لطالما كانت مسائل الزواج مرتبطة بالفوارق الطبقية والعمرية بين الزوجين، وخصوصا الفوارق العمرية، ففي غالب الأحيان يكون الرجل أكبر سنا من زوجته.. فمجتمعنا الجزائري له معايير ه خاصة في مسألة تحديد شريك الحياة ... و تحديدا التقاليد والأعراف التي تضع شروطا ملازمة لاختيار الزوجة المناسبة حيث يكون الزواج بامرأة تكبر الرجل خط أحمر ومجرد التفكير فيه مرفوض بتاتا.. ولا يزال في خانة المستهجن و لا يزال مرتكبوها متهمين تدور حولهم إشارات الاستفهام!.الرجل إذا أخبر عائلته بأنه سيتزوج من فتاة تكبره بسنة أو أكثر ويحبها ويرى فيها أما لأبنائه فهنا تنبع مشاكل رفض جميع أفراد أسرته فما بالك إذا ذكر أحدهم أنه يريد الزواج امرأة تكبره بعشر سنين أو أكثر.. فقد جرى العرف في مجتمعاتنا على أن الزوج يجب أن يكون دائما اكبر سنا من الزوجة، وحين يتقدم الشاب لخطبة فتاة من الطبيعي أن يكون اختياره وقع على فتاة تصغره بسنوات يختلف عددها من حالة إلى أخرى. ويضع الكثيرون فارق السن بين الزوجين (لمصلحة الزوج) كأحد أهم شروط الزواج إلى جانب الشروط الأخرى، ورغم أنها ليست بالظاهرة فإنها موجودة في المجتمع الجزائري وكثيرون يدلون بدلوهم تجاهها.. فهل تعتبر أنه من الضروري أن تكون الزوجة دائما أصغر سنا من زوجها..؟ أم أنه بالإمكان عكس الصورة دون أن يؤثر ذلك على نجاح واستمرارية الزواج.. وإلى أي مدى يتقبل المجتمع الفوارق العمرية ؟ وإلى متى يبقى المجتمع العربي محتفظا بنظرته لمثل هذه الزيجات ... وهذا ما لمسناه من خلال هذا الروبورتاج التالي الذي حاولت فيه الاتحاد أن تعرف وجهة نظر الشباب من خلاله..ولقناعتهم بأن الفارق العمري لصالح أحد الأطراف لا يشكل عائقا أمام الزواج السعيد ...البعض وافق بشروط والبعض الأخر عارض وكان الصمت وسيلة البعض... رجولته وحنانه جعلاني أنسى سنه تقول شاهيناز طبيبة بيطرية أنها تزوجت زوجها الذي أحبته كثيرا وهي تكبره بأربع سنوات، تقول " لم أفكر أبدا أن أتزوج من رجل أكبره سنا بالارتباط إلا أنني وجدت في زوجي منبع الحنان حيث أعتمد عليه في حياتي، فرجولته الفائقة جعلتني أنسى الفارق بيني وبينه ولم أشعر بها ولازلت أحبه وأشعر بالسعادة معه بعد سنوات من الزواج " . لو كان أصغر مني سأشعر أنني أقوده وتفضل مريم طالبة أن لا تكون أكبر من زوجها في المستقبل، وتبرر ذلك قائلة " حتى يستطيع أن يفهمني ويعيش معي حياة الشباب والنضج والكهولة يجب أن نكون من جيل واحد ... أما لو كان أصغر مني سأشعر أنني أقوده وكذلك لو كان كبير في السن سيقيدني بغيرته من شبابي ". هي أكبر مني ولكن أنوثتها تشعرني كأنها طفلة وقال سفيان:أنا تزوجت من ملاك، هي أكبر مني بسنوات، لكن قلبها كقلوب الأطفال. في البداية وجدت معارضة من أهلي لأنها اكبر مني، لكنهم وافقوا في النهاية عندما رأوا التزامها، وأخلاقها، و تمسكي بها، أصبحوا يطلقون علي مجنون عبلة،وقد رزقني الله منها بأجمل طفلتين شروق وإشراق. المشاكل