هذا الذي يجري في العالم العربي أقسم على أنه ليس بعملية تحرّر من قبضة الحكّام والأنظمة وإنما هو عمل مخطّط ومحضّر وراءه ما وراءه من الأيادي التي أرادت تفكيك العالم العربي وجعله مستباحا للقوى الغربية بدعوى حماية حقوق الإنسان من الإبادة· لقد أصبح كلّ شيء باديا للعيان، وأن الأطماع تجدّدت في وطننا العربي بعد هذا التدمير المبيّت الذي تقوم بها الدول الغربية بقيادة الولايات المتّحدة الأمريكية ضد ليبيا تحت غطاء ما يسمّى الأمم المتّحدة والشرعية الدولية التي اكتسبها من فحوى القرار الأممي الذي أصدره مجلس الأمن تحت رقم 1973، في حين أن هذا القرار كما ذهب إلى ذلك رئيس الوزراء الرّوسي "فلاديمير بوتين" ناقص ومعيب·· إنه يسمح بكلّ شيء، إنه يشبه دعوات العصور الوسطى لشنّ حملات صليبية وهذا ما تذهب إليه الجماهير العربية الواسعة التي يجري في عروقها دم العروبة والإسلام، في حين أن بعض العلماء المحسوبين على حكّام الخليج وأمراء النّفط والتضليل الإعلامي يفتون بأن الحرب ضد (القذافي) وليس الشعب الليبي ليست حربا صليبية· إنه أمر لا يصدّق، انتفاضات وثورات وبراكين وزلزال جاءت كلّها دفعة واحدة ومتتالية وكأن شعوبنا ومن يكون وراءها قد تفرّغوا لزعزعة الوطن العربي وهذا لحاجة في نفس يعقوب، والتي باتت معلومة وهي إعادة استعماره من جديد نظرا لما حباه اللّه به من نعمة البترول والحبل على الجرار كلّ حسب دوره وحسب الميقات الذي رسمه اللّه· فالآلة السياسية الحربية لا تخطئ أحدا من زعماء العرب، فليس هناك أحد أحسن من أحد فالكلّ سواسية عند أهل ملّة الكفر، فلا صديق عندهم منهم ولا مقرّب فهو في خدمة مصالح الغرب وحين يحين الجدّ يضحّون به ولا استثناء من ذلك· إن لم يدرك زعماء هذا الوطن التشرذم أنه لا خلاص لهم إلاّ بالوحدة السياسية والتكتّل فإنهم سوف يساقون يوما الواحد بعد الآخر تباعا إلى مشانق الغرب الصليبي الحقود على هذه الأمّة النّائمة الغارقة في الملذات والتطاحنات التي جعلت منه قبلة لكلّ الطامعين والطامحين إلى احتلاله·