انتعاشها مرهون بانخفاض معتبر في الإنتاج ** اجتماعات للأوبك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.. عادت تقلبات السوق النفطية لتحبس أنفاس الجزائريين المتوجسين خيفة من استمرار انخفاض الأسعار على نحو يجعل وضعهم المعيشي أكثر سوءا بالنظر إلى الاعتماد المفرط للجزائر على تصدير النفط كمصدر شبه وحيد للدخل وقد فاقمت تصريحات الوزير الأول أحمد أويحيى الأخيرة من حدة المخاوف بعد أن حذر من سنوات صعبة تنتظر الجزائر وتتربص بالجزائريين.. وبعد أن شهدت أسعار البترول قفزات كبيرة خلال الشهور العشرة الأولى من عام 2018 حملت نهاية السنة أنباء غير سارة للجزائر وغيرها من الدول التي رهنت مستقبلها ببيع الذهب الأسود حيث كانت الإرادة الأمريكية في خفض الأسعار كافية لإحداث زلزال حقيقي في أسواق النفط جعلت مداخيل الجزائر من العملة الصعبة تتراجع بشكل كبير يفرض على الحكومة مراجعة حساباتها في انتظار حصول معجزة تنعش أسعار البترول مرة أخرى.. رهان صعب.. تحسن أسعار النفط مرهون بانخفاض معتبر في إنتاج البلدان الاعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط وشركائها من خارج المنظمة حسب ما افاد خبير في شؤون الطاقة نزيم زويوشي بالتوازي مع انعقاد عدة اجتماعات لدول الاوبك ما بين 5 و7 ديسمبر الجاري بالعاصمة النمساوية فيينا. ويرى الخبير في حديث أجرته معه وكالة الأنباء الجزائرية أن الانخفاض المقدر اليوم بمليون برميل في اليوم (ب/ي) ينبغي رفع حجم هذا الخفض ليصل إلى 5ر1 مليون ب/ي لتعويض ارتفاع متوقع للإنتاج من دول اخرى. ولفهم رهانات وتحديات الاجتماع المقبل للأوبك وشركائهاي يرى السيد زويوشي الرئيس المدير العام السابق لسوناطراكي انه يجب تقييم السياق الحالي الذي يتميز بوفرة في العرض من جهة وتراجع الاقتصاد العالمي من جهة اخرى. عند اقتراب شهر نوفمبر 2018 الشهر الذي حدد لتطبيق العقوبات ضد ايران بعض البلدان المنتجة للنفط رات أنه من الاحسن رفع إنتاجها لتعويض نقص الصادرات البترولية الايرانية التي سيفتقدها السوق. لكن الولاياتالمتحدةالأمريكية قررت في اخر لحظة اعفاء ثمانية دول من بينها الصين والهندي لمواصلة استيرادها للنفط الايراني لمدة ستة اشهر بدون توقع ردة فعل من الولاياتالمتحدة حسب ما ذكر الخبير. من جهة اخرى قال المصدر نفسه ان الاقتصاد العالمي عرف تباطؤ تسببت فيه بجزء كبيري الرسوم الجديدة التي فرضتها الولاياتالمتحدةالأمريكية على الواردات القادمة اساسا من الصين والاتحاد الاوروبي. وهكذا ساهم تباطؤ الطلب من جهة والوفرة في عرض النفط في السوق من جهة اخرى في تراجع حاد في أسعار الخام ما نجم عنه عدم توازن بين العرض والطلب في سوق النفط. وذكر السيد زويوشي بهذا الصددي بان أسعار النفط بلغت مستوى 86 دولارا للبرميل شهر اكتوبر الماضي ليتراجع خام برنت شهر نوفمبر إلى ما دون 60 دولارا كما انخفض بدوره الخام الأمريكي الخفيف إلى حدود 50 دولارا. ويرى هذا الخبير انه من الواضح ان انجع طريقة لوقف أولا تراجع الأسعار والمساعدة بعدها على تحسنها يقتضي حتما تخفيض إنتاج دول الاوبك وشركائها من خارج المنظمة . ضغوطات أمريكية على السعودية وحذر هذا الخبير من عواقب عدم توصل اعضاء الاوبك وشركائها من خارج المنظمة إلى تفاهم واضح حول تخفيض الإنتاج حيث قال من المؤكد ان أسعار برميل برنت وكذا الخام الأمريكي ستتهاوى خاصة وان الولاياتالأمريكية تعمل كل ما في وسعيها علانية من اجل أسعار منخفضة واستعرض في معرض حديثه قائلا نعلم ان الولاياتالمتحدة تحاول ان تمارس ضغوطات على العربية السعودية لإرغامها على عدم التوصل إلى اتفاق بشان تخفيض إنتاج أوبك. كما نعرف ان العربية السعودية اهم عضو منتج في منظمة اوبك ونتوقع اذا طبقت الضغوطات الأمريكية ان نشهد حلقة جديدة في تراجع الأسعار . وفي رده على سؤال يتعلق بأفاق سوق النفط على المدى المتوسطي يرى السيد زويوش انه في حالة عدم توصل أوبك وشركائها من خارج المنظمة إلى الاعلان عن اي تخفيض في الإنتاج يوم الجمعة المقبل بفيينا او اعلانهم عن تخفيض شكلي فإن أسعار النفط ستعرف تراجعا ملحوظا في المستقبل القريبي هذا خاصة اذا اتضحت معالم تباطؤ النمو العالمي. ولكن يضيف الخبير انه اذا التزمت دول أوبك وشركائها من خارج المنظمة بجدية بكمية الإنتاج المحدودة كما يبدو يتوقف حراك الضرائب على الصادرات ويمكن ان نشهد بدءا من السداسي الثاني من 2019 تحسنا ملحوظا في أسعار النفط . ويرى الخبير في شؤون النفط انه من الممكن ان يعرف سعر النفط ارتفاعا محسوسا مماثلا للعشرية المنصرمة على المدى البعيد كنتيجة حتمية لتراجع الاستثمارات العالمية في التنقيب وإنتاج المحروقات منذ 2014. و لاحظ اننا نعوض اقل فاقل الإنتاج بالمخزونات الجديدة . وفي هذا السياق اكد السيد زويوش ضرورة ان تغير الجزائر مسعاها لتتوجه نحو سياسة اقتصادية اقل ارتباطا بالمحروقات تسمح لها بالتحرر من تقلبات أسعار النفط. وفيما يتعلق ببلدنا فان تقلبات الأسعار من شأنها ان تدفعنا أكثر فأكثر إلى تطوير اقتصاد قوي خارج المحروقات وكذا إلى الاستثمار في الطاقات المتجددة الوفيرة وغير المنتهية في بلادنا ي يوصي الخبير. ويسمح هذا -حسبه- بإنتاج الكهرباء ليس فقط لسد الحاجيات الوطنية ولكن للتصدير مع الافراج عن كميات هائلة من الغاز (اقل ضررا بالبيئة من المحروقات الاخرى) الذي من شانه ان يكون دافعا نحو التحول إلى استغلال الطاقات المتجددة.