بقلم :وليد بوعديلة الجزء الأول يسهم الكاتب والباحث الجامعي حميد لعدايسية إسهاما متميزا ومتواصلا في النقاش الفكري والسياسي في الجزائر والعالم العربي وبعيدا عن كتاباته وآرائه السياسية فهو يقدم نموذجا خاصا في الطرح الفكري يحتاج إلى وقفات نقدية تحاوره وتجادله عبر تتبع مقالاته في الصحافة الجزائرية والعربية المكتوبة والالكترونية فما هي اتجاهات الخطاب الفكري عنده؟ يمكن أن ندرج اتجاهات فن المقال وخطابه عند الكاتب حميد لعداسية في ثلاث اتجاهات تتمحور ضمن الكثير من الدراسات التي نشرها منذ عقود تتجاوز الثلاثة وقد سعينا لجمع وتصنيف بعضها بالاطلاع على تاريخ الصحافة الجزائرية بخاصة منذ بدايات القرن21. 1-عن التاريخ والملحمة النوفمبرية يقود الاتجاه الأول في مقالات حميد لعدايسية القارئ إلى دراساته حول التاريخ وثورة أول نوفمبر والمزج بين الثورة التحريرية المجيدة وأبعاد ها الحضارية وبين راهن الجزائر المستقلة وقضاياها المجتمعية والسياسية والتاريخية وكذلك العلاقات بين الجزائروفرنسا ومن المقالات التي تأتي هنا نذكر: -قراءة حضارية واعية لتاريخ الحركة الوطنية جريدة المجاهد الأسبوعي عدد1980 جويلية1998. -طغيان الفرنكفونية ومستقبل النوفمبرية في ظل العولمة جريدة كل الدنيا-عدد83-فيفري2001.- -أهمية التاريخ في ظل العولمة جريدة البصائر عدد818-أوت-2016. - نحو فهم أعمق للثقافة التاريخية مقاربة معرفية جريدة الخبر عدد5سبتمبر 2016. -وا نوفمبراه جريدة البصائر عدد883-نوفمبر2017. - تاريخ ملحمتنا:تزوير الأعداء وتنطع الزعماء وغفلة الأبناء جريدة الحبر-عدد27-أوت-2016. وغيرها من الدراسات التاريخية الهامة وقد لاحظنا أن الأستاذ المحترم حميد لعدايسية يبحث _عبر مقالاته-عن مجد نوفمبري جديد فيه روح الشهداء و عطرهم ودمهم ومن ثمة يحيلنا الكاتب على ان كل الجمال و الجلال والقداسة في ملحمة نوفمبر وكل القبح و الهوان و الدنس في خيانة جيل الاستقلال بل من يتعمق مقالاته يجده يركز على خيانة زملاء النضال و الجهد بعد الاستقلال ؟؟ نقرأ له: ثورة نوفمبر طافحة من نشوة الانتصارات فهل من ظامئ يسكب ويشرب ويرتوي؟ هاهي امة نوفمبر تضلل حضاريا وتقهر فكريا وتمنع من هويتها ويحال بينها وبين بيانها الذي خط بدماء الشهداء... وتدبج لها هويات ويتسول لها ثقافات ولهذا تاهت وتمزقت واختنقت وشب في قلب استحقاقاتها التاريخية والحضارية حريق ( مقال:البعد الحضاري لثورة نوفمبر جريدة الوسط عدد63 نوفمبر2002). وهو يرى بان ثورة نوفمبر ملحمة حضارية قامت فاصلا وجدارا بين الحضارة الغربية الأوربية والحضارة العربية الإسلامية ومن هنا نسمع-بين سطور- الباحث لعدايسية الصوت الفكري والإعلامي الغاضب ضد من خان أمانة الشهداء فيستعمل خطابا قويا صارخا نقرأ: أليس من بين المتسولين حضاريا والمعتوهين ثقافيا واللقطاء تاريخيا من يقطف ثمار هذه الملحمة ويريح نفسه من أمراض التبعية التي شوهته؟