أضحت الجزائر في الآونة الأخيرة مستنقعا للدعارة وتجارة الجنس، هذه الظاهرة في تزايد مطرد أمام ممارسي الرؤوس الكبيرة لها وتجارتهم فيها، فمصالح الأمن بمختلف فروعها في سباق مع الزمن، من أجل القضاء عليها، وهي بصدد القيام بعدة حملات، تهدف إلى محاربة الفساد الأخلاقي الذي تغلغل بشكل رهيب في بعض أوساط المجتمع الجزائري. وحسب مصادر مطلعة تؤكد عن وجود ما يربو عن 800 بيت دعارة غير شرعية والعديد من البيوت المرخصة، وحوالي 13 ألف شبكة دعارة، لها علاقات قوية مع خيوط الاستقطاب، ما يعني أن الدولة ماضية في محاربة أوكار الجريمة، من أجل التخلص منها بشكل نهائي. رغم أن الدولة تخوض معركة قوية، من أجل القضاء على أوكار الدعارة عبر مختلف مناطق الوطن، إلا أنها لم تحقق النتائج المرجوة، لأن واقعنا اليومي يكشف كل يوم عن أشخاص متورطين في هذه المهنة القذرة، والدليل أن هذه الشبكات ترتبط دوما بحيازة وتسويق المشروبات الكحولية والمخدرات، بالإضافة إلى استغلال فتيات لا يتعدى سنهن 18 سنة. والوقائع تشير إلى أن الكثير من الصينيين والأفارقة والأوروبيين، الذين يمكننا تسميتهم بأصحاب ''الشكارة '' وجدوا الجنس الذي يستهويهم مع جزائريات. ورغم جهود وحدات الدرك الوطني وسعيها الدءوب للتغطيات الأمنية المكثفة ومداهماتها المتكررة، عبر ولايات الوطن وأمكنتها بما فيها الأماكن العمومية، الفنادق، الشقق الخاصة، إلا أنها هي الأخرى نتائجها لم تصل بعد إلى ما هو مطلوب في ظل استمرار ما يعرف بامتهان هذه الرذائل والمتاجرة بالعرض والشرف، بعيدا عن أعين الرقابة. ولكن في الحقيقة مداهمات وحدات الدرك الوطني دائما كانت حاضرة للحد من انتشارها، وقد رافقت ''الحوار'' وحدات الدرك الوطني في مداهماتها وكانت شاهدة على هذا العمل الجبار بحر الأسبوع المنصرم من ولاية عين تموشنت الواقعة بالإقليم الغربي للوطن، مخترقة بذلك شبكات الدعارة ومسجلة اعترافات باروناتها بالمنطقة، كما نقلت لقرائها شهادات حية من هذا الوسط، وهن فتيات وسيدات احترفن أقدم مهنة في التاريخ . القبض على ''فاتي المروكية'' وتفكيك شبكة متاجرة بالنساء في عين تموشنت بداية التفكير في خوض مغامرة اختراق شبكات الدعارة، وبعد أن أثار تقرير لمصالح الدرك الوطني الكثير من علامات الاستفهام، وكان التقرير يتعلق بمعالجة ثلاث قضايا دعارة وتفكيك شبكة عهر ومتاجرة بالنساء بولاية عين تموشنت، وهي المدينة الواقعة على الحدود الجزائرية المغربية، وتبعد 63 كلم عن عاصمة ولاية تلمسان وبالضبط بمنطقة شباط، دفعتنا إلى التساؤل، هل استفحلت ظاهرة الدعارة والعهر، ولا نقصد بذلك الإساءة لهذه المدينة العريقة، التي تزخر بالشرفاء والعائلات العفيفة، ولكن التقارير الأمنية تشير إلى تحول شبكات التهريب إلى الدعارة، إثر تشديد المراقبة الحدودية، ما أدى إلى زيادة حدة الدعارة بالمنطقة. وبعد اتصالات مكثفة مع مجموعة من أعيان المنطقة والعارفين بخباياها، وفي مداهمة لوحدات الدرك الوطني بولاية عين تموشنت دامت ليوم كامل، تم القبض على سيدة تدعى '' فاتي المروكية''، وهو الاسم المستعار اختارته لنفسها وهي المهربة السابقة والرقم واحد في عالم الدعارة بالمنطقة ، تنشط بالدعارة بمنزلها ويضم عديد العاهرات، حيث تم إلقاء القبض عليها ومعها أربع بنات عاهرات، لتروي لنا بالتفصيل قصة دخولها عالم الدعارة، قائلة: ''أنا امرأة جزائرية ولست مغربية كما يلقبونني، ولدت بولاية عين تموشنت وابنة شهيد، ربما تقدمي في السن غيّر ملامحي، فأنا كنت جميلة جدا، تزوجت في سن ال15 بزوج لم يعمل يوما، فطلبت منه أن