بالتزامن مع تشييع جثامين الشهداء التسعة في مجزرة »أسطول الحرية«، واصل الرئيس التركي عبد الله غول يوم الخميس الهجوم على إسرائيل، محذرا إياها من أنها ستندم على خطئها الكبير الذي ارتكبته بمهاجمتها أسطول الحرية الذي كان ينقل المساعدات الإنسانية إلى غزة. وفي تصريحات أدلى بها للصحفيين خلال استقباله حاكم محافظة الأناضول، أضاف غول أن إسرائيل ستفهم قريباً كم أن الخطأ الذي ارتكبته كبير، قائلا »إنه لا شك بأن تركيا لن تسامح أبداً على الهجوم ضد مواطنيها والسفن في المياه الدولية، إن تركيا ستفعل بالطبع ما عليها في ظل هذا الهجوم، إن إسرائيل ارتكبت خطأ كبيراً ستندم عليه ولن ننسى أبداً الهجوم الإسرائيلي«. وأشار إلى أن الهجوم الإسرائيلي أحدث ضجة كبيرة في العالم وأن مجلس الأمن أدانه بالإجماع وستشكل لجنة دولية مستقلة للتحقيق بشأنه. وبشأن مستقبل العلاقات مع إسرائيل، قال جول إنها لن تكون الآن كما كانت سابقاً قائلا: »إسرائيل تتصرف بشكل خاطئ حيال مستقبلها، وإن الحكومة في إسرائيل بدأت تشكل عبئا على شعبها وتتبع سياسات تجعل مستقبلهم أسود«. وذكرت وكالة أنباء الأناضول أن جول رد على التعليقات بأن تركيا قد لا تلعب دور الوسيط في قضية الشرق الأوسط بعد اليوم، قائلاً: »القضية ليست واحدة بين تركيا وإسرائيل بل هي بين إسرائيل والبشرية، كلامي مهم لمن يفهمونه ويجب أن يقيم الإسرائيليون والمسؤولون الأمريكيون ملاحظاتي بشكل جيد«، وذلك في إشارة إلى أن إسرائيل دخلت في مواجهة مع الأحرار في أكثر من 40 دولة بعد الهجوم على أسطول الحرية. ورغم أنه لم يعرف حتى الآن طبيعة الرد التركي على مجزرة أسطول الحرية، إلا أن هناك من رجح أن يكون قاسيا بالنظر إلى المفاجأة المتمثلة بالإشارات الضمنية المتزايدة من قبل المسؤولين الأتراك حول احتمال تورط الموساد في الهجوم الصاروخي على قاعدة بحرية تركية في ميناء مدينة الإسكندرونة المطلة على البحر المتوسط في 30 ماي والذي أسفر عن مقتل ستة جنود أتراك وجرح سبعة آخرين، ففي 2 جوان، ألمح وزير داخلية تركيا إلى هذا الأمر وأكد أنهم بانتظار التحقيقات النهائية في الهجوم، وفي 3 جوان، كرر رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان الإشارة الضمنية لاحتمال تورط الموساد عبر التأكيد أن الجهة المنفذة للهجوم تلقت مساعدات من جهاز استخبارات خارجي. أيضا، فإنه مع وصول المتضامنين الأتراك وجثامين الشهداء، ظهر حجم المأساة التي تعرضت لها سفينة مرمرة التركية، وهو الأمر الذي سارع معه مدعي عام أنقرة للاستماع لشهادات الجرحي، فيما حركت منظمات حقوقية تركية على الفور دعاوي قضائية ضد قادة إسرائيل. غضب شعبي وكانت جثث الشهداء التسعة قد أعيدت إلى تركيا من إسرائيل صحبة أكثر من 450 ناشط في الساعات الأولى من صباح الخميس، وأعلن الإعلام التركي أن ثمانية من الشهداء كانوا من حملة الجنسية التركية، بينما كان التاسع أمريكيا من أصل تركي. وتوصل الفحص الطبي الشرعي الذي أجري على الجثث أن جميعها كانت مصابة بطلقات نارية، وقالت وكالة الأناضول التركية إن قائمة الشهداء تضمنت شابا تركيا يبلغ من العمر 19 عاما يحمل الجنسية الأمريكية أصيب بأربع طلقات في رأسه وواحدة في صدره، كما كان بين الشهداء بطل تركيا في رياضة التايكوندو. وحضر الآلاف من الأتراك الغاضبين مراسم تشييع الناشطين التسعة التي بدأت بصلاة الجنازة في مسجد الفاتح في إسطنبول، فيما اتهم نائب رئيس الوزراء التركي بولند ارينج في كلمة ألقاها خلال تشييع الجنازة إسرائيل بالقرصنة وقال إن الناشطين واجهوا البربرية والتعسف ولكنهم عادوا بفخر. وأضاف ارينج أن الحكومة تحيي هيئة الإغاثة الإنسانية التركية التي لعبت دورا أساسيا في تنظيم بعثة »قافلة الحرية«. ومن جانبه، قال رئيس هيئة الإغاثة الإنسانية التركية بلند يلدرم والذي كان احتجز مع بقية الناشطين أنه يعتقد أن عدد الشهداء أكثر من تسعة، إذ أن لدى هيئته قائمة بأسماء المفقودين. وكان الأمر اللافت للانتباه على هامش استقبال النشطاء وجثامين الشهداء هو استطلاع للرأي أيد خلاله نسبة 52.8 ٪ من الشعب التركي القيام بعمل عسكري ضد إسرائيل بسبب هجومها على سفن أسطول الحرية. وأظهر الاستطلاع الذي أجرته صحيفة »وقت« التركية عدم رضا 20.6٪ عن التدابير المتخذة من قبل الحكومة للرد على الهجوم الإسرائيلي واعتبارها غير كافية.