يبدو أن وزير الداخلية الفرنسي بريس هورتيفو عازم على حظر التعدد العملي للزيجات حيث يسعى لإلغاء التعدد الإسلامي. ويطالب الوزير بتشديد القانون الخاص بهذا التعدد وبأن يشمل القانون الزيجات التي تقوم على أساس إسلامي وكذلك حالات »العيش المشترك« التي تضم رجلا مسلما وأكثر من امرأة في منزل واحد. غير أن الوزير يسلك بذلك مسلكا وعرا من الناحية القانونية ويثير نقاشا ساخنا سرعان ما يحمل سمات معاداة الإسلام حسب ما توقع بعض المراقبين. كان إلياس حباج وهو فرنسي من أصل جزائري السبب في إثارة هذه القضية، حيث أصبح يعتبر في فرنسا نموذجا ل»التشدد الإسلامي« واستغلال النظام الاجتماعي هناك. قدم حباج، 35 عاماً، من الجزائر وعمره عامان وحصل على الجنسية الفرنسية بزواجه من فرنسية وله لحية كثة مهلهلة ويرتدي جلبابا وشالا فلسطينيا. إلى هنا لا يستطيع أحد اتهامه بارتكاب أي محرمات فرنسية. أما ما أثار حفيظة الفرنسيين ضد حباج فهو أنه على ما يبدو أب لما يصل إلى 17 ابناً من أربع زوجات يعيش معهن في مسكن جماعي. وتحصل أكثر من زوجة من هذه الزوجات على مساعدات اجتماعية من الدولة كمعيلات لأبنائهن. وترتدي زوجة حباج الفرنسية التي اعتنقت الإسلام، نقابا. وأصبح حباج شخصية معروفة للرأي العام في فرنسا بعد أن احتجَّت زوجتُه ضد تغريمها بغرامة مالية بسبب ارتكابها مخالفة مرورية بسيارتها لأنها قادت السيارة وهي ترتدي النقاب، أو ارتدت النقاب وهي تقود السيارة، النتيجة واحدة. وكان الحديث عن تعدد زوجات المهاجرين العرب في فرنسا من المحرمات لوقت طويل، وكان استقدام الرجال المسلمين لأكثر من زوجة من خارج فرنسا مسموحا به حتى عام 1993 كما سكتت الدولة على مثل هذا الاستقدام فترة بعد حظره. وتدعم الهيئات الاجتماعية في فرنسا بشكل غير معلن بيوتا بها أكثر من زوجة لرجل واحد. وأعطيت تعليمات للمسؤولين في فرنسا منذ عام 2001 بدعم الفصل المكاني بين الزوجة الثانية والثالثة ولكن هذا الفصل المكاني لم ينفذ من الناحية العملية تقريبا. ثم اشتعلت هذه القضية مؤخرا على مستوى الرأي العام بعد أحداث الشغب التي اندلعت في ضواحي باريس عام 2005. وربط بعض السياسيين بين هذه الأحداث والمساكن الشعبية المكتظة وأطفال المهاجرين المهمَلين والبؤس الاجتماعي الذي يعاني منه المهاجرون. وحسب دراسة فإن فرنسا يعيش بها ما يصل إلى عشرين ألف أسرة لها صلة بتعدُّد الزيجات. ومن المؤكد أن وزير الداخلية الفرنسي هورتيفو الذي حُكم عليه مؤخراً بغرامة مالية بسبب ما اعتبر تصريحات عنصرية له أثار ضده حفيظة الكثير من المسلمين بسبب مساعيه الرامية لتشديد القوانين الخاصة بحظر تعدد الزوجات لأنهم يرون أن الاعتماد على حالة حباج يشكل اضطهادا لهم. وفي الوقت ذاته فإن الكثير من القيادات الإسلامية في فرنسا تبرأت من موقف حباج من تعدد الزوجات وأدانت هذا التعدد. وسيضطر حباج صاحب العدد الهائل من الأبناء للمثول أمام المحكمة بتهمة الحصول على مساعدات اجتماعية بدون وجه حق وتهم أخرى ذات علاقة. ولكنه لن يمثل أمام المحكمة بتهمة تعدد الزوجات لأنه لا يمكن اثبات هذا التعدد حسب الوضع القانوني الحالي.