وقف النبي صلى الله عليه وسلم يوما ليسأل ربه فماذا سأل؟ وأي شيء طلب؟ هل قال: اللهم إني أسألك مالا أو جاها أو ملكا أو بيتا أو ولدا.. أو شيئا من أغراض الدنيا؟ لا.. لم يطلب شيئا من ذلك.. فماذا طلب إذًا وأي شيء سأل؟. قال عليه الصلاة والسلام: [اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك وفجاءة نقمتك وتحول عافيتك وجميع سخطك].. (رواه مسلم). من أعرض عن ذكر الله فقد اغتر أكبر الغِرَّة وأعوز أشد العوز ومن عصى الله وخالف أمره وشرعه سلَّط الله عليه من مصائب الدنيا وأسقامها وآفاتها وشدتها جزاءً وِفاقاً بما كسبت يداه ولا يظلم ربك أحداً قال بعض السلف: كلما أحدثتم ذنباً أحدث الله لكم من سلطانه عقوبة . والله من تمام عدله وقسطه في حكمه لا يغيِّر نعمة أنعمها على أحد إلاَّ بسبب ذنب ارتكبه كما قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْم حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ}.. الأنفال وقال تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}.. الروم أي: بان النقص في الموال والأنفس والزروع والثمرات بسبب المعاصي إبتلاءً من الله واختباراً ومجازاة على ما أحدث الناس من المنكرات لعلهم يتعظون. طالما الخير بيد الله عز وجل والقضاء بأمره فإنّ سعادتنا بالأشياء حولنا مرتبطة برضاه عزّ وجل وكلما رضي الله عن عبده أسبغ عليه بالنعم وزاده من السعادة والرخاء لأنّ لك عند الله مكانة إما أن تنالها بالصبر أو تنالها بالشكر فيكون الصبر على الابتلاء الذي هو نعمة للعبد المؤمن والشكر على النعم والثناء عليها. ولذلك فإنّ على العبد أن يكون موقناً بتلك النعم مقدراً لها وأن لا يكون متجاهلاً عاصياً ربه فإنّ النعم تقيّد بالشكر وتزول بالكفر والله عزّ وجل غنيٌ عن عباده غير أنّ الإنسان في حاجة دائمة للتقرّب إلى الله حتى ينال سعادة الدنيا والآخرة. إذا ذهبت النعم فلن تعود فقيدوها بالشكر وحوطوها بالاستغفار واستعملوها في طاعة المُنعم سبحانه.