بعد أن طوينا مونديال المكسيك 1986 سنطير بكم عبر دهاليز التاريخ إلى عام 1990، وهي السنة التي احتضنت فيها إيطاليا المونديال الرابع عشر، وهذا في غياب منتخبنا الوطني، الذي خرج في الدور الأخير أمام المنتخب المصري بفضل الانحياز الفاضح للحكم التونسي علي بن ناصر، الذي احتسب هدفا لمصريين في أولى دقائق لقاء العودة بعد تدخّل عنيف على الحارس العربي الهادي. إيطاليا أول بلد أوروبي يستضيف كأس العالم مرتين أصبحت إيطاليا أول بلد أوروبي يستضيف نهائيات كأس العالم مرتين، فقد تم اختيارها قبيل انطلاق أولمبياد لوس أنجلوس، وحُدد تاريخ إقامتها في الفترة ما بين 8 جوان إلى 8 جويلية 1990. لا تغيير في نمط المنافسة بقي نظام البطولة على ما هو عليه في البطولة السابقة عام 1986، حيث تأهل 24 منتخبا للنهائيات، وتم تقسيم المنتخبات لست مجموعات. يتأهل الأول والثاني إلى الدور ثمن النهائي، ويضاف إلى الفرق 12 المتأهلة ******احرن******** أربع منتخبات تحل ثالثا. وبداية من الدور ثمن النهائي إلى غاية النهائي تلعب جميع المباريات بنظام الكأس بخروج المغلوب. مصر في مونديال الطاليان على حساب الجزائر جاء تأهل المنتخب المصري إلى إيطاليا بعد تصدره ريادة المجموعة التي ضمت كلا من مالاوي وليبيريا وكينيا. فازت مصر على ليبيريا وكينيا بنتيجة واحدة 2- 0، وعلى مالاوي 1- 0 في القاهرة، وتعادلت سلباً مع مالاوي وكينيا على ملعبيهما، كما خسرت من ليبيريا بهدف للا شيء في مونروفيا. في الثامن من شهر أكتوبر من عام 1989 وتحت أمطار طوفانية وبرودة شديدة وبحضور جمهور غفير فاق عدد استيعاب مدرجات الملعب أكثر من 50 ألف متفرج، لكن رغم ذلك إلا أن العدد الجماهيري لم يجد زملاء ماجر شيئا، كون اللقاء انتهى بدون فائز بالتعادل السلبي، أطاح برأس المدرب كمال لموي، وتم تعويضه بالشيخ عبد الحميد كرمالي. مباراة العودة جرت كما أرادها الحكم المصري علي بن ناصر باحتسابه هدفا أكثر من خيالي لحسام حسن برأسه في الدقيقة الرابعة كان مشكوكا فيه؛ لأن أحمد رمزي كان في وضع متسلل، وتم الاعتداء على الحارس العربي الهادي في لقطة الهدف. وكاد الهادي أن يفارق الحياة إثرها. أضاع ماجر في ربع الساعة الأخير وحركوك المحترف في إنجلترا فرصا سانحة. وفازت مصر وتأهلت للمونديال للمرة الثانية في تاريخها بعد الدورة الثانية لعام 1984 بإيطاليا؛ وكأن بالقدر أراد لمصر أن تشارك في المونديال إلا في بلاد الطاليان. فوز مصر حرم منتخبنا الوطني من بلوغ نهائيات كأس العالم للمرة الثالثة على التوالي، الأمر الذي خيم حزنا لا مثيل له في الأوساط الكروية الجزائرية؛ تأثرا بهذا الإقصاء المر، فيما عمت الأفراح مختلف المدن المصرة على بلوغ منتخب بلادهم للمرة الثانية المونديال بعد دورة إيطاليا عام 1934. قرعة البطولة أسفرت قرعة مونديال إيطاليا التي سُحبت في منتصف شهر ديسمبر عام 1989، على النتائج التالية: المجموعة الأولى: إيطاليا - تشيكوسلوفاكيا - النمسا - الولايات المتحدة المجموعة الثانية : الكاميرون - رومانيا - الأرجنتين - الاتحاد السوفييتي. المجموعة الثالثة: البرازيل - كوستاريكا - إسكتلندا - السويد. المجموعة الرابعة: ألمانياالغربية - يوغسلافيا - كولومبيا - الإمارات. المجموعة