بين رفض المجتمع ومطاردة الحموات صغر سن الزوج هاجس يطارد الزوجات جرى العرف أن يكون الزوج أكبر سنّاً من الزوجة إلا أن هناك حالات كثيرة تتزوج فيها المرأة من رجل يصغرها وتتحدى بذلك ما قد تواجهه من مشاكل ونظرات مجتمع لا يتقبّل بسهولة أن يكون الزوج أصغر من الزوجة. وإذا كانت بعض تلك الزيجات قد فشلت فإن بعضها الآخر قد نجح. وللفشل أسباب كما أن للنجاح أسباباً والظاهرة تزحف الى الجزائر بحيث بتنا نجد زيجات يفوق فيها سن الزوجة الرجل بعشر سنوات وأكثر كما أن هناك من الشباب من صاروا يفضلون المرأة التي تكبرهم خاصة وأنها أكثر نضجا من فتاة صغيرة لا تقوى على الأعباء الأسرية. خ نسيمة /ق.م عندما كان الرجل يتزوج بإمرأة تصغره سناً كان ينظر إليه بعين الإعجاب على اعتبار انه يجب على المرأة أن تكون أصغر من الرجل إلا أن السن في أيامنا هذه لم تعد عائقاً أمام المرأة وحتى أمام الرجل لإرتباط أحدهما بالآخر تزوجت رجلاً يصغرها بستة أعوام السيدة (م) تعترف بأنه رغم مرور أربعة أعوام على زواجها من شاب يصغرها بست سنوات لم يستطع المجتمع أو عائلة الزوج تقبّل فارق العمر بينهما بسهولة تحكي قصتها قائلةً: زوجي قريبي من الدرجة الثالثة تقريباً لم تكن تجمعنا فرص كثيرة للقاء ومع تعدد المناسبات التقينا في أكثر من عرس ولمع الإعجاب في عينيه فبدأ بزيارتنا في المنزل بشكل منتظم فتقاربنا أكثر. لا أستطيع القول إننا عشنا قصة حب كبيرة أو حتى صغيرة لكن حصل بيننا تفاهم ومودة اعتقدت أنهما كافيان لبدء حياة زوجية ناجحة عندما طلب مني الزواج. وتضيف: فكرت بعملية أكثر حينها كنت على أعتاب الثلاثين وهو سن العنوسة حسب أعراف المجتمع فقررت الموافقة على الفور. رأيت أنني جميلة وشكلنا متقارب في العمر ورأيت أيضاً أنه مناسب لي خاصة أنه مهندس مثلي لكنه في بداية الطريق وسيكون له شأن جيد في الحياة بسبب طموحه. ما لم أضعه في حسباني هو تدخلات أمه المستمرة في حياتنا وتذكيرها لي من وقت إلى آخر بأنني أكبره في السن وأنه انتشلني من العنوسة. بخلاف كلام حماتها الغمز واللمز اللذان تشاهدهما ميادة من أقاربها في التجمعات العائلية جعلاها تراجع تفكيرها هل أخطأت عندما وافقت على الزواج من شاب يصغرها بست سنوات؟ تقول: ما أصبح ينغص عليَّ حياتي فعلياً أن التقدم في العمر بدأ يظهر عليَّ في حين أن زوجي ما زال شاباً في العشرينات خاصة أنني امرأة عاملة وأمٌّ لطفلة عمرها عامان وبناء عليه لا بد أن ينتهي كل خروج لنا بمشادات كبيرة بسبب غيرتي عليه خاصة أن فتيات العشرينات يحاصرنه بعيونهنّ ناهيك بالخريجات الجديدات في العمل ومحاولاتهنّ المستميتة للتقرب إليه. في النهاية تعترف م بأنها بعد أربع سنوات زواج أصبحت أقل ثقةً بنفسها وبحب زوجها لها والسبب الوحيد أنها أكبر منه في العمر. رفضت عريساً يصغرها بشهور آنسة أخرى في الثلاثين من العمر تراجعت عن فكرة الزواج بعريس أصغر منها بعامين رغم خلوه من أي عيوب حسب وجهة نظرها بسبب تجارب صديقاتها وتقول: من خلال عملي تعرفت على شقيق إحدى العرائس التي كنت أنسق لها زفافها وتقدم إليَّ ورغم توافر كل مواصفات فتى أحلامي فيه لم أتردد في الرفض بسبب معايشتي لمعاناة صديقاتي فإحداهن تزوجت شاباً أصغر منها بأربعة أعوام هرباً من مشاكل أسرتها لعلها تجد في منزلها الجديد الراحة إلا أنها فوجئت بقيود أكبر ومشاكل لا حصر لها تأتي في مقدمتها مسؤوليتها الاقتصادية. وتوضح أن زوجها أقدم على الزواج منها