ستكون في البداية وبعدها سينسى الأمر أما محمد فيقول " التكافؤ الفكري والاجتماعي و الحب والصراحة أهم من أي شيء آخر أما فوارق العمر حتى لو تسببت بمشاكل في البداية سيعود المجتمع ويتقبلها مع مرور الوقت وينساها بعد فترة ... لكننا هنا نتحدث عن الفوارق البسيطة في العمر أما لو تجاوز الفارق عشرة أو عشرين سنة فيخرج عن المنطق وتكون نسبة نجاح الزواج ضئيلة جدا " فارق السن يتحطم بشيء اسمه الحب ويؤكد هشام أن شرط السن بين الزوجة وعريسها لابد أن يتحطم بشي اسمه الحب، مبررا " الحب يلغى كل الشروط والفوارق في العمر وأعتقد كذلك أن الزوجة لو كانت متعلمة وكذلك الزوج سيتجاوزا كل هذه العقبات الوهمية .... وبالنسبة لي لو كان لي نصيب مع زوجة اكبر منى وتتوفر فيها جميع المواصفات التي أتمناها في زوجة المستقبل فلن أتراجع عن إتمام الزواج بسبب فارق السن لكن بشرط أن لا يزيد الفارق عن 5 سنوات ". وللأهل رأيهم.. لا بد لنا كأفراد أن نسير على نهجه ولا نشذ عنه وترفض الخالة علجية أن تكون زوجة ابنها أكبر منه و تري أن القوامة لابد أن تكون للرجل، فتقول " المجتمع الجزائري تعود على أن الرجل هو الذي يكون اكبر في العمر لأنها حالة شاذة في المجتمع ونحن بطبيعتنا نتدخل في خصوصيات بعضنا البعض لذا لا بد لنا كأفراد أن نسير على نهجه ولا نشذ عنه.. حرية الاختيار أما علي 66 سنة يقول: زوجة ابني أكبر منه ب(8) سنوات تزوجته بعد قصة حب دامت خمس سنوات الآن ابني جد سعيد معها ونحن بتنا لا نشعر أن السن عائق أمام سعادتهما رغم أن زواجهما تم بعد صراع مع العائلتين التي كانت تنظر إلى فارق السن أنه عيب وانتقاص من قيمة الزوجين... المجتمع بدأ في تقبل كل ما كان محظورا أما الطب النفسي فيقول أن هذا الأمر ليس بظاهرة، لكنه موجود في كل المجتمعات. وإن كان المجتمع غير معتاد عليه، إلا في ظروف خاصة وقليلة، فإنه الآن ومع ما يشهده من تطور في الأفكار بدأ في تقبل أشياء وظواهر لم يكن يقبلها من قبل. فهو يبقى زواجا مادام توافرت فيها شروط النجاح، ويبقى الأمر في النهاية في إطار الحرية الشخصية لأصحاب القرار وذويهم فكل يزنه بميزانه. أسوتنا رسولنا -صلى الله عليه وسلم- وللشريعة رأيها حيث يجمع أهل الدين فارق السن ليس عائقاً أمام سعادة الزوجين في الشريعة الإسلامية، لأن السعادة تأتي من تربية الوازع الديني عند الأزواج لأن الشريعة أوصت الزوجين بأن يرضي كل منهما ربه في الآخر وهذه وصايا الرسول عليه الصلاة والسلام في هذا المضمار حيث يقول:( إنما النسا شقائق الرجال ما أكرمهنَّ إلا كريم وما أهانهنَّ إلا لئيم) وأوصى المرأة بزوجها حيث قال عليه الصلاة والسلام:( إنما زوجك جنتك ونارك) وقال لها حسن التبعًّل _ حسن الزوجية_ يعدل الجهاد في سبيل الله) ثم أنّ الرسول عليه الصلاة والسلام تزوج بالسيدة خديجة التي كانت تكبره ب15 سنة كما تزوج بعد وفاتها من السيدة عائشة التي كانت تصغره بكثير ولم يكن فارق السن عائقاً أمام سعادتهما.