلى الوطن: ومن ذلك ما روى انس رضي الله عنه قال: ''كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا قدم من سفر فأبصر درجات المدينة- مرتفعات المدينة- أوضع- أسرع- ناقته وإن كانت دابة حركها''. ❊ المعنى الرابع: اعلان الحنين إلى الوطن والتغني بحبه: ومن ذلك حديث عائشة رضي الله عنها قالت: لما قدم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) المدينة ... فقال: ''اللهم حبب الينا المدينة كحبنا مكة أو أشد، وصححها وبارك لنا في صاعها ومدها، وانقل حماها فاجعلها بالجحفة''. ❊ المعنى الخامس : حب ما في الوطن من معالم لها في النفوس ذكريات ومواقف: ومن ذلك ما ورد عن انس بن مالك رضي الله عنه قال: خرجت مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى خيبر اخدمه فلما قدم النبي (صلى الله عليه وسلم) راجعا وبدا له أحد قال: ''هذا جبل يحبنا ونحبه، ثم اشار بيده إلى المدينة قال اللهم اني احرم ما بين لابتيها كتحريم ابراهيم مكة اللهم بارك لنا في صاعنا ومدنا''. المعنى السادس: الحث على ملازمة الوطن: ومن ذلك ما روي عن عبدالله بن عدي بن الحمراء الزهري اخبره انه سمع النبي (صلى الله عليه وسلم) وهو واقف بالحزورة في سوق مكة فقال: ''والله انك لخير ارض الله وأحب ارض الله إلى الله عز وجل ولولا اني اخرجت منك ما خرجت''. رفع الالتباس الشرعي: كثير من القضايا الوطنية نظن أنها منافية للشرع فيقع السؤال عنها، وسنختار بعض هذه المسائل وهي: تحية العلم، موسيقى الجيش والسلام الوطني عند سماعه. أولا: تحية العلم: يسأل بعض المواطنين شرعية الوقوف لتحية العلم سواء بالنسبة للجنود في الجيش، أو بالنسبة لوقوف الطلاب والطالبات في طابور الصباح، وما جعل السؤال جديرا بالنظر هو صدور فتاوى فردية وجماعية بتحريم تحية العلم - وليس اتخاذ العلم - واعتبار ذلك من البدع، بل منهم من قال ان تحية الرؤساء والزعماء من التشبه بالكفار. ومع احترامنا لهذه الفتاوى إلا ان الذي يظهر ان اتخاذ العلم رمزا للدول أمر عرفي، لا تخلو منه دولة اليوم، وقد كان العرب قبل الإسلام يرفعون الرايات ويحاربون دونها، وكان سقوط الراية اشارة إلى الهزيمة، وكانت الرايات في الإسلام بألوان مختلفة حسب القبائل فالجيش له راية بلون واحد وقد يكون لكل قبيلة لون يميزها. فلا تكاد تسقط حتى يحملها آخر ويكون حامل الراية هو القائد غالبا. وهكذا ظل هذا المعنى راسخا في تاريخ الجهاد الإسلامي، بل هو يستند إلى فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وفعل اصحابه من بعده، حتى نص بعض الفقهاء على استحبابه في الجيش، فالعلم كان له نوع تقدير عندهم لما يرمز اليه من عزة وشموخ وطني لا لذاته أو لونه. وأما الاحترام بالطريقة التي تصاحب أداء التحية برفع اليد بالسلام، أو وضعها على القلب، أو أي وضعية اخرى، لا يعني احترام أو تقديس قطعة القماش، وإنما احترام ما يرمز اليه، فهو رمز الوطن واحترامه بطريقة عرفية وليس فيها مظهر عبادي مثل الانحناء، فلا بدعة في ذلك، وإذا جاز تحية العلم، جاز من باب أولى التحية برفع اليد والانضباط من ذي الرتبة الأقل لمن هو أعلى منه في الجيش أو الشرطة. اما إن كان الوقوف لمجرد سماع السلام الوطني فأرى كراهته، لعدم وجود ما يسوغه