عشرات الآلاف من المرضى يعانون في صمت ** * 50 ألف حالة إصابة جديدة بالسرطان سنوياً في الجزائر أطلق عدد من النشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي في الفترة الأخيرة حملة تطالب السلطات العليا في البلاد بضرورة التحرك بهدف إقامة مستشفى متخصص في علاج مرضى السرطان في ظل المعاناة الشديدة التي يكابدها عشرات الآلاف من المرضى الذين يجدون أنفسهم عرضة لمزيد من الألم في ظل الافتقاد لمنشآت صحية لائقة تخفف عنهم المرض الخبيث الذي يجعل حياتهم أكثر تعقيدا.. وفيما يعتبر السرطان السبب الثاني للموت في الجزائر مع تسجيل نحو 50 ألف إصابة جديدة به سنويا يفتقد المصابون بمختف أنواعه لمستشفى كبير متخصص قد يساهم في علاجهم أو على الأقل تخفيف الآلام عنهم فحتى عاصمة البلاد ليس بها سوى مركز متخصص متواجد داخل مستشفى مصطفى باشا الجامعي وهو المركز الذي يقصده المرضى من مختلف أنحاء القطر الوطني ويصعب الظفر بموعد علاجي فيه وليس خافيا أن عددا غير قليل من المرضى قد توفوا قبل أن يصل ميعاد علاجهم المفترض.. ثاني سبب للموت في الجزائر.. يُعتبر مرض السرطان من الأمراض المستعصية والخطيرة التي تعاني منها البشرية جمعاء وهذا المرض القاتل في أحيان كثيرة تكون له تداعيات سلبية على الكثير من الأسر التي تعاني في صمت نتيجة إصابة أحد أفرادها بنوع من أنواعه الخطيرة وأحياناً في أكثر من مكان فالمريض الذي يكابد آلام المرض ومعاناته طويلاً على جميع المستويات الفيزيولوجية والنفسية يجدُ صعوبةَ كبيرة في بعض الأحيان في إيجاد الأدوية اللاَّزمة لعلاج بعض أنواع هذا المرض العضال لندرتها أو بسبب غلاء أثمانها الباهظة في الأسواق الوطنية. ضف إلى ذلك معاناة هؤلاء الدَّائمة في أسرة المستشفيات الكبرى على غرار مستشفى مصطفى باشا الجامعي ومصلحة بيار ماري كوري المختصة في علاج مُختلف أنواع السرطان باستخدام طرق العلاج الإشعاعي. هذا المركز الذي يعاني أصلاً من ضغط رهيب بسبب توافد أعداد كبيرة من مرضى السرطان عليه ومن مُختلف أنحاء الوطن لحجز المواعيد فيه لخضوع لجلسات العلاج الإشعاعي والذي يعاني أيضا من نقص التَّجهيزات لعلاج أنواع معينة من السرطان حسبما تقول: البروفيسورة أوكريف المختصة في علاج السَّرطان في ذات المركز فبعض أنواع السرطان تعتبر أورماً خبيثةً قد تنتشر في مختلف أنحاء الجسم حتىَّ ولو خضع المريض لعمليات جراحية دقيقة لاستئصالها. وحسب الأرقام التي وردت في تقرير لرابطة الجزائرية لدفاع عن حقوق الإنسان نشر في شهر فيفري سنة 2016 فإنَّ هذا المرض يحتل المرتبة الثانية في قائمة أسباب الوفيات المسجلة في الجزائر بنسبة تخطت حاجز 21 بالمائة بعد أمراض القلب وتصلب الشرايين وهذا ما يدق نواقيس الخطر لأن مرض السرطان قد انتشر بصورة رهيبة في الجزائر بمعدل 50 ألف حالة إصابة جديدة به سنوياً وتشير التقديرات إلى أنَّ عدد مرضى السرطان بلغ حوالي 480 ألف مصاب في الجزائر حتىَّ نهاية سنة 2015 وهذه الأرقام بدأت تأخذ منحى تصاعدي مخيف. خاصةً وأن مرض السرطان بدأ يصيب حتى شريحة الأطفال الحديثي الولادة وكذلك فإنَّ عدد ضحايا هذا المرض بلغ حوالي 24 ألف شخص سنوياً وذلك حسب إحصائيات وأرقام رسمية صادرة عن الجهات المختصَّة في الجزائر. أبعاد خطيرة كل المعطيات والمؤشرات تقول بأن هذا المرض سيأخذ أبعاداً خطيرة وستتضاعف أعداده في البلاد نتيجة تداخل عدَّة عوامل بعضها خاصة بنوعية الأطعمة الاستهلاكية السَّريعة والتي تدخل في صناعتها العديد من المواد الكيميائية التي يسبب تناولها بكميات كبيرة أنواعاً معينة من السَّرطانات كسرطان الثدي والأمعاء والمثانة...