ع. صلاح الدين/ وكالات اتفق الغرب على أن ضرب ليبيا لن يتوقف حتى يرحل القذافي، حيث أجمع المجتمعون في المؤتمر الدولي بشأن ليبيا، الذي عقد في لندن يوم الثلاثاء، على فقدان الزعيم الليبي معمّر القذافي ونظامه للشرعية، وعلى محاسبتهم على "أفعالهم"، مؤكدين على مواصلة العمليات العسكرية التي أطلق عليها "فجر الأوديسا" حتى يرحل النظام الليبي، ولكنهم لم يناقشوا مسألة تسليح المعارضة الليبية. وأوجز وزير الخارجية البريطاني وليام هيج، في ختام المؤتمر الذي ترأسه، النقاط التي اتفق عليها المجتمعون، بأن المشاركين جدّدوا الالتزام بتطبيق قرارات مجلس الأمن بشأن ليبيا بشكل كامل، واعتبروا أن القذافي ونظامه فقدا الشرعية بشكل كامل "وسيحاسبون على أفعالهم". وأشار إلى أن المجتمعين اتفقوا على فرض القيود والعقوبات على النظام الليبي والعمل على منع الإمدادات بالمرتزقة وعملياتهم، كما اتفقوا على النظر في إمكانية السعي في الأممالمتحدة والمنظمات الإقليمية، إلى فرض مزيد من العقوبات على نظام القذافي. وأضاف هيغ أن هدف هذه العقوبات بعث رسالة واضحة إلى القذافي بأنه لا يمكن أن يهاجم المدنيين وينجو بفعلته. واتفق أيضاً على ضرورة أن يكون الشعب الليبي حراً في تقرير مستقبله، وضرورة مد المعونات الإنسانية ل 80 ألف مهجّر بفعل الاضطرابات الحاصلة. وقال هيغ إن العملية العسكرية لقوات التحالف ستتواصل إلى حين تطبيق شروط قرار مجلس الأمن ورحيل القذافي عن السلطة، داعياً قوات القذافي إلى وقف فوري لإطلاق النار في البلاد. وأشار إلى أنه يجري تشكيل مجموعة اتصال بشأن ليبيا لتنسيق الدعم الدولي للشعب الليبي، لافتاً إلى أن أول اجتماع للمجموعة ستترأسه قطر "في اقرب وقت ممكن". ولفت إلى أنه لم يجر في المؤتمر مناقشة مسألة تسليح المعارضة الليبية، معربا عن اعتقاده بأن حظر السلاح المفروض من قبل الأممالمتحدة على ليبيا "ينطبق على كل البلاد في اعتقادنا". وقرر المؤتمر أن يكون لقاؤهم التالي في قطر، التي تشارك إلى جانب عدد من الدول العربية والإسلامية الأخرى من بينها تركيا والإمارات العربية المتحدة والأردن والمغرب، إضافة إلى الأممالمتحدة وجامعة الدول العربية. تسليح الثوار بدورها، أعلنت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بعد انتهاء المؤتمر إنه لم يتخذ أي قرار بشأن تسليح المعارضة الليبية، لافتة إلى أن مزيداً من العقوبات ستفرض على الأشخاص المرتبطين بنظام القذافي، وستساعد قطر في بيع النفط الليبي من قبل زعماء المعارضة الليبية وفقاً للقانون الدولي. ودعا رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم آل ثاني القذافي إلى الاستقالة من منصبه لوقف الحرب التي تشهدها ليبيا. وقال بن جاسم "ندعو القذافي للرحيل"، مضيفا "أعتقد أن هذا هو الحل الوحيد لمعالجة هذه المشكلة بأسرع ما يمكن، ونحن لا نرى أي مؤشر على ذلك الآن". وأضاف "لكن هذا العرض الذي نقدمه الآن ربما لا يظل على الطاولة بعد أيام عدة، أنا لا أحذر أي شخص لكن أحاول أن أوقف نزف الدم". وكان أمين عام الأممالمتحدة بان كي مون قال اليوم إنه سيقود تنسيق الجهود الدولية لرسم مستقبل ليبيا، مبدياً استعداد المنظمة الدولية لمساعدة الشعب الليبي في الانتقال إلى الديمقراطية. ونقلت وسائل إعلام بريطانية