لأنها أوفر حظاً في العمل وراتبها أعلى منه وبالتالي تحملت جزءاً كبيراً من المسؤولية الاقتصادية. ورغم أن صديقتي تعيش أجمل لحظاتها كأم لتوأمين فإنها دائماً ما تشكو لي شعورها بأنها أمٌّ لثلاثة أطفال أولهم زوجها فهي تشعر بفارق كبير في التفكير بينهما ولا ترى مطلقاً أنه قائد العلاقة وكثيراً ما ألمح الندم في عينيها وأحياناً تصرح به. اما صديقة أخرى لها متزوجة من شاب يصغرها بعامين بعد قصة حب أسطورية: رغم الحب الكبير بينهما أشعر بأن فارق السن أصاب صديقتي بعقدة نفسية خاصة أنها لم تحتفظ بخصوصيتها ولم تخفه عن المحيطين بها وبسبب نظرات الآخرين تحاول دائماً إظهار أنها الأجمل والأصغر منه حتى ولو تصرفت بطريقة مبالغ فيها ناهيك بمحاصرته لها بتحكمات فجة وكأنه يريد أن يثبت لها أنه الأكبر أو قائد العلاقة. وتتابع: لذا رفضت الزواج من العريس الأصغر مني بعامين ورفضت الزواج من آخر أصغر مني بشهور فأنا على اقتناع تام بأن الرجل يجب أن يكون هو الأقوى وقائد العلاقة. زوجي أصغر مني بعام والرضا مفتاح سعادتنا سيدة أخرى موظفة 31 عاماً فترى أن الرضا مفتاح السعادة والبعد عن نظرات الآخرين والمجتمع هو سر السعادة والاستقرار. هي أكبر من زوجها بعام لكنّ أحداً منهما لا يلتفت إلى ذلك وتقول: تعرفت على زوجي في العمل فتحولت الزمالة إلى صداقة ثم إلى حب وقررنا الزواج وعندما علمت أنني أكبر منه بعام لاحظ أنني ترددت قليلاً فأكد لي أنه لا يهتم بتلك الأمور ما دمنا على وفاق. وتضيف: أعتقد أن أسرتينا لا تعلمان فارق السن بسبب عدم اهتمامنا به ومن المؤكد أنه واضح في قسيمة الزواج ولكن لا شأن لأحد بحياتنا. هذا كان اتفاقنا قبل الزواج وهذا أيضاً سر استقرارنا خاصة أن زوجي أسرني بجاذبية شخصيته ودماثة أخلاقه فضلاً عن أنه يتحمل كل مسؤوليات الأسرة فعقله أكبر من عمره لذا لا أتذكر مطلقاً أن زوجي أصغر مني. لي صديقات حذفن تواريخ ميلادهنّ وأزواجهنّ من موقع فيسبوك حتى لا يلاحظ الآخرون أنهن أكبر من أزواجهنّ بشهور. إلا أن تاريخ الميلاد لا يمثل أي مشكلة لي ولزوجي على وجه الخصوص فكرم أخلاقه دائماً ما يشعرني بأنني الأصغر منه وبأنني مسؤولة منه في كل صغيرة قبل الكبيرة وأعتقد أن عدم انشغالنا بالآخرين وتركيزنا على نجاح أسرتنا وتربية طفلينا هما سر استقرارنا. فارق السن ليس مشكلة يقول المختصون في علم النفس أن المرتبطين فقط بإطار الزواج الذي رسمه المجتمع هم من يقعون ضحايا عندما تكون الزوجة أكبر في العمر فتنعكس نظرة المجتمع المحدودة على تصرفاتهم وتفسد علاقتهم. فالمجتمع فرض إطاراً واحداً على الزواج يرى كل من خرج عنه شاذًا ويلاحقه بالنظرات اللاذعة والانتقادات الحادة ومن أمثلة ذلك الإطار أن يكون الرجل هو الأكبر في السن وهنا يتجلى المثل الشعبي: مِن همُه تزوجها في عمرْ أمه وأن تتزوج الفتاة في سن معينة وإلا تكون عانساً ويزيد على ذلك أن المرأة المتزوجة والتعيسة أفضل من المطلقة التي تلاحقها نظرات الآخرين وبالتالي من يكسر تلك التابوهات يتلقى العوائق فهنا كسرت القاعدة وانحرف الزوجان عن القالب الاجتماعي المعهود وبغض النظر عن مدى تفاهمهما ينعكس انشغالهما بالآخرين ونظرة المجتمع السلبية على علاقتهما فتزداد توتراً وتظهر تلك التوترات جلية في الغيرة والخلافات بسبب الأهل خاصة إذا تمثلت نظرة المجتمع السلبية في الحماة التي تنغص حياة زوجة الابن من فترة لأخرى وتذكرها بفارق السن. ويؤكد المختصون النفسانيون