يتركني أخرج للعمل فرفض، طلبت الطلاق وعمري 36 سنة، لأني لم أتحمل مشهد أبنائي يموتون جوعا، تطلقنا بالتراضي وترك لي البيت، ولم أجد من يساعدني في تربية أطفالي، عملت كمنظفة في مقهى ومطعم وفي البيوت لأطعم أبنائي، وكنت في كل مرة أتعرض للمساومات الجنسية من قبل أرباب العمل، مارست الدعارة من أجل أن أعيل أبنائي، فالابتزاز الجنسي يلاحقني أينما ذهبت، فلماذا أبيع نفسي دون مقابل، وأبنائي يموتون جوعا، ونفت أن تكون تتاجر بالبنات أو أنها تمارس الدعارة حاليا في بيتها، وعن البنات الأربع اللائي وجدناهن في البيت والشبان عند مدخل الفيلا، قالت ''هذه ابنتي المتزوجة ولها ابن وتبلغ من العمر 28 سنة، وهذه أختها الصغرى 17 سنة، وهذه ابنة أختي 19 سنة، أما الشبان الثلاثة فهم أولادي''، ولكن وحدات الدرك لم تغفل عن ألاعيبها وأكاذيبها، وقد وضعت كل المحتجزين رهن الحبس المؤقت للتحقيق معهم. للإشارة فإن هذه الولاية شهدت بها معالجة قضيتين للدعارة، خلال أربعة أشهر الأولى من السنة الجارية. وحدات الدرك تطيح بأوكار الدعارة بمداهمات شاملة لولايات الوطن... سطيفبجايةوبسكرة أكثر الولايات استقطابا لشبكات الدعارة للأسف الشديد، هذه الظاهرة السلبية المنافية تماما للأخلاق والفضيلة، ساهمت في تحطيم المجتمع الجزائري وولوجه عالم الضياع والانحطاط، باعتبارها من الظواهر المشينة التي أنزلت المجتمع إلى الحضيض، فأضحت الرذيلة تمارس جهارا نهارا، بل أكثر من ذلك تجد من يقوم بحماية شبكاتها على أكمل وجه. هذا الواقع المخزي الذي تترجمه بعض القصص الحية والشواهد الواقعية لبعض الأفراد، تؤكده معطيات وحدات قيادة الدرك الوطني، التي أثبتت من خلال مداهماتها لبارونات الدعارة، أن الولاياتالشرقية، والجنوبية تشهد استفحالا كبيرا للدعارة، وهذا خلال الأربعة أشهر الأولى من السنة الجا رية. معطيات كثيرة منها على سبيل المثال ولاية سطيف وهي الولاية الأولى التي شهدت أكبر عدد لهذه الظاهرة مما يعكس الانحطاط الأخلاقي الذي تجاوز الخطوط الحمراء، وكل الحدود المعقولة، من خلال إحصاءات المداهمات التي تمت بها من طرف وحدات المجموعة الولائية بإقليمها، حيث تم إيقاف 42 شخصا خلال شهري فيفري ومارس الفارطين، المداهمة الأولى كانت يوم 27 فيفري الفارط من السنة الجارية، حيث تم تفكيك شبكة أخرى، متكونة من خمسة أشخاص بولاية سطيف، وبالتدقيق في حي 50 مسكنا الواقع وسط مدينة عين الفوارة، هذه العملية أتت بعد عمل معلوماتي قام به أعوان الدرك الوطني، الذين تدخلوا بأمر بالتفتيش من قبل وكيل الجمهورية. وتجدر الإشارة إلى أن 3 نساء متورطات في هذه الشبكة حينما استمر التحقيق في هذه القضية، ولم يمض أسبوع حتى تم أيضا توقيف سبعة أشخاص من بينهم أربعة نساء بمنطقة العلمة التابعة لولاية سطيف، هؤلاء المتورطون قدموا أمام العدالة بتهمة خلق مكان لممارسة الدعارة. وفي نفس المنطقة وبحدود غابة الزنادية تمكنت عناصر فصيلة الأمن والتدخل من توقيف 30 شخصا من بينهم 5 نساء، كما تم العثور في نفس المكان على 262 قارورة جعة . هذه العصابة زيادة على حيازة وتسويق المشروبات الكحولية بطريقة غير شرعية، قدمت أمام العدالة لخلق مكان الدعارة وممارستها، في هذه القضية أيضا تم فتح تحقيق من طرف كاتبة الدرك الوطني لولاية سطيف من أجل تفكيك بقايا هذه العصابة. وفي إطار المداهمات التي تقوم بها المجموعة الولائية للدرك الوطني لبسكرة، تم تقديم بتاريخ 7 مارس الماضي 3 أشخاص أمام العدالة من أجل ممارسة الدعارة، حيث تم وضعهم رهن الحبس الاحتياطي، وحسب مصدرنا فهذه الشبكة كانت