الخ وبعض هذه الأسباب يرجع إلى ازدياد نسب تلوث البيئة الذي تعاني منه الكثير من دول العالم نتيجة التَّغييرات المناخية والظروف الطبيعية الناتجة عن ازدياد نسب انتشار المواد السَّامة في الهواء وتوسع ثقب الأوزون المستمر وما ينتج عن هذه التَّغيرات من أنواع سرطانية قاتلة كسرطان العيون وكذلك الجلد وخاصة في فصل الصيف أين؟يصاب الكثيرون بهذه النوعية من السرطان بالإضافة إلى العوامل الجسدية والوراثية والتي تعتبر من الأسباب المباشرة لإصابة أفراد العائلة الواحدة بنوع من أنواع السرطان وراثياً أو أكثر فالدراسة التي أوردتها الوكالة الدولية لبحوث السرطان والتابعة لمنظمة الصحة العالمية تشير إلى أن أعداد مرضى السرطان سيتضاعفون بنسبة 75 بالمائة حتى عام 2030 وبالتأكيد فإنَّ هذه النسبة تشمل الجزائر أيضاً والدراسة تورد ازدياد عدد السرطانات التي تنتشر بالعدوى أو الإصابة بفيروسات خارجية قاتلة كسرطان عنق الرحم والكبد وبالتالي فعلى جميع الجهات المعنية بهذا الملف سواءً كانت جهات حكومية تابعة لدَّولة كوزارة الصحة وإصلاح المستشفيات أو الجمعيات الوطنية التي تعني بمساعدة مرضى السرطان وتقديم مُختلف أنواع الدعم سواءً المالي أو توفير بعض الأدوية المفقودة والتي من الصعب الحصول عليها وكذلك المساعدة النفسية والبسيكولوجية للمرضى وذلك بالتعاون مع الهلال الأحمر الجزائري والجمعيات المدنية والخيرية لأنَّ هناك بعض الحالات المستعصية والمستعجلة والتي تستدعي نقل المصابين بها إلى الخارج إذ أن هناك الكثير من العائلات المعوزة التي يعاني أحد أفرادها من السرطان وتعجز عن دفع ثمن وتكاليف العلاج. فزيادة على العلاج الإشعاعي الذي يخضع له المريض هناك كذلك العلاج الكيميائي والذي يسبب تساقط الشعر وهزال المريض وفقدانه للشهية وإحساسه بالعجز والوحدة وسط آلام رهيبة لا توصف يسبّبها هذا النوع من العلاجات فالمريض بالسرطان يعاني كثيراً وعلى كافة الأصعدة والمستويات ويحاول أن يشفى منه رغم علمه بأن حياته ستكون على المحك وهو الذي كفلت له منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة حقَّه في العلاج المجاني وذلك من خلال تخصيص يوم عالمي لتوعية والتَّحسيس والوقاية من مخاطر مرض السَّرطان وذلك في الرابع من فيفري من كل عام وكذلك لدعم جهود الهيئة الدَّولية لمكافحة السرطان وتطوير البحوث العلمية لإيجاد العلاجات المُختصة اللازمة لشفاء الكثير من أنواعه وخاصة النادرة والمستعصية منها والجزائر باعتبارها عضواً فعالاً في المجتمع الصِّحي العالمي وعضواً في الأممالمتحدة فإنَّ عليها التعاون مع كافة الهيئات والمنظمات العالمية لدرء مخاطر هذا المرض والوقاية منه والإسراع في توفير المستلزمات الطبية والتجهيزات اللوجستية والأدوية ودعم الصناعات الوطنية في هذا المجال وكذلك الأطباء والباحثين المهتمين بهذا المرض. لأن مرض السَّرطان أصبح معضلة حقيقية تنهش جسد مُجتمعنا وعلينا الحدّ من انتشاره بكافة السُّبل والوسائل المتاحة وفي أقرب وقت ممكن. لأنَّ الأمن الصحي للمواطن يقع على كاهل ومسؤولية الدولة وهيئات المجتمع المدني في المقام الأول قبل كل شيء.