الخامسة: إسبانيا - بلجيكا - الأورغواي - كوريا الجنوبية. المجموعة السادسة: إنجلترا - إيرلندا - مصر - هولندا. الانطلاقة.. فوز تاريخي للكاميرون على الأرجنتين لم يجد المنتخب الإيطالي مستضيف البطولة أي مشاكل في المجموعة الأولى التي ضمته بجانب تشيكوسلوفاكيا والنمسا وأمريكا، حيث انتصر في مبارياته الثلاثة دون أن يقبل أي هدف، ليتأهل إلى الدور الموالي رفقة المنتخب التشيكسلوفاكي الذي حل ثانيا. شهدت المجموعة الثانية المفاجأة الأكبر في البطولة وربما في تاريخ كؤوس العالم بأكملها، وتمثلت في سقوط حامل اللقب »الأرجنتين« أمام الكاميرون بهدف دون رد في افتتاح البطولة، لكن رغم هذه الهزيمة فقد تمكن زملاء مارادونا من بلوغ الدور الثاني على حساب الاتحاد السوفييتي ورومانيا. خضعت المجموعة الثالثة لسيطرة المنتخب البرازيلي بالكامل، والذي انتصر على منتخبات اسكتلندا والسويد وكوستاريكا. وبعد تأهل البرازيل إلى الدور الثاني بقيت التأشيرة الثانية محل صراع بين المنتخبات الثلاثة المتبقية، والتي حسمها منتخب كوستاريكا لمصلحته بفوزه على السويد 2+1 بعد فوز البرازيل على اسكتلندا 1-0. واصلت المنتخبات الكبيرة سيطرتها على المجموعته الرابعة؛ حيث تصدّر المنتخب الألماني الريادة، فيما حل المنتخب اليوغسلافي ثانيًا، ودخل الكولومبي ضمن الثوالث الأفضل، فيما خرج المنتخب العربي من الدور الأول. أما المجموعة الخامسة فقد تصدّرها منتخب إسبانيا بانتصارين وتعادل، وقد لحق بها الوصيف بلجيكا، والثالث أوروغواي، فيما خرج منتخب كوريا الجنوبية دون أي نقطة. المجموعة السادسة كانت الأقوى والأكثر إثارة في الدور الأول. وقد ضمت إنجلترا وإيرلندا وهولندا ومصر. وتصدّرها المنتخب الأول ب 4 نقاط، ولحق به إلى الدور الثاني والثالث برصيد 3 نقاط، فيما خرج المنتخب المصري بعدما جمع نقطتين فقط من تعادلين أمام هولندا وإيرلندا. الدور ثمن النهائي الكاميرون... أول منتخب إفريقي في الدور ربع النهائي انطلقت مباريات الدور الثاني يوم السبت 23 جوان بفوز تشيكوسلوفاكيا على كوستاريكا 4-1. وفازت الكاميرون على كولومبيا 2-1 بعد التمديد. سجل هدفي الكاميرون روجيه ميلا (2) في الدقيقتين 106 و109، وهدف كولومبيا برناردو ريدين في الدقيقة 115. كما فازت الأرجنتين على البرازيل 1-0، سجله كلاوديو كانيجيا في الدقيقة 80. وفازت ألمانياالغربية على هولندا 2-1، وجمهورية إيرلندا على رومانيا بضربات الترجيح بعد التعادل 0-0. وفازت إيطاليا على الأوروغواي 2-0. وفازت يوغوسلافيا على إسبانيا 2-1 بعد التمديد. سجل هدفي يوغوسلافيا الدور ربع النهائي... الإنجليز يصطادون الأسود فازت الأرجنتين على يوغوسلافيا بضربات الترجيح بعد التعادل السلبي. وفازت إيطاليا على جمهورية إيرلندا 1-0. وسجل الهدف سلفاتوري سكيلاتشي في الدقيقة 38. وفازت ألمانياالغربية على تشيكوسلوفاكيا 1-0. سجله لوثار ماتيوس في الدقيقة 25 من ضربة جزاء. أقوى وأجمل مباريات ربع النهائي والبطولة ككل جمعت الكاميرون مع إنجلترا. وقد كاد المنتخب الإفريقي أن يُواصل مفاجآته الصارغة ويتأهل للمربع الذهبي بعدما حافظ على تقدمه بهدفين مقابل هدف حتى الدقيقة 83، حين تمكن جاري لينكر من التعديل