الشيخ: عمر سليمان الأشقر نهانا رُّبنا _ تبارك وتعالى _ عن تزكية أنفسنا وذلك بمدح الواحد منَّا نفسه وثنائه عليها وذكر ما فعله من أفعال خير من صلاة وصوم وزكاة وحجّ وأمر بمعروف ونهي عن المنكر وقد علَّل الله _ تبارك وتعالى _ للنهي عن التزكية بكونه العالم بمن اتقى فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى [النجم: 32] . ومن استحضر أن الله تعالى عالم به مطَّلع على أعماله وأقواله فإنه يتواضع لله تبارك وتعالى ويصغر في عينيه ما عمله ويكون خائفاً دائماً أن لا يتقبل الله تعالى منه وأن يضيع عمله فيصبح عمله هباءً منثوراً فإن العجب بالأعمال من محبطات الأعمال . والذي يعلم يقيناً أن الله تعالى يراه ويعلم بما كان منه من تقوى يطمئن إلى أن الله لا يضيع عمله وسيجازيه به قال تعالى : وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْر فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمُ بِالْمُتَّقِينَ [آل عمران: 115]. قال : لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمُ بِالْمُتَّقِينَ [التوبة: 44] . وكما على العبد أن يكون دائماً على حذر أن يشغل نفسه بتزكية نفسه فعليه أن يحذر من تزكية غيره فقد يجرُّه ذلك إلى نوع من التملق والنفاق وقد تنفخ تلك التزكية العظمة والعجب فيمن زكيته فيقطع المرء بتزكيته عنق صاحبه . من يتق ويصبر فلن يضيع الله علمه الذي يقوم بالتقوى مخافةً لله وعملاً بالصالحات وتركاً للمحرمات لا بد له من الصبر فإن الذين لا يصبرون لا يستطيعون الإتيان بالعبادات على وجهها ولا يطيقون الجهاد في سبيل الله تعالى . ولذا فإن الله تعالى ذكر الصبر والتقوى جميعاً في غير موضع من كتابه وبيّن أنه ينصر العبد على عدوه من الكفار المحاربين المعاندين والمنافقين وعلى من ظلمه من المسلمين ولصاحبه تكون العاقبة قال الله تعالى : بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِّنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلاف مِّنْ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ [آل عمران: 125] وقال الله تعالى : لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ [آل عمران 186] وقال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتْ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمْ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ * هَاأَنْتُمْ أُوْلاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمْ الأَنَامِلَ مِنْ الغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ [آل عمران: 118- 120] وقال إخوة يوسف له : لأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ [يوسف: 90] [الزهد والورع والعبادة] .