المنارة تحتل موقعا متميزا على ضفتي البحر المتوسط معالم تاريخية تشهد على الحضارة المتنوعة لمنطقة تنس تتوفر مدينة تنس الواقعة على بعد 50 كلم عن عاصمة ولاية الشلف على ثروات سياحية وطبيعية هائلة إلا أن استغلالها يبقى محدودا بشكل كبير بل إن البعض منها بقي على طبيعته العذراء لاسيما إذا تعلق الأمر بالنشاطات شبه السياحية والتي ظلت ولوقت ليس بالقصير غائبة كالصيد بأنواعه المختلفة والترفيه الغابي والبحري كالغطس واستعمال الزوارق الشراعية التي من شأنها أن تضفي الطابع الجمالي على الصورة الساحلية للمنطقة. ي. تيشات تتميز مدينة تنس الساحلية بموروثات حضارية متنوعة تدفعك للوقوف مع الذاكرة التاريخية والانتماء الحضاري الذي يشهد على قدم المنطقة صامدة تتحدى الدهر تنادي بلسان صدقها عن حقبة غابرة تكاد تنطوي مع مرور الزمن فمنها المواقع الأثرية التي تربط الماضي بالحاضر والمعالم الإسلامية الضاربة في أعماق التاريخ ومثل ذلك مدينة تنس القديمة هذه المدينة الأثرية التي تميزها حدود الصور الحصين جاءت في تخطيطها على شكل قصبة حيث نلاحظ أن الأزقة قد تنوعت واختلفت من حيث الضيق والاتساع مميزة بين أزقة رئيسية واسعة كالطريق المؤدي إلى مسجد سيدي معيزة وبين أزقة ثانوية ضيقة كالتي تؤدي إلى المنازل والأحياء السكنية. ورغم الموقع الذي اتخذته مدينة تنس القديمة وتحصيناتها الطبيعية إلا أنه استوجب وجود سور يحمي المدينة ولقد جاء في المصادر التاريخية في قول الإدريسي ولقد أحاط بها السور وهي مدينة قديمة أزلية عليها سور حصين كما جاء ذكره في البكري وهي مسوّرة حصينة داخلها قلعة صغيرة صعبة الملتقى فإن آثار السور مبنية بالحجارة الكبيرة نوعا ما إذا ما قورنت بحجم الحجارة التي بنيت بها أسس الأبراج والمنشآت الأخرى وهذا راجع لوظيفة السور في حد ذاته والمتمثلة في الحماية وعدم تمكين العدوّ من اقتحامه. ولقد جاءت مدينة تنس في تخطيطها على شكل قصبة تمثلت في الأزقة الرئيسية كالطريق المؤدي إلى جامع سيدي معيزة ويتراوح اتساعها بين (3-2 5م) أما الأزقة الثانوية فقد جاءت ضيقة يتراوح اتساعها ما بين (6-5 1م) وهي تلك الموصلة إلى المنازل والأحياء السكنية وتتميز هذه الأزقة بأنها متشعبة حيث نجد منها ما هو مغلق والبعض الآخر مفتوح وقد أدى هذا إلى اتصال أحياء المدينة ببعضها البعض إضافة إلى أن هذه الميزة تعطي صفة التيهان للشخص الغريب عن المدينة كما تغلب على هذه الأزقة صفتا الانكسار والتعاريج وهذا يلعب دورا من الناحية الفيزيائية حيث يساعد على انكسار قوة الرياح وتكسير المد البصري من الناحية الاجتماعية وأمنيا ملأ الزوايا بأشكال هرمية الغرض منها هو عدم تمكين المهاجم من خصمه إضافة إلى أن هذه الأزقة حوت أدراجا لكي توصل إلى الناحية العلوية وجاء طبعا هذا مراعاة لطبيعة المنطقة.
المنارة معلما تاريخيا قائما لاتزال المنارة معلما تاريخيا قائما تنير درب السفن البحرية بالرغم من عمرها الممتد على 151 سنة وتعرضها لهزتين أرضيتين ضربتا المنطقة في 1954 و1980 بحيث يعود تاريخ بناء هذه المنارة إلى سنة 1861 في موقع صخري على الواجهة البحرية لمنطقة سيدي مروان الواقعة على بعد 15 كلم شرق المدينة الساحلية التنس لتكون بذلك أول منارة تبنى بالساحل الجزائري وبهندسة معمارية نادرة بنيت منارة التنس بحجارة منحوتة لترشد السفن التجارية وغيرها إلى مسار الإبحار الذي توجد فيه ولتتفادي أيضا الاقتراب من هذه المنطقة التي تتميز بتضاريس بحرية وبرية صخرية. وتوجد المنارة التي يبلغ مدى إنارتها 29 ميلا بحريا حوالي 60 كلم على علو 100 متر عن سطح البحر وطولها 35 مترا وهي معروفة جدا في أوساط قادة السفن البحرية التجارية بالنظر إلى قدمها والخدمات التي تقدمها في مجال السلامة البحرية. وبرأي البحارة فإنه وبالرغم من وجود نظم التوجيه الحديثة عبر الأقمار الصناعية والتي تتميز بدقة عالية فلا يمكن الاستغناء عن مثل هذه المنارات التي تمثل الإشارات الرئيسية للسفن عند اقترابها من السواحل. وقد سمح الموقع الجغرافي لهذا المعلم الأثري بوصول أنواره إلى كل الجهة الغربية من ساحل ولاية الشلف كما يشهد على ذلك سكان هذه المدينة من الذين عملوا في البحرية التجارية وباحتلال المنارة موقعا متميزا وهاما بين كل المنارات الموجودة على ضفتي البحر الأبيض المتوسط.