شرعا، وما خفف حكمه أنه عرف دولي لا صلة له بقوم أو عبادة. فمن فعله جاز ولكنه فعل خلاف الأولى. وفيما يأتي بيان وتأصيل ما ذكرنا بالنسبة للراية وهي العلم أو اللواء والاهتمام به باعتباره رمزاً. قال ابن اسحاق: - في معركة مؤتة - لما اصيب القوم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اخذ الراية زيد بن حارثة فقاتل بها حتى قتل شهيدا، ثم أخذها جعفر فقاتل بها حتى قتل شهيدا، قال ثم صمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تغيرت وجوه الانصار، وظنوا انه قد كان في عبدالله بن رواحة بعض ما يكرهون، ثم قال أخذها عبدالله بن رواحة فقاتل بها حتى قتل شهيداً. وفي الصحيحين: ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، فأعطاها عليا. وعن يزيد بن جابر الغفري عند ابن السكن قال: عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم رايات الانصار وجعلهن صفرا، وعن انس عند النسائي ان ابن أم مكتوم كانت معه راية سوداء في بعض مشاهد النبي صلى الله عليه وسلم. ومن حديث كرز بن أسامة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه عقد راية بني سليم حمراء. وكانت راية النبي صلى الله عليه وسلم سوداء ولواؤه أبيض. ثانيا: موسيقى الجيش والقيام عند السلام الوطني: الذي نراه في ذلك هو ان موسيقى الجيش والسلام الوطني وإن كان فيها بعض المعازف إلا ان تعلقها بمعالي الأمور ومقاصد الحماسة وعزة الوطن وأمجاده وجريان عرف الدولة بلزومه، فلا تخلو دولة منه. ذلك كله يرجع الحكم بجوازه خصوصا ان حكم المعازف أو الموسيقى المعهودة اليوم مختلف في حكمها بين الحرمة والكراهة والاباحة، ولولي الأمر حينئذ الرجيح بينها باختيار اهل الفتيا في بلده. ولعل اقدم فتوى في جواز موسيقى الجيش الفتوى الواردة جوابا على طلب واصرار والي مصر على مسير قوات الجيش في مكةوالمدينة بصحبة موسيقى الجيش. وهذا مقتطف منها: "وبعد النظر وتقدير الظروف والزمن بما يناسبه ان الموسيقى يعتبرها فريق كبير من اهل نجد وغيرهم من الملاهي التي ان صح أن تكون مسلية للجند ومكملة لنظامهم في السير، فلا يليق ان تستعمل في أماكن العبادة مثل مكة ومنى وعرفات الأماكن التي يكثر فيها التلبية والذكر والنسك وأنا لا أحب ان تظهر حكومة مصر المحبوبة الا بالمظاهر المتفقة مع مكانتها في العالم الاسلامي، وليس لدي من مانع من استصحاب الموسيقى الى جدة. وأما فيما يتعلق بالوقوف عند سماع السلام الوطني او الرئاسي المصاحب للموسيقى بنشيد أو بغير نشيد فإن كان الوقوف مع دخول الرئيس أو الأمير أو الملك ونحوهم في المسميات، فلا بأس به لان القيام للحاكم العادل والعالم أو كرام أهل الفضل له أصل في الجواز الشرعي للقادم اذا كان بقصد، لحديث أبي سعيد الخدري: (ان أهل قريظة نزلوا على حكم سعد بن معاذ - سيد الأوس - فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم الى سعد، فأتاه على حمار، فلما دنا من المسجد، قال للأنصار: قوموا الى سيدكم أو خيركم). قال النووي في شرح صحيح مسلم معلقا على هذا الحديث: فيه إكرام أهل الفضل، وتلقيهم القيام لهم، إذا أقبلوا، واحتج به جماهير العلماء لاستحباب القيام، قال القاضي عياض: وليس هذا من القيام المنهي عنه، وانما ذلك فيمن