للإنجليز من ركلة جزاء قبل أن يحسم الفوز لصالح فريقه بهدف آخر من ركلة جزاء أخرى في الدقيقة 115 من المباراة. سجل أهداف إنجلترا ديفيد بلات في الدقيقة 25، وغاري لينيكر (2) في الدقيقتين 83 و115 من ضربتي جزاء. أما هدفا الكاميرون فسجلهما إيمانويل كوندي في الدقيقة 61 من ضربة جزاء، وإيوغيني إيكيكي في الدقيقة 65. نصف النهائي... الأرجنتين وألمانيا في النهائي في الدور نصف النهائي حققت الأرجنتين مفاجأة ضخمة بإسقاطها إيطاليا صاحبة الأرض في مدينة نابولي بضربات الترجيح بعد التعادل 1-1. سجل هدف الأرجنتين كلاوديو كانيجيا في الدقيقة 67، وهدف إيطاليا سلفاتوري سكيلاتشي في الدقيقة 17. وفي نصف النهائي الثاني فازت ألمانياالغربية على إنجلترا (بضربات الترجيح، بعده التعادل 1-1 في الوقتين الأصلي والإضافي. سجل الهدف الألماني أندرياس بريمه في الدقيقة 60، وهدف إنجلترا غاري لينيكر في الدقيقة 80. اللقاء الترتيبي... إيطاليا تكتفي بالمركز الثالث اكتفى المنتخب الإيطالي بالمركز الثالث إثر فوزه على المنتخب الإنجليزي بهدفين لواحد. سجل هدفي إيطاليا روبرتو باجيو في الدقيقة 71، وسلفاتوري سكيلاتشي في الدقيقة 86 من ضربة جزاء، وهدف إنجلترا ديفيد بلات في الدقيقة 81. النهائي... ألمانيا تهزم الأرجنتين وتستعيد التاج العالمي بعد 16 سنة بدأ الألمان محاولاتهم لزرع الكرة في المرمى الأرجنتيني منذ الدقيقة الأولى. وتوالت الفرص الخطيرة. وأبدع الظهير الأيسر أندرياس بريمه في صنع الهجمات لزملائه، الذين تفننوا في إضاعتها، خصوصاُ المهاجم المحنك رودي فولر. في المقابل، التزم لاعبو الأرجنتين تعليمات مدربهم الصارمة التي فوّتت الفرصة على الألمان لإحراز أي هدف في الشوط الأول. وكانت بداية الشوط الثاني مماثلة لبداية المباراة، فتسابق مهاجمو ألمانيا على إهدار الفرص السهلة أمام المرمى الأرجنتيني. ومع تقدم دقائق الشوط الثاني راح لاعبو الأرجنتين يتركون مواقعهم الدفاعية شيئاً فشيئاً، وبدأوا في الوصول إلى المرمى الألماني الذي كان يحرسه بودو إيلغنر. وتغاضى الحكم المكسيكي أدغاردو كوموسال عن ضربة جزاء واضحة للمنتخب الأرجنتيني، الذي كان لاعبه مونزن أول لاعب يُطرد في المباراة النهائية. حدث ذلك في الدقيقة 68 بعد دقائق قليلة من نزوله إلى أرض الملعب! وساهم الحكم المكسيكي مساهمة فعالة في تشتيت مجريات المباراة بقراراته الخاطئة، التي تُوجت باحتساب ضربة جزاء غير صحيحة للمنتخب الألماني قبل خمس دقائق من نهاية المباراة، عندما أسقط فولر نفسه بطريقة بارعة داخل منطقة الجزاء. ولم يتقدم الكابتن لوثر ماثيوس كما جرت العادة لتنفيذ ضربة الجزاء، إنما سددها أندريه بريمه الذي أودع الكرة ببراعة على يمين الحارس غويكوتشيا، الذي كان قريباً جداً من لحظة دخول الكرة إلى المرمى. تشكيلة المنتخبين ألمانياالغربية: بودو الغنر، بريمه، كولر، أوفنتالر، بوغفالد، برتهولد (رويتر)، هسلر، ليتبارسكي، فولر، كلنسمان، ماثيوس. الأرجنتين :غويكوتشيا، لورينزو، سنسيني، سيريزولا، روجيري (منزون)، سيمون، باسويلدا، بورتشاكا (كالديرون)، مارادونا، تروجيلو، ديزوتي. قصة المونديال (الحلقة الثالثة والعشرون) إعداد / كريم مادي الدورة الرابعة عشرة (إيطاليا 1990)