كي تتغلب على المعصية عليك بالصبر على طاعة الله، فإن طاعة الله تعالى بفعل أوامره تحتاج إلى مجاهدة النفس، وعمل الجسم، وكل هذا يحتاج إلى صبر، فالصبر ثلاثة أنواع: صبر على الأقدار، وصبر عن المعاصي، وصبر على الطاعات. وعلى العبد أن يشكر، وذلك بأن يعلم أن هذه النعمة من فضل الله عليه، وأنه لولا لطف الله وتيسيره ما حصلت له تلك النعمة، ثم بعد ذلك يثني بها على ربه، وبما أنعم به عليه من نعم ظاهرة وباطنة دينية ودنيوية، ثم يقوم بطاعة من أنعم بها عليه، فالشكر لابد له من اعتراف بالقلب، واعتراف باللسان، وعمل بطاعة النعم في الجوارح والأركان. فمن حقق مقام الصبر، ومقام الشكر كمل بذلك إيمانه ونجا. قال ربنا جل وعلا: إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ. (آل عمران 12). وقال جل وعلا: لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيراً وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ. (آل عمران 186). ومن أعظم الصبر، الصبر على هداية الناس، والصبر على انتظار النتائج، لأن استعجال الثمرة قد يؤدي إلى نتائج عكسية تضر أكثر مما تنفع، فالصبر إذا اقترن بالأمر كان عصمة من الملل واليأس والانقطاع.