ليس من الصحيح تعميم قاعدة الفشل أو النجاح في العلاقة الزوجية التي يكون فيها الرجل أصغر فلكل علاقة ظروف خاصة. ولعل أقوى أسباب النجاح عدم مبالاة الزوجين بنظرة المجتمع وانشغالهما بحياتهما الخاصة فمن هنا ينبع الرضا بالإضافة إلى أسباب أخرى تختلف من علاقة إلى أخرى. وعليه الطريقة التي ينظر بها المجتمع إلى تفاصيل الزواج سبب تحويله إلى مؤسسة فاشلة تنتج التعاسة بشكل منتظم يحوّل الحياة فيها إلى جحيم مما ينعكس على تربية الأطفال فكيف لأبوين أن يتفرغا للتربية إذا كانا غير مستقرين في حياتهما؟ فهل فاقد الشيء يستطيع أن يعطيه؟! الأفضل ألا يزيد الفارق عن ثلاث سنوات المجتمع العربي بصفة عامة ما زال غير متقبل أن تكون الزوجة أكبر لأنه ما زال مجتمعاً ذكورياً ينظر إلى الرجل على أنه الأقوى والأفضل وبالتالي يجب أن يكون الأكبر في علاقة الزواج ويربط السن بقدرته على إدارة شؤون الأسرة وبكونه قائداً لها. وينسى المجتمع أن الرسول صلى الله عليه وسلم تزوج من السيدة خديجة وهي أكبر منه ب20 عاماً. ففارق عام أو عامين لا يمثل مشكلة في التواصل بين الزوجين ومن الأحسن ألا يزيد فارق السن عن ثلاث سنوات فتقاليد المجتمع وتحكماته قد تدفع الفتاة إلى الزواج بمن يصغرها على سبيل المقايدة فمثلاً هي تمتلك شقة ولم تجد عريساً مناسباً فتضطر إلى الموافقة بمن هو أصغر منها هرباً من العنوسة تلك النظرة المجحفة التي يرمقها بها المجتمع أو قد تضطر للموافقة لأنها تريد الهروب من مشاكل أسرتها وغيرها من الأسباب وعلى الزوجين ضرورة الاحتفاظ بأسرارهما فمسألة العمر أمر يخصهما وحدهما ولا شأن لأحد بها. المستوى الثقافي يحدّ من مشاكل التفاوت في العمر رأي آخر يرى أن تقبل كبر عمر الزوجة عن الزوج يرجع إلى المستوى الثقافي والاجتماعي فكلما ارتفع المستوى ازداد التقبل بدليل لن هناك سيدات أكبر في العمر من أزواجهن ويعشن حياة ناجحة جداً والسبب أنهن مؤمنات بأنه أمر عادي ولا ينقص من كلا الزوجين شيئاً. فالتفاهم والأرضية المشتركة والحب بين الزوجين هي أساس الزواج حتى وإن خرج عن القالب الذي حصره المجتمع فيه. دراسة اجتماعية برازيلية صادرة عن جامعة ماكنزي تؤكد أن الحواجز المتعلقة بالسن في الزواج بدأت تتحطم في عصرنا الحاضر فلم يعد يهم المرأة إن كانت متزوجة من رجل يصغُرها أو يكبُرها أو يوازيها سنًّا ولم تعد المرأة تبالي بأقاويل كانت تحيط دائمًا بالعلاقة بين الرجل والمرأة بحسب ضرورات وتقاليد اجتماعية سادت لوقت طويل وعلى رأسها الزواج المبكر وضرورة أن يكبر الرجل المرأة بسنوات ربما لا تكون قليلة وكيفية سير الزواج مع فارق السن. وبعيداً عن التعميم لأن كل حالة إنسانية تختلف عن الأخرى المرأة دائماً هي الأقدر على احتواء المشاكل وبناءً عليه فهي تعلم جيداً أنها عندما تتزوج من رجل يصغُرها سنًّا تواجه جملة من المشاكل قد يأتي على رأسها القصور العاطفي للرجل الأصغر سنًّا خصوصًا في المجتمعات الشرقية. السبب هنا لا يكمن فقط في فارق السن بل في حقيقة أن المرأة تنضج عاطفيًّا قبل الرجل فضلاً عن أنها تضع في حسبانها ما ستلاقيه من تعليقات وآراء مضادة لهذا الزواج سواء ممن حولها أو بشكل أكبر من أهل زوجها لكن مع مرور الوقت ورسوخ مظاهر الحياة العصرية بكل تعقيداتها يصبح مثل هذا الزواج معترفاً به اجتماعياً ويقل بالتالي حجم الهواجس المتعلقة به عند المرأة وهذا ما باتت بعض المجتمعات العربية تشهده بنسبة مريحة حالياً.