الأمن من مكر الله كبيرة من كبائر الذنوب لأن الله سبحانه وتعالى قد يمهل العصاة وله في ذلك حكمة عظيمة منها: 1- ما أشار إليه بقوله تعالى: وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّة وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَل مُسَمًّى [فاطر:45]. 2- ومنها أن الدنيا أمد قصير ومتاع قليل كما قال تعالى: لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ [آل عمران:196 197]. 3- ابتلاء بعض الناس ببعض كما قال تعالى: لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْض [محمد:4]. 4- ومنها أن يغتر الظالم بإمهال الله له فيتمادى في طغيانه فيكون ذلك أشد عقوبة وأبلغ في الانتقام منه وفي الحديث إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ثم تلا قوله تعالى: وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود:102] [صحيح البخاري] وقال تعالى: الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَاب [الفجر:10-13] وقال تعالى: وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَة عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا * فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا [الطلاق:7-9]. 5- ومنها لعلهم يرجعون إلى ربهم ولا يهملهم بترك العقوبة والعقوبة قد تأتي على القلوب والأديان بنسيان ما ذكروا به قال تعالى: نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ [التوبة:67]. وتأتي تارة أخرى بإفساد الديار العامرة كعقاب الأمم السابقة وأخرى بنقص الأموال والأنفس والثمرات والخوف قال تعالى: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْء مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْص مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ [البقرة:155]. هذه الأشياء هي عاقبة لتماديهم في المعاصي وعدم الحذر من مكر الله وأن هناك شيئًا جوهريًّا ينبغي أن نأخذه بعين الاعتبار وهو أن مد الله لعباده رزقهم وإعطاءهم ما يحبون لا يدل على الرضا وإنما يدل على الاستدراج ! كما ورد بذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وكذا قال صلى الله عليه وسلم: إن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ولا يعطي الدين إلا من يحب ولو كانت الدنيا تساوي عند الله جناح بعوضة ما سقي الكافر منها شربة ماء [مسند الإمام أحمد 1/287].