تنشط في نواحي مزيرة. ودائما وفي ولاية بسكرة، وإثر مداهمة قامت بها عناصر الدرك الوطني بنواحي طولڤة بتاريخ 28 مارس الفارط، تم توقيف 6 أشخاص من بينهم 3 نساء يمتهنون الدعارة، هذه العصابة قدمت أمام العدالة وتم وضع عناصرها رهن الحبس الاحتياطي، وبعد شهر من هذه المداهمة تم العثور على فتاة قاصر، متورطة في شبكة ممارسة الدعارة، بصفتها ضحية كانت تستغل من طرف شبكة، متكونة من 8 أشخاص من بينهم أربعة نساء، هذه العملية مكنت عناصر الدرك لولاية بسكرة من تفكيك أكبر شبكة تستغل فتيات لا يتعدى سنهن 18 سنة، من أجل جذب زبائن العهر إلى أماكن معينة، حيث تمارس الدعارة ويتم تورط القاصرين بها . في إطار استمرار مداهمة الأماكن المعروفة بالإجرام واللصوصية عبر إقليم اختصاص المجموعة للعمليات الولائية للدرك الوطني، على مستوى ولاية بجاية، تم تسجيل العديد من قضايا الدعارة. وبفندق ''البحيرة '' الواقع في منطقة خراطة بولاية بجاية، تم إيقاف 13 شخصا من بينهم 8 نساء. وحسب مصادرنا تمت هذه العملية بعدما تحصلت فصيلة الأبحاث لولاية بجاية، بمساعدة فصيلة الأمن والتدخل على معلومات تفيد بتكوين مجموعة متخصصة في خلق شبكات الدعارة، وكذلك حيازة وتسويق المخدرات، بعد مداهمة فجائية تمت في عين المكان، تمكنت أسلاك الدرك الوطني من إيقاف هذه الشبكة، خاصة أنه تم العثور على 505 غرام من الكيف المعالج داخل غرف هؤلاء الأشخاص المتورطين في هذه القضية، لكن مصادرنا لم تفد بمعلومات حول قضية توريط القصر في الدعارة بهذه الشبكة الممتدة على السواحل ولاية بجاية. حسب معهد عباسة.. أرقام الدعارة مرعبة ومصنفة في خانة خطر حسب إحصاءات معهد عباسة لسبر الآراء حول ظاهرة الدعارة في الجزائر في الآونة الأخيرة، والتي شملت 32 ولاية عبر التراب الوطني، تم التوصل من خلالها إلى أرقام مرعبة مصنفة في خانة خطر جدا، حسبهم، لابد من إعداد دراسة ودق ناقوس الخطر حيال انتشار الظاهرة، فحتى قانون العقوبات، حسب المحامين، اقتصر على معاقبة الكبار فقط، في حالة استغلالهم لقصر لأغراض الدعارة، باعتبارها مجرد جنحة يعاقب عليها بالسجن لمدة تتراوح ما بين عامين وخمس سنوات، وهي حسبهم غير كافية، وتدفع بممارس الدعارة إلى مزاولة نشاطه القديم، مباشرة بعد خروجه من السجن. أمام غياب إحصاءات رسمية بشأن عدد بيوت الدعارة في الجزائر، وحسب مصادر غير رسمية تؤكد وجود ما يربو عن 800 بيت دعارة غير مرخصة، والعديد من البيوت المرخصة لم تحدد عددها، تديرها شبكات مختصة في هذا النوع، حيث تدر عليها أموالا طائلة، وفي هذا الإطار كشفت مصادرنا عن وجود 13 ألف شبكة دعارة، لها علاقات قوية مع خيوط الاستقطاب التي يتزعمها مختصون في جلب أصحاب ''الشكارة''، ليتعدى رواد البيوت الجزائريين المتعطشين لممارسة الجنس إلى أفارقة وصينيين، وحتى أوروبيين وجدوا في اللحم الجزائري ما يستهوي أنفسهم المريضة بالجنس. ولا عجب بعد ذلك فالطرق الأكثر تداولا التي يستخدمها هؤلاء لقضاء وطرهم أنهم يلجأون لدفع ثمن البغاء الذي يمارسونه مع نساء جزائريات فوق أرض الجزائر، إلى تقسيم الورقة النقدية الواحدة، سواء أكانت بالعملة المحلية أوالصعبة إلى نصفين، يمنح الشطر الأول للفتاة على أن توعد بمنحها الشطر الثاني في اليوم الموالي، نظير ممارسة الجنس معها مرة ثانية، حي ''الجزيرة ب''باب الزوار''، ولاية سكيكدة، سيدي بلعباس، وهرانوسطيف، أضحت مناطق أشهر من نار على علم في تواجد بيوت للدعارة بها، تستقطب حتى الأجانب، فيما كان ممارسو الدعارة يتخذون من أماكن معروفة بالحدائق أمكنة غير آمنة . ف ن