تشهد الوكالات الوطنية للتشغيل مند بضعة أسابيع ما يمكن وصفه بتسونامي بشري اجتاحها منذ الإعلان القرارات الأخيرة التي أوصى بتنفيذها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، والتي تصب في فائدة الشباب الجامعي العاطل عن العمل بصفة خاصّة والشباب البطّال بصفة عامّة· إذ دخل الشباب في سباق ضد الزمن، وضد بعضهم أيضا للاستفادة من "الامتيازات" التي تتيحها التدابير الجديدة· ولأوّل مرّة مند إنشاء هذه الوكالات يتّجه الآلاف من الشباب العاطل عن العمل، سواء كانوا من الجامعيين البطّالين أو ممّن يطلبون قروضا لفتح مشاريع خاصّة في إطار ما يسمّى ب "لونساج"· وحسب مسؤول بوكالة التشغيل التابعة لبلدية برّاقي ف "هي المرّة الأولى من نوعها التي تشهد فيها مثل هذه الوكالات هذا الكمّ الهائل من طلبات العمل، الأمر الذي تسبّب في خلق عجز لدينا في جمع كلّ الطلبات، إذ من المستحيل تلبية كلّ الطلبات في يوم واحد"· أمّا موقف المواطنين المتذمّرين فيرون أن سوء التنظيم والتسيير هو المتسبّب في الفوضى التي تشهدها هذه الوكالات، حيث اشتكى أغلبية المتّجهين إلى هناك من العراقيل التي واجهتهم، سواء بخصوص طلبات العمل أو حتى طلبات القروض، فالكلّ مخلوط ببعض وهو ما ما نقلته لنا إحدى المواطنات التي اشتكت من سوء الاستقبال وكذا الانتظار لساعات طويلة من أجل الاستفسار فقط أو حتى من أجل التسجيل أو تعلّق الأمر كذلك بسحب العقود للانطلاق في العمل وهي ترى أنه من الأفضل لو تمّ تقسيم المكاتب كلّ لخدمة معيّنة وليس خلط كلّ شيء· كما شهدت هذه الوكالات شجارات كثيرة، والتي وقعت نتيجة التدافع بين المواطنين، خاصّة فيما يتعلّق بأمر الأدوار "من جاء أوّلا" في قضاء أمورهم، والتي نتج عنها طلب أعوان الأمن مرارا وتكرار من أجل فضّ النّزاعات وإعادة تنظيم المواطنين الذين يتواجدون أمام الأبواب مند الساعات الأولى من الصباح الباكر من أجل الظفر بالدور الأوّل أو تعلّق الأمر بالشجارات النّاتجة بين المسؤولين والمواطنين بسبب "المحسوبية والبيروقراطية حسب المواطنين" في توزيع الوظائف، وهو ما نقلته لنا إحدى الأخوات التي أكّدت لنا أن توزيع الوظائف ومناطق العمل في أغلبيتها مقرون بالواسطة، وأكّدت لنا أنه منذ سنتين وإلى حدّ اليوم لم يتمّ الاتّصال بها من قبل الوكالة التي تنتمي إليها بالرغم من طلب رقم الهاتف في ملف التسجيل لأوّل مرّة· ووكالة التشغيل بن طلحة هي الأخرى تعاني مثل باقي الوكالات التي تعرف هذه الأزمة الخانقة من طلبات العمل، والتي احتار مسؤولوها في كيفية تنظيم المواطنين والتقليل على الأقلّ من التوتّر والمشادّات الكلامية التي أصبحت "سريعة الالتهاب" بين المواطنين· وكان وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي السيّد الطيّب لوح قد أعلن أنه سيتمّ تخصيص شبابيك على المستوى المحلّي لمرافقة الشباب في الاستفادة من إجراءات التشغيل الجديدة، مشيرا إلى استعداد الوزارة لتوفير كلّ الإمكانات اللاّزمة لتنفيذ الإجراءات المذكورة· وأوضح السيّد لوح في لقاء مع المسؤولين المعنيين بتنفيذ هذه الإجراءات على المستوى المحلّي أنه سيتمّ تخصيص شبابيك على المستوى المحلّي للوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب والصندوق الوطني للتأمين على البطالة لمرافقة الشباب في الاستفادة من إجراءات التشغيل الجديدة التي دخلت حيّز التنفيذ يوم 6 مارس الجاري· أمّا فيما يتعلّق بالموارد البشرية المكلّفة بتنفيذ هذه الإجراءات على مستوى هذه الوكالات المحلّية فأكّد السيّد لوح استعداد الوزارة لتوفير كلّ الإمكانات في حال نقص هذه الموارد، لهذا الغرض دعا هؤلاء المسؤولين إلى تحديد هذه الاحتياجات وطلب من المديرية المركزية للقطاع توفيرها وفقا للمعايير في مجال التسيير· وأشار السيّد لوح إلى أنه سيتمّ إعطاء تعليمات في الأيّام القليلة القادمة لتوفير محلاّت لائقة وواسعة تخصّص كأماكن لاستقبال الشباب والتكفّل بهم على المستوى المحلّي في إطار هذه الإجراءات الجديدة للتشغيل· ومن شأن هذه الإجراءات أن تمكّن الشباب عديمي الإمكانيات من تجسيد مشاريعهم في إطار أجهزة التشغيل وتسهيل إدماجهم في عالم الشغل· للإشارة، تتمثّل التدابير الجديدة في تخفيض قيمة المساهمة الشخصية للشابّ صاحب المشروع في خلق مؤسسته المصغّرة من 5 بالمائة إلى 1 بالمائة بالنّسبة للمشروع الذي لا تتجاوز قيمته الإجمالية 5 ملايين دينار، ومن 10 بالمائة إلى 2 بالمائة بالنّسبة للمشروع الذي تبلغ تكلفته الإجمالية 10 ملايين دينار· وقصد تحسين قدرة المترشّحين على تسديد القروض البنكية وإعانات الدولة تمّ اتّخاذ تدابير هامّة في هذا المجال من شأنها السماح بالاندماج بصفة فعّالة ودائمة في النّسيج الاقتصادي المحلّي، ويتعلّق الأمر بثلاث سنوات بالنّسبة للقروض البنكية الأساسي، حيث تنتقل مدّة التسديد من 5 إلى 8 سنوات· وذكّر الوزير بالإجراءات الأخرى المتّخذة لصالح تشغيل الشباب، من بينها القروض بدون فائدة بقيمة 500 ألف دينار للشباب أصحاب المشاريع لكراء محلاّت قصد إنشاء مؤسساتهم المصغّرة، وكذا القروض بدون فائدة بقيمة 500 ألف دينار لفائدة الشباب خرّيجي منظومة التكوين المهني في تخصّصات مرتبطة بالمهن اليدوية كالترصيص·