يقومون عليه، وهو جالس، ويمثلون قياما طوال جلوسه، واضاف النووي: قلت: القيام للقادم من أهل الفضل مستحب، وقد جاء فيه أحاديث، ولم يصح في النهي عنه شيء صريح. ويستحب القيام لأهل الفضل كالوالد والحاكم، لان احترام هؤلاء مطلوب شرعا وأدبا. وقال الشيخ وجيه الدين أبو المعالي في شرح الهداية: واكرام العلماء وأشراف القوم بالقيام سنة مستحبة. وقال ابن القيم: وقد قال العلماء: يستحب القيام للوالدين والامام العادل وفضلاء الناس، وقد صار هذا كالشعار بين الأفاضل. فإذا تركه الإنسان في حق من يصلح ان يفعل في حقه لم يأمن ان ينسبه الى الاهانة والتقصير في حقه، فيوجب ذلك حقدا. وقد ورد (ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا دخلت فاطمة عليه قام اليها فقبلها وأجلسها في مجلسه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم اذا دخل عليها قامت من مجلسها فقبلته وأجلسته في مجلسها). وورد عن محمد بن هلال عن أبيه انه قال: (ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا خرج قمنا له حتى يدخل). وورد عن أنس رضي الله عنه قال: لم يكن شخص أحب اليهم من النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا إذا رأوه لم يقوموا، لما يعلمون من كراهيته لذلك. الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. من لتكوين أئمتنا؟ إن وظيفة الإمام من أهم الوظائف الاجتماعية، ذلك أنه يقدم خدمة لأفراد المجتمع، هذه الخدمة تتعلق أساسا بالجانب الديني والعبادي. والإمام حتى يتمكن من أداء دوره على أحسن وجه ينبغي أن يُحضًّر تحضيرا كافيا ويُدَرَّب تدريبا عاليا حتى ينجح في مهمته هذه. كما أن الإمام يمثل قدوة داخل المجتمع الإسلامي والقدوة أهميتها لا تخفى، لأن الناس في طبعهم يعيشون حالة الضعف بما يوجب تجسيد نماذج واقعية أمامهم تسهل عليهم تطبيق التعاليم الدينية والقيم الأخلاقية. والإمام يكون قدوة في حبه لوطنه وخدمته لجماعة المؤمنين والتضحية من أجل إسعادهم وإشباع حاجاتهم. وعلى هذا يكون الإمام في المقدمة في احترام الرموز الوطنية والوقوف الموقف الذي يعبر عن إخلاصه ووفائه للذين ضحوا من أجل هذا الوطن من شهداء ومجاهدين عبر مختلف الحقب. واحترام النشيد الوطني والراية الوطنية والوقوف استعدادا عند سماح النشيد الوطني هو من التعابير الجدية أمام قضايا الوطن والوقوف بقوة لمواجهة تحدياته، وكل ما يحيي روح الوطنية وروح الجماعة والدفاع عن الأرض والعرض والدولة هو مقصد شرعي غير أن البعض ممن لم تتسع ثقافتهم لإدراك المقاصد الكبرى لهذا الدين العظيم خصوصا ما يتعلق منها بموضوع الوطن والدولة في تركيبتها الحديثة. هؤلاء الذين تشوشت أفكارهم بسبب الدخيل منها والوافد دون غربلة وتمحيص في كل مرة تبرز عنهم مواقف شاذة وجب الوقوف أمامها في إطار تطبيق فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. كما ينبغي على جامعاتنا ومعاهدنا الدينية التي تخرّج الأئمة وكذا عملية الرسكلة والتكوين، ينبغي أول ما تعنى به غرس الوطنية وحب الجماعة المؤمنة وضرورة الانسجام مع المجموع ومع الدولة حتى يكون الإمام وسيلة أساسية لزيادة اللحمة الاجتماعية وتماسك أبناء الوطن من أجل الدفاع عن حياضه والاعتزاز بأمجاده. فمتى يدرك