أ.اسينيسا إذا تحدثنا بالتفصيل عن المواقع السياحية التي تزخر بها عاصمة الحماديين بجاية , فان الامر يجرنا حتما إلى الكلام عن منارة " رأس كاربون " الواقعة أسفل أحد سفوح جبل قورايا في الجهة الشمالية المطلة على الأزرق الكبير على بعد أمتار على الطريق المنحوتة من الجبال الصخرية الشديدة الاخضرار . واقع منارة رأس كاربون على علو 235 متر من سطح البحر , في مكان يعتبر الأكثر جمالا في حوض البحر الأبيض المتوسط , و هو الموقع الذي جعلها المنارة الأكثر علوا في العالم , حيث تم تشييدها من طرف شركة ايطالية مختصة في الإشارات البحرية في سنة 1889 , وأوكلت أشغالها آنذاك إلى المقاول فريد يريك أندريان بعد تحويل الإدارة الاستعمارية لميناء بجاية إلى مرفأ حربي , لم تتردد حينها القوات الفرنسية حتى في استغلال أهالي المدينة كعبيد لخط الطريق المنقوشة على الطبيعة الصخرية لبلوغ المركز الشاق للبحر. تتربع المنارة على مساحة تقدر ب 960 متر مربع , بطول برج يعادل 10 أمتار يمكن رؤية شعاعها من مسافة 35 ميل بحري , و يحكى أن القائم فيها نهارا يرى بالعين المجردة طول الساحلين الشرقي و الغربي للولاية الممتدين على طول 100 كلم , فيما تتضح الرؤية أحيانا حتى شواطئ جيجل المقابلة لها من الجزء الشمالي الشرقي , مما جعل الإدارة الاستعمارية أتذاك تستغلها في مراقبة السفن التجارية و الأساطيل الحربية إلى غاية الاستقلال , ليتعرض للإهمال قبل أن تسترجعها القوات البحرية الجزائرية لذات الغرض في سنة 1983 ليتم تسييرها بعد إنشاء ثكنتها بمعية الديوان الوطني للإشارات البحرية . و علاوة على ذلك يحتوي أسفل راس كاربون على كهف كبير و عميق أنشئ بفعل تضارب الأمواج يعلو على سطح المياه بطول 25 مترا و عرض 8 أمتار ا بطول قاعدة مائية تقدر ب 20 مترا , شكلت منه هيئته الصخرية مكسرا طبيعيا للأمواج التي ترضخ للسكون و عند مرورها لمعبر النفق الذي تحول الى الملجأ المفضل لعجول البحر . و رغم الجمال الطبيعي الشاذ لرأس كابرون و مكانته التاريخية كونه معبر الفيلسوف " ريموند لول" سنة 1307 الذي خاض نقاشات حادة مع علماء مدينة بجاية , الا ان المكان ظل يحتفظ فقط بما أنجزته الإدارة الفرنسية و رغم استقطابه للآلاف أو حتى الملايين من الزوار سنويا , حيث لم تكلف السلطات نفسها عناء تهيئة المسالك المؤدية الى الى كافة أجزائه بما فيها الشواطئ المحاذية له التي لا يتم يلوغها الا بمراهنة نفس صاحبها " ك " برتوس " " تاملاحت" و " كاوس " و ما عدا المعبر الصخري الذي أنشأته فرنسا إلى شاطئ زيقواط , دون أن يتخذ المسؤولون المتداولون على تسيير الشأن العام للولاية ما يمكن أن تدره " الجوهرة النادرة" على قطاع السياحة بعين الاعتبار , لتظل منارته رهينة في قبضة الديوان الوطني للإشارات البحرية .