أعلن عدد من الدعاة والعلماء في جمهورية كاريليا (شمال غرب روسيا) عن تأسيس أول اتحاد لعلماء المسلمين، بعد ظهور حاجة المسلمين الملحة بالجمهورية التي تتمتع بحكم ذاتي داخل روسيا الاتحادية إلى جبهة موحدة للإفتاء. ويضم الاتحاد الدعاة الحاصلين على شهادات في العلوم الشرعية والمتحدثين باللغة العربية، وتم انتخاب الشيخ وسام البردويل مفتي الجمهورية، ورئيس الإدارة الدينية لمسلمي جمهورية كاريليا، رئيسا للاتحاد لمدة عام. وفي أول بيان رسمي يصدر عن الاتحاد الجديد أشار إلى أن: "الاتحاد سيعمل على إيجاد مرجعية فقهية يستمد منها المسلمون حلولا شرعية لما يطرأ لهم من المسائل مبنية على طلب الدليل القوي والمصلحة الراجحة". كما أوضح البيان الصادر عن "اتحاد العلماء" بأن الاتحاد سيقوم بالإشراف على الأمور الدينية وتعيين الأئمة والمؤذنين التابعين للإدارة الدينية للجمهورية. وسيجتمع الاتحاد مرة شهريا، وعلى رأس أولوياته للنقاش والدراسة تحديد مواعيد الصلاة والصيام في رمضان في ظروف غياب الليل صيفا. ويضم الاتحاد الذي يتبع الإدارة الدينية في كاريليا 5 أعضاء مؤسسين، ثلاث منهم عرب واثنان بيلاروس، وهم كل من: الشيخ عبد القادر عيسى، نائب مفتي الجمهورية، والإمام عبد العزيز سيرجي ديتكو، إمام وخطيب مسجد بيتروزافودسك، وكلا من مريم يلينا كوفاليوفا، خريجة المعهد الأوروبي في ويلز في بريطانيا، وحجيبة صادر، خريجة الدراسات الإسلامية في المغرب، وهما مدرستان بالمدرسة الإسلامية. مرجعية فقهية وحول أهمية هذه الخطوة، قال الشيخ وسام البردويل رئيس الاتحاد، في تصريح خاص لشبكة "أون إسلام" إن "الساحة الإسلامية في روسيا الآن تشهد فوضى في مجال الإفتاء فلا توجد مرجعيات علمية موثوق بها ولها دراية بخصوصية أوضاع المسلمين الروس". ولفت الشيخ البردويل إلى أن "أغلب الفتاوى المتداولة على الساحة المحلية مستوردة ومتضاربة فيما بينها بشكل كبير وتسبب فتنة كبيرة للمسلمين، وخاصة ما يتعلق بمسائل حيوية لعموم الأمة في روسيا مثل العلاقة مع الدول والمجتمع ومسألة الانفصال عن روسيا وغيرها من المسائل التي انقسم حولها المسلمون إلى فرق مختلفة تعادي بعضها البعض في غياب دور المفتين الروس والذين لا يمارسون مهمة الإفتاء بل يكتفون بدور إداري لشؤون المؤسسات التي يرأسونها فمنصب المفتي في روسيا ليس منصبا علميا بل إداريا". وتابع البروديل قوله: "لذا ظهور اتحادات للعلماء من المطلعين على أحوال المسلمين هنا سيسد الفراغ ويوحد المسلمين أو على الأقل سيقلل من فرقتهم بإذن الله". وبسؤال الشيخ البروديل عن مواصفات العلماء الذين سيكون لهم الحق في الانضمام للاتحاد الجديد، أوضح بأنهم: "الدعاة الذين تخرجوا من الكليات الشرعية ولديهم شهادات علمية رسمية في العلوم الشرعية، ويتحدثون العربية بطلاقة كي يتمكنوا من الإطلاع على المراجع والمصادر العلمية"، مشيرا إلى أن منصب الإمام أو المؤذن لا يتطلب هذه الشروط. وأشار الشيخ البردويل بأنه: "يوجد حاليا في كاريليا 8 أئمة لأربع مساجد في أنحاء كاريليا المختلفة وعدد مماثل للمؤذنين كلهم يقطنون كاريليا بشكل دائم وإن كانوا كلهم مهاجرين". وحول خريطتهم العرقية أوضح بأنهم عرب وروس وبيلاروس وشيشانيون وطاجيك وداغستان، مشيرا إلى أن "اثنان منهم فقط أنهوا الدراسة في كليات شرعية، ويوجد منهم من يدرس حاليا أما الباقي فهم ممن لهم شيء من العلم ما يسمح لهم بإمامة الصلاة وإلقاء خطبة الجمعة والعيدين". مسلمو كاريليا ويعود بداية تواجد المسلمين في هذه المنطقة إلى التسعينيات من القرن الماضي، فأغلب مسلمي كاريليا لم يولدوا فيها، فمنهم من جاء من جمهوريات أخرى خارج روسيا مثل طاجيكستان وأذربيجان، ومنهم من حضر من مناطق داخل روسيا يقطنها المسلمون مثل الشيشان وتتارستان. ويبلغ عدد المسلمين في الوقت الحالي أكثر من عشرين ألف مسلم، يشكلون حوالي 2% من عدد السكان، يعيش منهم في العاصمة وحدها نحو ستة آلاف مسلم، وينحدرون من أصول مختلفة حوالي 30 قومية مثل الأذربيجان والتتار والداغستان والشيشان والأوزبيك وغيرهم، كما يوجد روس وكاريل وفنلنديين، من أهل البلد الاصليين الذين اعتنقوا الاسلام، وتقدر أعدادهم بالمئات وهم في ازدياد مستمر. يذكر أن جمهورية كاريليا هي إحدى مقاطعات روسيا الاتحادية وتقع شمال غرب موسكو، وتتمتع بحكم ذاتي وتبلغ مساحتها 180.5الف كلم مربع، ويزيد عدد سكانها عن 700 ألف نسمة، منهم 73.6% روس 13.1% سكان أصليون مثل الكاريل والفنلنديون وفيبس وغيرهم. كما يقطن الجمهورية الكثير من القوميات الأخرى من كل أنحاء الاتحاد السوفيتي السابق. وفي عام 2001 تم تأسيس أول إدارة دينية لمسلمي جمهورية كاريليا، بهدف توحيد الجمعيات الإسلامية المحلية في مختلف مدن جمهورية كاريليا في إطار موحد لجميع أئمة ومسلمي كاريليا وتمثلهم أمام الدولة رسميا. ويوجد حالياً للمسلمين في كاريليا أربع مراكز إسلامية في مدن بتروزافودسك وكوستوموكشا وكوندوبوغا والونيتس، تحتوي على مصليات، إلا أنه حتى الآن لم يبنِ المسلمون مساجد في كاريليا. كما يصدر مسلمو كاريليا جريدة إسلامية أسبوعية، ولهم نشاط دعوي كبير وأيضا الإدارة الدينية تقوم بالحوار مع مؤسسات الدولة للدفاع عن حقوق المسلمين وحمايتهم وتوفير ما يحتاجونه من المساعدات. * في أول بيان رسمي يصدر عن الاتحاد الجديد أشار إلى أن: "الاتحاد سيعمل على إيجاد مرجعية فقهية يستمد منها المسلمون حلولا شرعية لما يطرأ لهم من المسائل مبنية على طلب الدليل القوي والمصلحة الراجحة".