تشهد مختلف سواحل ولاية الشلف، الممتدة على طول 120 كلم، توافدا كبيرا في الفترة الصيفية للسيّاح والباحثين عن الراحة، للاستمتاع بالشواطئ الساحرة وجمال الطبيعة التي تميز البلديات الساحلية، من بني حواء شرقا إلى المرسى في أقصى غرب الولاية. تعتبر مدينة تنس الوجهة الأكثر مقصدا للزائرين، لأنها مدينة تاريخية وتتوفر على معالم تستحق الزيارة، كما هو الشأن للآثار الرومانية، ومعلم السيدة العذراء، والمدينة القديمة التي يعلوها مسجد سيدي معيزة الذي بني منذ أكثر من 11 قرنا، إضافة إلى منارة تنس التي يتساءل المهتمون بالسياحة عن أسباب منع زيارتها، وهي التي كانت مقصدا للسيّاح وزوّار مدينة تنس، خاصة خلال موسم الاصطياف، مع العلم أنها أنجزت سنة 1845 من طرف الاحتلال الفرنسي، حيث مازالت إلى غاية اليوم تستغل في توجيه حركة السفن العابرة للبحر المتوسط، حيث يصل ضوء المنارة ليلا إلى أكثر من 56 كلم في عرض البحر، كما تعتبر أقرب نقطة في خليج الضفة الجنوبية للمتوسط، وهي التي زارها عدد من المشاهير في السياسة والفن خلال منتصف القرن الماضي، وأشهرهم الزعيم الروسي ستالين الذي وقّع على السجل الذهبي للمنارة الذي اختفى منذ سنوات، الأمر الذي قلّل من قيمة هذه المنارة التاريخية، باعتبار أن هذا السجل شاهد تاريخي مهم. وبغض النظر عن تدهور الطريق المؤدية إلى المنارة بسبب استخدامها من طرف الشاحنات، فإن زيارتها أصبحت ممنوعة خلال السنوات الأخيرة، حيث يحرم السيّاح وحتى أفواج تلاميذ المدارس من دخولها، إلا بعد الحصول على ترخيص من مصالح وزارة الأشغال العمومية بالعاصمة، وهو ما اعتبره الزوّار إجراء بيروقراطيا أصبح حرّاس هذه المنارة ملزمين بتطبيقه، ما جعل أهم معلم سياحي وتاريخي بعيدا عن الاستغلال في جذب أكبر عدد ممكن من السيّاح إلى المنطقة التي تتميز بشواطئ هادئة وجميلة تحتاج إلى استثمار جاد، خاصة على مستوى الهضبة القريبة من المنارة التي تعلو الشاطئ الذي يستقطب هواة الصيد والمغامرين. وعلمت ''الخبر'' التي زارت المكان أن هذه المنارة تحوّلت إلى مقر دائم لإقامة عائلات الحراس الذين استفاد بعضهم من التقاعد، بعد أن أفنوا سنوات من حياتهم في تسيير وصيانة هذا المعلم التاريخي الذي مازال يقاوم كل العوامل الطبيعية والزمنية. ويتذكر بعض سكان المدينة سنوات الصغر، عندما تمكنوا من زيارة هذه المنارة التي مازالت ذكرياتها راسخة بأذهانهم، قبل أن يتم منع دخولها إلا بترخيص من الوزارة الوصية، لأسباب لم نجد لها تفسيرا.