الإهمال بين الزوج وزوجته قد يكون مرضاً نفسياً أو تقليداً اجتماعياً اكتسبه أي منهما من خلال بيته، لكنه قد يكون سببا في فتور العلاقة بين الزوجين ما يحدث معه استحالة المعيشة، وبالتالي وقوع الطلاق، حيث أن معاملة الرسول لزوجاته -أمهات المسلمين- واهتمامه بهن السبيل لنجاح أي حياة زوجية. بهذا استهلت الداعية الإسلامية والدكتورة عبلة الكحلاوى عميدة كلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر سابقا، حلقتها من برنامج »الدين والحياة« على قناة الحياة الفضائية، والتي تناولت فيها الإهمال بين الزوجين، والإهمال المسموح به، وكيفية مساعدة الزوجين لوقف الإهمال فيما بينهما وتجاه أسرتهما وأولادهما. وقالت الدكتورة الكحلاوي إن الإهمال يتمثل في عدم إعطاء جزء كاف من وقت الزوج لزوجته أو العكس، مما يتسبب غالبا في تكريس حالة الشعور بالاغتراب والتذمر وعدم الرضا. وأضافت أن الزوج يقضي معظم وقته واهتمامه وعلاقاته خارج البيت، صباحا يذهب للمكتب ومساء يقضي وقته مع أصدقائه أو في ممارسة رياضة ما للمحافظة على اللياقة إلى غير ذلك من النشاطات، في حين تقبع الزوجة في المنزل غاضبة متذمرة بعد فراغها من أعمال المنزل ورعاية الأولاد. ورأت الداعية الإسلامية أن إهمال الزوج لزوجته في هذه الحالات ليس بمرض نفسي، بل هو تقليد اجتماعي أساسه أوضاع اجتماعية قائمة ومستمرة ولكنه في حال اقتران الإهمال بالعنف أو الإذلال المتعمد تجاه الزوجة، فهنا يغلب التفسير النفسي المرضي للإهمال على التفسير الاجتماعي. إهمال الزوجة وأشارت الدكتورة الكحلاوي أنه كما يهمل الزوج زوجته فإن الزوجة قد تهمل هي الأخرى زوجها، من خلال عدم الاهتمام بنفسها أو ببيتها، الأمر الذي يجعل زوجها يبحث عن امرأة أخرى تحقق له كل المواصفات التي يحلم بها. وشددت الداعية على ضرورة تثقيف المرأة حتى تهتم ببيتها وزوجها، فضلا عن تثقيفها في كيفية تنشئة الطفل وتلبية حاجاته وتحديدا الحاجات الغذائية وما يتبعها من حاجات عاطفية، كل هذا يمكنها من اختزال الوقت وتنظيمه وبذلك يصبح لديها الوقت الكافي للترفيه عن الأطفال وعن النفس ووقت خاص للزوج، أما بالنسبة للأطفال الرضع فيكفي الأم تعويد الرضيع على الانتظام في وجبات الطعام. وأشارت إلى أنه على الزوجة أن تفهم طبيعة شخصية زوجها، فلكل شخصية مفاتيح ومداخل، والزوجة الذكية تعرف هذه المفاتيح والمداخل وبالتالي تعرف كيف تكيِّف نفسها مع طبيعة شخصية زوجها بمرونة وفاعلية دون أن تفقد خياراتها وتميزها. وأضافت »يجب أن تكون الزوجة في بيتها أنثى حقيقية راضية بأنوثتها ومعتزة بها، ولا يكون ذلك كل اهتمامها فقط، إنما تهتم ببيتها وأنوثتها معاً حتى تسعد زوجها وتسرُّ نظره«. حدود الإهمال وأوضحت الدكتورة الكحلاوي أن من الأزواج من ينشغل عن زوجته في بناء الأسرة وتوفير مقوِّمات الحياة الكريمة أو لطبيعة العمل أو أسباب أخرى متعدِّدة، مشيرة إلى أنه لا ضير من انشغال الزوج عن الزوجة في حال بناء البيت مثلاً ما دام