كثيرة هي الأحياء التي استشرى فيها الفساد، حتى أنها تحوّلت بين ليلة وضحاها إلى أوكار للدعارة، بل لم يعد للشرفاء فيها من مكان، وصار حلمهم الأول الرحيل، حتى يتجنبوا السمعة السيئة التي التصقت بهم، وحتى لا ينحرف أبناؤهم· مصطفى مهدي إن زيارة بسيطة لبعض الأحياء العاصمية، تجعلنا نتأكد أنه صارت للظاهرة أبعاد خطيرة، وأننا ما لم نتوقف عندها، وما لم ندق ناقوس الخطر، فإن تلك الأحياء، وغيرها ستتحول إلى أوكار حقيقية للدعارة، وهو ما وقع فعلا في حي بالعاصمة، بيوت تحولت إلى أوكار دعارة، ولممارسة كل الموبقات، هذا فضلا عن الاتجار بالمخدرات والمسكرات، كيف لا يحدث ذلك وقد استشرى فيها الفساد إلى درجة أن صارت الأسر الشريفة تضع علامات على بيوتها حتى تظهر أنه لا علاقة لها بالظاهرة، وأنها لا تشبه باقي البيوت، وهي الظاهرة التي تعرفها بعض المدن في الجنوب وفي الغرب، أما في قلب العاصمة، وعلى بعد كيلومترات معدودات من وسط المدينة، فهذا ما لم نكد نصدقه، لولا انتقالنا إلى الحي بأنفسنا، ومشاهدة تلك التصرفات الغريبة عن مجتمعنا المحافظ، أو حسبنا ذلك قبل أن نرى بأعيننا بعض الفتيات اللائي يجلسن أمام تلك البيوت يعرضن أجسادهن أمام الملأ، يقول لنا "س" وهو يسكن بالحي، وكان مرشدنا في هذه الرحلة، يقول إنّ الحي فيه سكان من مختلف المناطق، ولعل هذا العامل، أي كون أن تلك الأسر لا تعرف بعضها البعض، جعلّ كل أسرة تفعل ما تشاء، وجعل الشرفاء ينتقلون إلى السكن في مناطق أخرى، والمفسدين يتكاثرون حتى طغوا، ولا يتعدى سعر الشقة من أربعة بيوت، يقول لنا "س"، 150مليون سنتيم، وحتى بهذا السعر، يضيف، ليس هناك من يشتري الفساد، ولعل القليل ممن يأتون إلى المكان ليشتروا شققا هم من التجار الذين يعيدون بيع تلك الشقق أو تأجيرها لأشخاص مشبوهين كذلك، وهكذا فهذا الحي صار مرتعا للمفسدين· حي آخر بالعاصمة فيه كل أنواع الممنوعات، من الدعارة إلى المتاجرة بالمخدرات، إلى غيرها من "دعاوي الشر" يصفها إسماعيل القاطن بذات الحي، والتي حولت حياته وأسرته، والقلة الشرفاء من الحي إلى جحيم، خاصة وأن له أختا وأما يحرص على شرفهما، وخاصة أخته التي تجاوزت سن الثلاثين، ولم ترتبط بعد، ذلك أن سمعة الحي السيئة تجعل كل من يريد أن يطرق باب أحد بيوته يتردد كثيرا قبل أن يفعل، وهو الأمر الذي صرح لنا به بعض الباعة على مستوى الحي، والذين أكدوا لنا أن كل شخص مهتم بفتاة يأتي للسؤال عنها، ولكن لا يرتبط بها بعد ذلك بعد أن يسمع عن الحي ما يشاع من الدعارة المنتشرة فيه، وغيرها من الظواهر المسيئة، ويضيف إسماعيل أنه كتب على باب بيته "بيت شريف" حتى لا يجرؤ أحد طالبي المتعة أن يطرقه، وهو ما وقع قبلا·