فضلاؤنا أن اتخاذ أي موقف شرعي، لا يكفي فيه قراءة العناوين الكبرى، والشعارات المرفوعة، وترحيل الفتاوى والأقوال الفقهية من أزمنة سالفة تختلف عن واقعنا اختلافاً جوهرياً. متى يدرك هؤلاء أنهم مع حاجتهم ولا شك لكتب السياسة الشرعية، فهم بحاجة كذلك للإطلاع على كتب فكرية وسياسية واقتصادية كتبها متخصصون في هذه العلوم، وليس المقصود جعل هذه الكتب مصدراً وحيداً للمعرفة أو التأثر بخلفيات كتّابها الفكرية ولكن المقصود أن الإطلاع على مصادر متنوعة في المعرفة سوف يكون ولاشك مغذيّا رئيساً لصياغة رؤية شرعية موضوعية للقضايا والأحداث مع التأكيد على ضرورة التسلح بالعلم الشرعي... قالوا عن الخضر ورفع الراية الوطنية أمام العالم في جنوب إفريقيا. ------------------------------------------------------------------------ الشيخ عبد الله محمد الحبيب التجاني نجل الخليفة العام للطريقة التجانية بسم الله الرحمن الرحيم.. نحن نعيش كبقية الشعب الجزائري هذه الظاهرة التي تعتبر ظاهرة التنافس، وهذا التنافس ينشأ أو ينعكس على أمور أخرى، وهي أن ينشأ فينا حب الوطنية، أقول الوطن الذي هو شعبة من شعب الإيمان وينشأ فينا أيضا تشجيع الطاقات المبتكرة في مختلف الميادين التي نرجو أن تحظى أيضا تلك الطاقات بالتشجيع وبالإهتمام وبالرعاية حتى نكون شعبا مبتكرا، ناشطا، عاملا، محافظا على صلواته، محترما لأصوله الدينية، نحن نشجع على هذا،، فقط أوصي أبناءنا على المحافظة على ممتلكات الغير والثروات والمنجزات الوطنية التي نجدها تزداد يوما بعد يوم، والمحافظة أيضا على القيم، وعلى الأصول التي نمثلها كمسلمين، ويكون التشجيع في تسامح ونبتعد عن كل ما يفسد وكل ما يخيب. بالنسبة لمباراة الجزائرإنجلترا هل كنت تتوقع تلك النتيجة؟ في الحقيقة شاهدت المباراة في آخر الدقائق، لأن ظروفي الخاصة لم تسمح لي، لكني وصلت في آخر الشوط الثاني، وأعجبني مجهود الفريق الوطني وأتمنى من الله أن يوفقهم مستقبلا. ------------------------------------------------------------------------ الشيخ أحمد التجاني (شقيق محمد الحبيب التجاني) بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على نبيه الكريم. ليس لدي ما أقوله إلا أن أتمنى الخير الكثير لهذا الوطن العزيز والنجاح لفريقنا الوطني في كل مواعيده الرياضية الهامة . حقيقة أنا جد شاكر لهذا الفريق الوطني، عما بذلوه من جهد، وبكل صراحة كنا ندعو الله سبحانه وتعالى أن تفوز الجزائر، وبالرغم التعادل الذي أحرزناه مع إنجترا إلا أنه لاحظنا ولاحظ كل العالم بأن الجزائر عادت إلى ساحة الكبار بفضل شبابها وأقول لكم لقد شاهدت المباراة مع الأسرة وكان الجو حماسيا ولا أخفي عليك ككل جزائري نتميز بحماس وبتشجيع مميز. مأمون القاسمي يدعو الشعب الجزائري إلى الاعتزاز بشخصيته وأصالته في ملبسه قال مأمون القاسمي ل''الدعوة'' إن مناصرة الفريق الوطني من منطلق الوطنية هو شيء محبب، في حين أنه يعزز الانتماء إلى الوطن والاعتزاز بالهوية. وأما فيما يخص اللباس الذي يعبر عن الفريق الوطني بحمله لأسماء وصور اللاعبين التي أصبحنا نراها في كل مكان، يقول قاسمي أنا لا أرى بأسا في هذا، شرط أن يكون اللباس محتشما يحمل ألوانا ورموزا وطنية، وأن