إن كان قطار الزواج يمشي أمام عينيك ويمضي في طريقه ولم تأتِ محطتك حتى الآن وجاءتك الفرصة، ولكن هذه الفرصة ليست لك وحدك بل «فرصة إلا القليل»، فحقاً من خلال تلك الفرصة ستكونين زوجة وربما تصبحين أماً، ولكن زوجك لن يكون شريك حياتك، بل سيكون شريكاً لك وللآخرين أو بالأحرى شريك حياتهن، فهو ليس لك وحدك، وإنما ستكون لك شريكات فيه، فهل تقبلين تلك الفرصة؟ أم سترفضينها وتجعلين قطار عمرك يسرق منك شبابك وأحلامك بالبيت السعيد والأمومة ويمضي في طريقه؟ وإن لم توجد تلك الفرصة فهل ستخلقينها من خلال اشتراكك في دعوات المرأة لتعدد الزوجات حتى تجدي مكاناً وفرصة؟ فهل الداعيات لتعدد الزوجات ظالمات أم مظلومات؟ وما أسباب دعواتهن لتعدد الزوجات؟ في التحقيق الآتي قصص لسيدات يطالبن بتعدد الزوجات، فما وجهة نظرهن؟ لا عيب في تعدد الزوجات قالت سهيلة «41 عاماً»، وهي ربة منزل: «لن أروي تجربتي بالتفصيل؛ لأنها ستحتاج إلى مجلدات، وباختصار قصتي أنني تزوجت منذ ثلاث سنوات من رجل متزوج، ولم أشعر يوماً بأنني أخذت حقاً غير حقي، فهو لم يتزوجني بدون معرفة زوجته، بل زوجته كانت على علم بأنه يرغب بالزواج، وتزوجني ليس لعيب في زوجته، فهي أم ل7 أطفال وتزوجها وهي في 20 من عمرها، كما أن زوجة زوجي تصغرني بخمس سنوات، وتعرف زوجي إليّ من خلال أحد أقاربي عندما علم بأنه يرغب بالزواج من جديد، فأخبره عني وعن عائلتي وتم الزواج بسرعة، ولم أتخوف من فكرة أنني سأكون الزوجة الثانية، وأن هناك أخرى تشاركني في زوجي وفي مأكله وفراشه، كذلك لن أتخوف إذا طلب زوجي أن يتزوج بأخرى ثالثة، فطالما سيراعي الله فينا فهو حق له حلله الشرع، وأنا مع تعدد الزوجات خاصة أن عدد النساء في ازدياد عن عدد الرجال، وطالما أن الرجل ميسور مادياً ولن يكون مقصراً في حق بيته، ولن يظلم زوجته معنوياً فلا مانع من تعدد الزوجات». خوف العنوسة ظلمهن فيما قالت أسماء «25 عاماً»: «لا أرى أن السيدات اللواتي يطالبن بتعدد الزوجات ظالمات، بل هن ضحايا المستوى الاجتماعي والمستوى التعليمي والفكري، وقد ظُلمن مرتين: المرة الأولى بسبب خوفهن من العنوسة ومرور الوقت وهن في دائرة الانتظار حتى يحين موعد زواجهن، والعمر لا ينتظر ولا نملك زر توقيف السنوات بل يمضي العمر برمشة عين، فيجدن أنفسهن في خانة الخوف من شبح العنوسة، ويقبلن بأنصاف الحلول، وهنا الظلم الثاني الذي يتمثل بأنهن يقبلن بأي زواج سواء كان من رجل متزوج أو رجل غير ميسور الحال، فقط ليكنّ في ذمة رجل ليس أكثر، وليشعرن بأنهن كبقية البنات لهن حياتهن الخاصة حتى وإن ظلمن أنفسهن باختيارهن، وهذا ما حدث لصديقتي التي تزوجت وهي في عمر «31 عاماً»؛ خوفاً من طول الانتظار فتفقد قدرتها على الإنجاب، فاضطرت أن تكون زوجة ثالثة تشاركها أخريات في زوجها، وفي البداية كانت سعيدة عندما تزوجت وعلمت بحملها، وكانت تذهب مع بعض السيدات لعقد ندوات صغيرة في أحد الجوامع بعد أداء الفرائض؛ لإقناع السيدات بقبول فكرة تعدد الزوجات وبأن الزوجة التي تسمح بذلك لها ثواب وأجر كبير؛ لأنها تشارك في ستر عرض سيدة مثلها، ولكنها الآن تشعر بقمة الندم على هذا الزواج عندما ذاقت من الكأس نفسه وتزوج زوجها الزوجة الرابعة». زوجته الأولى تعرض عليه الزواج وقالت راضية «28 عاماً»: «ما المانع أن ندعو لتعدد الزوجات؟ وأعتقد أن الرجال يرغبون بذلك، كما أن ما ندعو له ليس حراماً شرعاً ولا يوجد في القانون ما يمنعه، ومن حق المرأة أن تطالب وتدعو لهذا، ونحن لا نذهب للرجال لندعوهم للزواج بنا فيذهب حياؤنا وخجلنا، بل ندعو السيدات المتزوجات لقبول تلك الفكرة، وأن تبادر الزوجة بنشرها لزوجها، وتصبح قدوة للعديد من الزوجات فتقتنع السيدات بها، فنحن بالتأكيد لن نرخص أنفسنا بأن نقنع الرجال بتلك الفكرة؛ لأن أساسها موجود داخل كل رجل، ولأن الله خلقهم وهو أقرب إليهم من حبل الوريد، فهو أعلم بهم وحلل لهم الزواج بأكثر من امرأة، وأنا الزوجة الأولى لزوجي، وأدعو زوجي للزواج من أخرى، فما أفعله الآن سوف أثاب عليه عند الله، وليس كأي ثواب بل ثوابه عظيم؛ لأنني سأسهم في عفة سيدة لم تتزوج، فأنا حاولت إقناع زوجي بابنة خالي، ولكنه لم يقتنع بها؛ لأنها سمينة وقصيرة، كما حاولت إقناعه بابنة عمي وعمرها «21 عاماً»، وأنا بانتظار موافقته حتى نذهب لخطبتها». النظرة الاجتماعية تقول الأخصائية الاجتماعية حسينة م، حول هذه القضية: «إذا كانت المطالبات بتعدد الزوجات يعتقدن أن هذا هو حل العنوسة أو تأخر سن الزواج، فللأسف هذا حل غير ناجح؛ لأن التي تطالب بهذا تقوم ببناء سعادتها وحقها الشرعي بالزواج على حساب بيت ثانٍ قد يتم ظلمه، ونحن نرفض التعميم في كل شيء، فهناك حالات وشرائح قد تحتاج لتعدد الزوجات أو وجود زوجة أخرى كأن تكون الزوجة الأولى مريضة، أو غير قادرة على تلبية احتياجات الزوج من جانب العلاقة الحميمة، أو أن يتزوج زوجها؛ لأنها غير متفقة أو مرتاحة معه فوافقت على أن يتزوج، والزواج من ثانية لغير ذلك يخلق العديد من المشاكل في بيت الزوجة الأولى، ويصيب البيت بتفكك أسري، فموضوع تعدد الزوجات لابد أن يكون بموافقة الزوجة وأن يكون لها مبرراته».