الأزمة المندلعة بين السعودية وكندا فتحت الباب أمام تساؤلات عديدة، أبرزها هو سبب القرار السعودي "القوي" تجاه كندا، وتجاهل قرار مماثل ضد الولاياتالمتحدةالأمريكية، وهو ما سيرد عليه خبير سعودي. واعتبر العضو السابق في مجلس الشورى السعودي، محمد عبد الله آل زلفة، في مقابلة مع وكالة "سبوتنيك"، أمس الاثنين 6 أوت، أن العلاقة بين الرياض وأوتاوا ليست بذلك العمق، الذي يسمح لها ب "التعليق" على إجراءات داخلية تتخذها المملكة للحفاظ على أمنها. لكن نفى بدوره آل زلفة، أن تكون السعودية تتعامل ب"ازدواجية" مع التدخل الكندي في الشؤون السعودية، وما أسماه ب"الانتقادات الأمريكية الهامشية للرياض". واعتبر آل زلفة أن العلاقة مع واشنطن "عميقة واستراتيجية"، خاصة بعد أن قام ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، خلال زياراته إلى الولاياتالمتحدة، ب "تبديد" كل الشكوك بشأن مواقف "عبثية"، كانت ظهرت إبان إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، بحسب وصفه. وقال الخبير السعودي: "كانت هناك لإدارات أمريكية مختلفة مواقف معينة، والمملكة لا تضحي بعلاقاتها الاستراتيجية والتاريخية العميقة مع الولاياتالمتحدة من أجل قضايا هامشية". وتابع: "صحيح أن من حاول أن حاول يصعد حدة الخلاف بين المملكة وأمريكا، خاصة إبان فترة حكم أوباما، لكن زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى الولاياتالمتحدة أزالت كل الشكوك، بخصوص أي محاولة لاستغلال أي خلاف بين الدولتين". وأضاف: "الفرق كبير جدا بين كنداوالولاياتالمتحدة... كندا ليست دولة عظمى، ولا لها عضوية دائمة في مجلس الأمن الدولي، وعلاقاتها مع المملكة العربية السعودية تقتصر على التجارة، وبعض المنح الطلابية". ومضى: "لكنها تجاوزت الحدود المرسومة للعلاقات بين الدول، لاسيما عدم التدخل في الشؤون الداخلية، ولذا أعتقد أن رد المملكة سيكون عنيف بكل الأحوال". واستطرد آل زلفة، قائلاً: "المملكة حريصة على علاقاتها مع جميع دول العالم، لكنها من الممكن أن تضحي بأي علاقة، في سبيل الحفاظ على أمنها واستقرارها". وقال: "مهما كانت العلاقة التجارية مع كندا أو غيرها، فإن لا ضير على المملكة، ولديها إمكانيات ضخمة، تستطيع أن تعوض، من خلالها، أية خسارة تجارية محتملة". وقامت الرياض، بساعة مبكرة من اليوم الاثنين، باستدعاء سفيرها لدى أوتاوا، وطلبت من السفير الكندي لديها مغادرة البلاد، في غضون 24 ساعة، واصفة إياه بأنه "شخص غير مرغوب فيه". وأعلنت الخارجية السعودية، تجميد التعاملات التجارية والاستثمارية الجديدة كافة بين المملكة وكندا، "مع احتفاظها بحقها في اتخاذ إجراءات أخرى". وجاء في بيان الخارجية السعودية، "لتَعلم كندا وغيرها من الدول أن المملكة أحرص على أبنائها من غيرها"، مبررة بذلك ما وصف ب "اعتقال الناشطين في المملكة"، والذي واجه انتقادا من الحكومة الكندية. وبدأت "الأزمة"، أمس، عقب انتقادات من وزيرة الخارجية الكندية كريستيا فريلاند، والسفارة الكندية في الرياض، اعتقال نشطاء المجتمع المدني في السعودية، وحثها على الإفراج عن المعتقلين فوراً. واعتبرت الرياض أن "هذا الموقف السلبي والمستغرب الكندي يعد ادعاء غير صحيح جملة وتفصيلا، ومجافيا للحقيقة، ولم يبن على أي معلومات أو وقائع صحيحة". وتمتلك السعودية روابط تجارية واقتصادية قوية مع كندا، وقدرت البيانات الرسمية السعودية حجم التبادل التجاري بين البلدين، خلال السنوات العشر الأخيرة، بنحو 134 مليار ريال (35.7 مليار دولار أمريكي). ومن جانب آخر، فإن هناك أكثر من 15 ألف طالب سعودي في كندا، بينهم 800 من الأطباء والأخصائيين المقيمين هناك، وذلك بحسب موقع "ذا غلوب آند ميل" الكندي. كانت الخارجية الأمريكية أعربت، في 23 ماي الماضي، عن قلقها بشأن اعتقال السلطات السعودية ناشطين وناشطات من المدافعين عن حقوق المرأة. وقالت ناطقة باسم الخارجية الأمريكية، "واشنطن قلِقة بشأن سجن واعتقال عدة ناشطين وناشطات في الرياض"، مؤكدة أن "إدارة البيت الأبيض تتابع الأمر من كثب".