يكون مكتوبا عليه اسم الجزائر باللغة العربية، في حين إذا كانت هذه الألبسة تحمل شعارات ورموزا أجنبية إضافة إلى أسماء اللاعبين وحلاقة الشعر وصبغه بطريقة أجنبية -يقول قاسمي- فهذا هو التقليد الأعمى المفضي إلى النسخ، داعيا الشعب الجزائري إلى الاعتزاز بشخصيته وأصالته في ملبسه وأن لا يكون نسخة لغيره، مشيرا إلى أن يكون كل شيء باعتدال. ------------------------------------------------------------------------ د. محمد بن بريكة: بسم الله الرحمن الرحيم.. تندرج ظاهرة التعبير عن محبة الفريق الوطني الجزائري ضمن التوجه الوطني لهذا الشعب الأصيل، المحب لمعاني الوطنية والإسلام عموما . ومعلوم أنه حين تلتقي منتخبات منتمية إلى بلاد الإسلام مع منتخبات غير منتمية إلى بلاد الإسلام، تجد العاطفة الدينية حارة، لأن هذه الإنتصارات وإن كانت معنوية فإنها تعبر عن رغبة جارفة في التفوق ورفع راية الإسلام. ونتمنى أن تكون أيام الجزائر كلها إنتصارات وأفراحا وأعيادا إن شاء الله. كيف عاش بن بريكة رفع راية الجزائر في كأس العالم؟ كل ما يفرح الجزائر من الانتصارات المحمودة، ورفع راية الجزائر، خفاقة بين رايات الدول، هذا يسعدني ويدخل السرور على قلبي، لأنني في النهاية لا أستطيع أن أتجرد من كوني رب أسرة لي أبناء يفرحون بهذه المقابلات بل إنها الفرصة النادرة التي يجتمع فيها الأبناء على مائدة واحدة ، مسألة مهمة جدا كون كرة القدم تحولت إلى عملة للتنافس في السباقات السياسية، ولتبليغ رسائل سياسية، مثلا إذا لاحظنا اللاعبين غير المنتمين إلى المنتخبات الإسلامية حين ينتصرون يعبرون عن حركة (المسيحية) يعني كانتماء ديني.ثم مما لا شك فيه أن فرحة أبنائنا وتكبيرهم في الشوارع والأهازيج دون تعريض أنفسهم إلى الخطأ، يجعلنا نفرح لفرحهم ونسعد لفرح الجزائر، وتكون هذه المناسبة فرصة للتنفيس على أبنائنا حتى يواصلوا مشوارهم الجاد في بناء الوطن الحبيب. كيف عشت مباراة الفريق الوطني مع إنجلترا؟ هل كنت تنتظر أو تتوقع تلك النتيجة؟ صراحة أنا تابعت المقابلة لأن الأسرة كلها كانت أمام التلفاز، ولكن دون أن أخلّ بأورادي وصلواتي، يعني مثلا: صلاة المغرب وقعت بين الشوطين والحمد لله صليتها في وقتها وأديت أذكاري، وبما أنني رب أسرة ولا أستطيع أن أبتعد عن جو العائلة فواصلت مشاهدة المباراة معهم، وبالنسبة للنتيجة توقعت خيرا منها . د.يوسف بلمهدي قال يوسف بلمهدي ل''الدعوة'' إن كرة القدم هي اللعبة الأكثر شعبية في العالم ونحن علينا أن نستغل هذه الرياضة لتوجيه الشباب لخدمة البلد، وذلك على مستوى البناء وعدم تشويه صورته والوقوف عند آلام الأمة وبالتالي الوصول إلى رفع مستوى وتطور البلاد. هذا واعتبر ذات المتحدث أن أسماء اللاعبين التي أصبحنا نراها مع صورهم في جميع الألبسة الرياضية وتهافت الشباب لشرائها ما هي إلا عبارة عن مناصرة ومؤازرة للفريق الوطني أو الخضر، وما هذا إلا شعار أو تعبير عن الراية الوطنية التي ترفرف عالية وهي من الأشياء المباحة، إذ يشعر الإنسان بحبه لإخوانه الذين يؤدون واجبا من الواجبات الوطنية. كما أكد بأن الوطنية ليست شعارا إلا أنه من حق كل جزائري أن يفتخر بفريقه وبهويته خاصة إذا كان الفريق الوحيد الذي يمثل العرب في المونديال.