إن العزة التي منحتها ملحمة نوفمبر للأمة الجزائرية عزة أخرى لا تستطيع فرنسا التاريخية بل ولا تستطيع العلم كله أن ينال منها (مقال:وانوفمبراه البصائر عدد883) ونرى بان أستاذنا المحترم قد غلبه البعد العاطفي الذاتي على البعد الموضوعي العقلاني في الحوار الفكري أو التاريخي فكان عليه أن لا يرمي كل مختلف عنه بهذه الكلمات القاسية لان مجال العودة للحضن الوطني و طريق الشهداء والمجاهدين الشرفاء يبقى طريقا مفتوحا للجميع.لكن ربما للباحث لعدايسية قناعاته و مرجعياته في هذه الغضبة النوفمبرية ؟؟ ويناقش في مقاله قراءة حضارية واعية لتاريخ الحركة الوطنية الجزائرية في جريدة المجاهد الأسبوعي الكثير من الكتابات التاريخية الفرنسى مثل:أندري جوليان توماس كارليل لوروا بوليو.... ويكشف ممارسات حملات التبشير و التمسيح و ووسائل المستعمر لتغيير هوية المجتمع ودور مخابره العلمية والسياسية في صناعة نخبة مشوهة وأسيرة للمستدمر عبر محاولة تدمير البنية الثقافية العربية الإسلامية في الحركة الوطنية ومن ثمة يقترح الكاتب الصحفي في مقاله: إن تاريخ الحركة الوطنية الجزائرية في حاجة إلى التمحيص والتنقيح و التصحيح تخلصه من عقدة الاستلاب التي نتجت أساسا عن الاعتماد المفرط على المصادر الغربية وإهمال المراجع الوطنية أو تناولها من وجهة نظر استعمارية تناورية و تمتلك المدرسة الاستدمارية في تاريخ الحركة الوطنية-كما جاء في الدراسة-نظرتين: الأولى ضيقة وفيها ينفي الاستعمار كينونة الجزائري ويبرز الفروق العرقية و الجغرافية و يزرع الفتنة والثانية واسعة وفيها التشكك في الانتماء الحضاري وطمس معالم المجتمع و الإساءة للإسلام و اللغة العربية. سبتمبر من سنة2016: إن الاهتمام بالماضي و الاهتمام بالمستقبل متصلان والتاريخ يبدأ بتوريث التقاليد وهي تعني نقل عادات الماضي ودروسه وضوء خبرته إلى المستقبل وهذان هما اللذان يبرزان التاريخ ويفسرانه...إن التاريخ الذي يقف عند مجرد الوصف او السرد جسم بلا روح فإن نفخ فيه المؤرخ من روحه فقد بعث الحياة في الماضي الميت . تختصر مقالاته الطريق على النظام السياسي الجزائري فهذا النظام سيحمي المجتمع و الدولة من الانهيار والتشتت والضياع إذا تمسك بقيم ثورة نوفمبر فعلا لا قولا وعبر الممارسات والآليات التنفيذية وليس الشعارات والخطابات و هو ما يفسر اتجاه الباحث لدراسة حضور البحث التاريخي في سياق العولمة و الصراعات الدولية من خلال مقالته أهمية التاريخ في ظل العولمة - نشره في جريدة الخبر عدد يوم5أوت2016 وجريدة البصائرعدد818-أوت2016. لأن المسالة التاريخية لا تتعلق بالمجتمع و الدولة فقط بل بعلاقتهما بغيرهما في السياق الدولي والعولمي. فقد توقف عند مواقف فرنسي فوكوياما وهانتغتون ومالك بن نبي...وكشف تأثير خطاب العولمة على الهويات وكيفية فصل المجتمع عن قيمه الثقافية وأصوله التاريخية وكان المقال قويا في طرحه الفكري وصارخا في أسلوبه لتنبيه المجتمع و الدولة لمخاطر خيانة التاريخ و التراث. يتبع..