عنه قوله في المؤتمر الدولي في لندن إن "الانتقال إلى حكومة ومجتمع ديمقراطي سيستلزم الوقت والدعم مننا كلنا. والأممالمتحدة مستعدة وجاهزة لمساعدة الشعب الليبي في هذا الانتقال". ولفت إلى أنه سيقود جهود تنسيق الجهود الدولية الرامية لرسم مستقبل ليبيا. وقد أكد رئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون في المؤتمر وحدة المجتمعين، تجاه مساعدة الشعب الليبي في محنته، مجدداً الالتزام بتنفيذ قراري مجلس الأمن الدولي المتعلقين بهذه الأزمة. ونقلت وسائل الإعلام بريطانية عنه قوله في افتتاح المؤتمر "إننا كلنا متحدون هنا على هدف واحد وهو مساعدة الشعب الليبي في وقت الحاجة". وقال إن الشعب الليبي بحاجة لأمور ثلاثة من المجتمع الدولي من اجل ضمان مستقبل "خال من القمع"، وهي "أولاً علينا تجديد الالتزام بقراري مجلس الأمن الدولي 1970 و1973 وإعادة التأكيد على التحالف الواسع الذي شكل من اجل تطبيقهما". أما الأمر الثاني فهو، بحسب كاميرون، ضرورة ضمان وصول المساعدة الإنسانية إلى موضع الحاجة، بينها المدن التي حررت أخيراً من قوات الزعيم الليبي معمّر القذافي. وأضاف أن الأمر الثالث هو "أن علينا مساعدة الشعب الليبي على التخطيط لمستقبله بعد انتهاء النزاع". ودافع كاميرون عن العمليات العسكرية لقوات التحالف، معتبرا أنها جنبت الليبيين مذبحة كان يمكن أن تقع في بنغازي. وقال إن رسالته للمواطنين الليبيين هي أن "هناك أيام أفضل مقبلة". وقال إن القذافي يواصل الانتهاك "السافر" لقرار مجلس الأمن الدولي بشأن ليبيا. وانطلق المؤتمر الدولي اليوم لبحث الأوضاع في ليبيا بمشاركة أكثر من 35 دولة، وحضور الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الخاص عبد الإله الخطيب الذي يتوقع أن يتوجه إلى ليبيا قريباً. مواصلة الضغط بدورها، قالت وزيرة الخارجية الأميركية في المؤتمر إنه يجب مواصلة العملية العسكرية لقوات التحالف في ليبيا إلى حين "وقف (القذافي) لهجماته على المدنيين وتراجع قواته من الأماكن التي دخلوها بالقوة، والسماح للخدمات الأساسية والمساعدة الإنسانية بالوصول إلى كل الليبيين". وأضافت "علينا أن نواصل جميعاً الضغط وتعميق عزلة نظام القذافي عبر سبل أخرى أيضا". والتقت كلينتون على هامش المؤتمر في لندن بمحمود جبريل مسئول الشؤون الدولية في المجلس الوطني الانتقالي الذي يمثل المعارضة الليبية. وهو ثاني لقاء بين كلينتون وجبريل منذ اجتماعهما الأول في 15 مارس في باريس. وقد أوفدت غالبية الدول المشاركة في المؤتمر وزراء خارجيتها ومن بينهم وزير خارجية فرنسا ألان جوبيه وألمانيا غيدو فيسترفيلي. كما شاركت في المؤتمر منظمات وهيئات دولية مثل حلف شمال الأطلسي (الناتو) والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي. ومن ابرز المشاركين الذين انضموا للمباحثات إضافة إلى بان وكلينتون وأمين عام حلف شمال الأطلسي انديرس فوغ راسموسن وأمين عام منظمة المؤتمر الإسلامي أكمل الدين إحسان اوغلو ورئيس الوزراء القطري، ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون وموفد الأممالمتحدة إلى ليبيا عبد الإله الخطيب، وممثل الجامعة العربية السفير هشام يوسف. ومن أبرز الدول العربية والإسلامية الممثلة على مستوى وزراء الخارجية