التوكل هو الثقة مما في يد الله سبحانه وتعالى، واليأس مما في يد الناس ولا تطلب منهم أي شيء لأن الله هو الذي يصرف الأمور، وبالتالي فالتوكل هو الاستعانة بالله عز وجل وتفويضه في قضاء الأمور. استهل الشيخ فرحات المنجي أحد كبار علماء الأزهر الشريف بهذه الكلمات حلقته من برنامج »الدين والحياة« على قناة »الحياة« الفضائية، والذي تناول فيها موضوع التوكل على الله وأهميته في حياتنا. وأوضح الشيخ المنجي أهمية الأخذ بالأسباب في التوكل، خاصة أن التوكل على الله لا يتنافي مع الأخذ بالأسباب، بل إن الأخذ بها من صدق التوكل على الله عز وجل. ورأى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان نموذجا للمؤمن المتوكل على ربه حق توكله. وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم له :»يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله؟ قال معاذ: الله ورسوله أعلم، قال: إذا أنت توكلت على الله وأخذت بالأسباب فهذا هو التوكل المطلوب وحق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا وحق الله للعباد أن من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه دخل الجنة ولا تمسه النار، قال معاذ يا رسول الله أبشر الناس، قال: لا تبشرهم فيتوكلوا«، أي يتركوا باقي فرائض الإسلام. ومن قوله سبحانه وتعالى "»تَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً«. وأوضح الشيخ المنجي أن التوكل عبادة عظيمة، لا يجوز صرفها لغير الله الواحد القهار، فالمؤمن الصادق الموقن يتوكل على الله وحده في كل ما يأتي ويذر، فيتوكل عليه سبحانه في طلب الرزق والنصرة، وفي طلب الشفاء والعافية، وفي دفع السوء والضر، ويعتقد جازماً أنه لا رازق إلا الله. وأشار إلى أن التفويض أقوى من التوكل لأن الشخص فوض أمره كله إلى الله ولم ترد كلمة »التفويض« في القرآن الكريم إلا مرة واحدة في حكاية مؤمن آل فرعون في قوله »وأفوض أمري إلى الله أن الله بصير بالعباد«. أما الثقة فقد ذكرت عدة مرات عندما أمرت أم موسى بإلقاء وليدها الرضيع في النهر فكانت عندها ثقة بالله وتوكلت عليه ورمته في النهر، وذلك في قوله تعالى: »وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي اليَمِّ وَلاَ تَخَافِي وَلاَ تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ المُرْسَلِينَ«. وأوضح الشيخ المنجي أن الأنبياء مثل في التوكل على الله، وأعطى مثلا بذلك ب»حمراء الأسد«، حينما عزم المشركون على قتال النبي وأصحابه، فخرج وأصحابه بكل شجاعة واقتدار، وبكل عزيمة وإصرار لمواجهة الجموع المتربصة، متوكلين على الله وحده، طالبين المدد منه سبحانه. وجاء ذلك في قوله تعالى: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ«.