هذا البيت سيجمعهما معا، ويوطد أواصر المحبة بينهما، كما أنه قد ينشغل عنها بطبيعة عمله، ولكن هذا التقصير والإهمال يصبح غير مقبول، وغير مسموح به في ضوء ممارسته وتكراره وبخاصة إذا لم يقف وراءه مبررات كافية رغم هشاشتها على أية حال. وشددت الداعية الإسلامية على ضرورة أن يعالج الزوج إهماله مع زوجته وتقصيره في حقها، محذرة أن يكون ذلك عبر معالجات أساسها الرحمة والخوف من الله ومراعاتها بما يرضي الله وليس العدالة، أي الرحمة بالزوجة وليس العدل معها والمساواة. كما رفضت قيام الزوج بتقديم هدية ما بين الحين والآخر لزوجته من أجل كسب رضاها وامتصاص غضبها ونقمتها، مشددة على ضرورة أن يعرف الزوج أن الزوجة هي شريكة في الحياة الزوجية وليست مجرد امرأة تشبع حاجاته، وتقوم بترتيب البيت ورعاية الأبناء، فضلا عن الابتعاد ما أمكن عن الفردية والأنانية بإلقاء اللوم على الآخرين. وأكدت الدكتورة الكحلاوي على ضرورة أن يرضي الزوج والزوجة كلا منهما بالآخر رغم جوانب القصور فلا يوجد إنسان كامل، والرضا في الحياة الزوجية سر عظيم لنجاحها، معتبرة أن التعامل الحسن ومخافة الله في جميع الأمور هي السبيل إلى توازن الحياة الزوجية. اهتمام الرسول بزوجاته وشددت الداعية الإسلامية على ضرورة اقتداء الأزواج في الوقت الحالي برسول الله صلى الله عليه وسلم في معاملته لزوجاته أمهات المسلمين من أجل أن يتعلموا كيفية اهتمامه بزوجاته وتعاونه معهن في أعمال البيت وفي كل الأمور، واستشارته لهن في بعض الأمور. وقالت إن صلى الله عليه وسلم كان يقول للسيدة عائشة: »يا عائش، يا عائش هذا جبريل يقرؤك السلام«، وكان يقول لعائشة أيضا: يا حميراء. والحميراء تصغير حمراء يراد بها البيضاء كما قال ذلك »ابن كثير« في النهاية وقال »الذهبي«: الحمراء في لسان أهل الحجاز البيضاء بحمرة وهذا نادرٌ فيهم. وأضافت »سُئِلَتْ عائشة بأي شيء كان يبدأ النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته؟ فقالت بالسواك«. كما قالت عائشة: »كنتُ أُطَيِّبُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأطيب ما أجد حتى أجد وبيص الطيب في رأسه ولحيته«. وأوضحت الكحلاوي أن هذه الأحاديث كلها وغيرها بيان على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من التجمل والتزين الشرعي الذي يحبه الله بخلاف ما عليه بعض الرجال اليوم من إفراط أو حتى من تفريط في الزينة والتجمل للمرأة ومن مبالغة في التجمل وعجيب للمتناقضات التي يعيشها بعض الرجال، ثم تشم منه رائحة كريهة عفنة وهي رائحة التدخين فأين أنت والتجمل أيها الزوج؟ وأشارت إلى أن وجود تفريط عظيم وتقصير عجيب في قضية التجمل والزينة سواء كان في اللباس أو في إهمال للشعر وترك للأظافر والشوارب والآباط بروائح كريهة، معتبرة أن كل الخير في امتثال المنهج النبوي في التجمل والتزين والاهتمام بالمظهر وهو حق شرعي للمرأة وسبب أكيد في كسب قلبها وحبها، فالنفس جُبِلَتْ على حب الأفضل والأنظف والأجمل.