قطر والإمارات وتركيا والأردن. أما الدول العربية التي أوفدت سفراء عنها فهي المغرب وتونس والكويت. ولم يحضر جيان بينج رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي القمة كما كان مقررا من قبل. يشار إلى أن قوات التحالف الدولي تشنّ منذ 19 مارس عملية عسكرية لفرض حظر جوي على ليبيا، بموجب القرار 1973 الذي قضى بفرض الحظر واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لحماية المدنيين. ووافق حلف شمال الأطلسي "الناتو" على تولي تنفيذ حظر الطيران فوق ليبيا، وقال الأمين العام للحلف اندريس فوغ راسموسين إن تفويض الناتو لن يتجاوز في الوقت الراهن مهمة فرض حظر الطيران، وان عملية منفصلة بقيادة الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا ستتولى حماية المدنيين الليبيين. ويتهم الزعيم الليبي قوات التحالف بالتسبب بقتل مدنيين، وهو ما ينفيه التحالف، الذي يشدد على العمل على حماية أمن المدنيين. الناتو: "لا حلّ عسكري منفرد للأزمة الليبيَّة" أَكَّد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، الناتو، أندرس فو راسموسن أنه لا يسعه التكهن بالمدَّة التي ستستغرقها المهمَّة العسكريَّة للحلف في ليبيا، مشيرًا إلى أن الحلّ لا يمكن أن يكون عسكريًّا فقط. وعقب تعهُّد ائتلاف دولي بمواصلة العمليات العسكريَّة ضدّ الزعيم الليبي معمر القذافي والموافقة على تشكيل مجموعة اتصال لتنسيق الجهود السياسيَّة حثّ راسموسن جميع الأطراف على البحث عن حلٍّ سياسي في أسرع وقتٍ ممكن. وحين سُئل عن الفترة التي ستستغرقها مهمَّة الحلف وما إذا كانت ستصبح عبئًا عسكريًّا على الدول الأعضاء في الحلف إضافة للمهمة التي يضطلعون بها منذ فترة في أفغانستان أجاب: "لا تكهنات". وأضاف: "لكن أمل أن أرى حلا سياسيًّا للمشاكل في ليبيا في أسرع وقتٍ ممكن، من الواضح أنه ما من حلٍّ عسكري فقط للمشاكل في ليبيا". وأوضح راسموسن "نحن هناك لحماية المدنيين من الهجمات وأيضًا لإيجاد حلّ طويل الأمد للنزاع في ليبيا ونحتاج إجراءات سياسيَّة وسأطلب من جميع الأطراف المعنيَّة البحث عن حل سياسي عاجلا وليس آجلا". ويوم الأحد وافق حلف شمال الأطلسي على تسلم قيادة جميع العمليات في ليبيا من ائتلاف قادته الولاياتالمتحدةوفرنسا وبريطانيا ليتولَّى الحلف الذي يضمُّ 28 دولة مسئوليَّة الغارات الجويَّة التي تستهدف البنية التحتيَّة لقوات القذافي فضلا عن فرض حظر جوي وحظر على الأسلحة بناءً على تكليف من الأممالمتحدة. قوَّات القذافي تسيطر على راس لانوف استَعَادت قوات العقيد معمر القذافي أمس الأربعاء السيطرة على مدينة راس لانوف وقصفت قوات المعارضة بالصواريخ، وذلك بعد أيامٍ من سيطرة الثوار عليها. وأرغمت القوات التابعة للقذافي الثوار المسلحين على الفرار من هذا المصبّ النفطي الاستراتيجي والعودة أدراجهم شرقًا. وقال اثنان من المعارضين المسلحين: إن المعارضة انسحبت من راس لانوف بعد تعرضها لقصف بالصواريخ، ورأى شاهد من رويترز عددًا من الشاحنات الصغيرة ذات الدفع الرباعي التابعة للمعارضين تتجه شرقا بعيدًا عن البلدة. وكان معارضون ذكروا في وقتٍ سابق أن مقاتليهم يشتبكون مع قوات القذافي بين بن جواد وبلدة راس لانوف النفطية بعد أن شنت قوات القذافي هجومًا على الشرق.