رأي يعود بالأمازيغ إليهم: تاريخ الكنعانيين وتراثهم وأساطيرهم بقلم: الدكتور وليد بوعديلة* - الجزء الثالث والأخير- ومن الأساطير المشتركة أسطورة الإله بعل فمع مجيء الساميين إلى فلسطين اكتشفوا وجود أماكن مقدسة كثيرة فأطلقوا على كل منها: (الأشجار الجبال آبار الماء...) اسم بعل وقد توّحد هذا الإله مع الإله السومري (مردوك) وهو نفسه الإله (هبل) عند قريش في مكة وكان العرب قد أقاموه على بئر ماء في إشارة إلى ارتباطه بالإخصاب وقد حضر (بعل) في الملاحم الشعرية الكنعانية بصفته إله السماء وقد أُغري بالنزول إلى العالم السفلي واحتجزته الشياطين لكنه قاومهم واستطاع أن يعود ثانية إلى عالمه العلوي... إذن حضر (بعل) وحضرت أساطير وممارسات فولكلورية كثيرة في فلسطين تتعلق بالغيب والدهر والقدر والأحلام وكذلك خرافات الجن والشياطين والعفاريت والرياح وقد نسب الساميون الأوائل الكثير من الأمور إلى الجن مثل انحدار الأبناء من أمهات أجنبيات وهو عنصر يحضر عند بعض القبائل العربية (جرهم) وقد ورث الكنعانيون عن السومريين أسطورة العفريتة الشيطانية (ميلي) وهي تسكن الخرائب والأماكن المهجورة وهي (ليليث) عند البابليين وتعني في الكنعانية (أناث) ومفردها أنثى وقد تحوّل اللّفظ إلى (ليل) و(ليلى). ومن الأساطير الموجودة في المنطقة أسطورة غواية الشيطان للمرأة سواء أكانت زوجة الإله أو زوجة البطل وهي تتجلّى في أغلب أساطير الخلق السامية كما وقع في أسطورة الطوفان عندما استعان الشيطان بزوجة نوح كما أنّ الشيطان وسوس لامرأة النبيّ لوط... وتستمر العلاقة بين المرأة والشيطان كلما تعلّق الأمر بأساطير الخلق الأولى. عرف الكنعانيون (طاووتو) إله الحكمة وقد وُجد في نصوص (إيبلا) الكنعانية وهناك (أل) وهو يمثل كل قوة محسوسة خلف الكائنات (الأشجار الأنهار الجنوب...) وجُعل (أيون) مختصًا بالزمن والحقيقة أن أساطير الكنعانيين وآلهتهم عرفت الهجرة (حيث إنّ العزّى العربية في ذاتها عشتار الفينيقية وهي تقترن بنجمة الصبح وتدعى أيًا (الزهرة) فإننا نجد شهادة مادية على التسمية في شكل إحدى برك رأس العين المثمّنة الشكل وقد انشأ المهاجرون الصوريون مدينة في شمال إفريقيا سمّوها (عوزي) وللكنعانيين الآلهة (برسفون) وهي ذات الذراع البيضاء عند الرومان هي (بروصريين) ابنته زوس من (ديميترا) إلاهة العالم السفلي توصف عند الكنعانيين بانها ماتت وهي عذراء واعتبرها الإغريق من عالم الموتى وبأنها تمضي ثلث السنة مع (بلوتو) في العالم السفلي والثلثين مع الآلهة وهي تمثل دور بعل الأوغاريتي.. أمّا (حورا) فهي من أقدم الآلهة عند الكنعانيين واسمها بالعربية يعني(البياض) وهي ذات عيني بقرة لها ذراعين بلون البياض ذات حذاء ذهبي وكان أبناء أرغوس يقيمون لها طقوسًا قُرب ينبوع (كناتوس) حيث يقال أنها تغتسل كل سنة فيه فتعود لها عذريتها وفي ذلك إشارة إلى الزواج الإلهي المقدس عند الكنعانيين. كما تحضر طقوس دفن الأطفال عند الكنعانيين بالإضافة إلى التضحية وتعذيب الذات والتكفير عن الخطايا وهي طقوس تتخذ أبعاداً أسطورية عقائدية كما اهتم الكنعانيون بالأنوثة وعبروا عن سلطة الأُنوثة بامراة فوق ظهر أسد وتحمل زهرة بيدها تروضه بها وقد قدّسوا (الحيّات) واعتبروها رمزًا للخلود والتجددّ السنوي وهي تتخذ شكلاً دائريًا تبتلع برأسها ذنبها للدلالة على التجدّد الذاتي وهي تحضر في ميثولوجيا الطب والشفاء في كثير من أساطير الخلود في الحضارات القديمة. تلك بعض الأساطير الكنعانية حاولنا تقديم خصائصها وتفاعلاتها مع أساطير الحضارات الأخرى بخاصة عند الشعوب السامية ولم تتوقف عند أساطير وملاحم وقصص أخرى كما هو الشأن بالنسبة لتأثير الطوطم في الشعوب السامية ويمكن للباحث أن يقف على الكثير منها في الموسوعات والكتب المتخصصة في أساطير وآداب الحضارات القديمة. لقد أردنا لهذا المدخل أن يكون وقفة عند بعض خصوصيات الأرض والذاكرة مع فلسطين بخاصة لمكانتها الدينية وآثارها العربية وأهميتها عند الحضارات القديمة والحديثة. ملاحظة: للدراسة مراجع