حنان قرقاش قدرت آخر الإحصائيات أن حوالي 9 ملايين جزائري، مصاب بمرض ارتفاع ضغط الدم الشرياني، الأسباب مختلفة ومتعددة، وتعود إلى عوامل كثيرة، حسب المختصين في هذا المجال، من بينها الأنماط الغذائية الجديدة، للمجتمع الجزائري، المعتمدة على الاستهلاك الكبير للوجبات السريعة والدسمة، وكذا الغنية بالسكريات، أو بالملح، هذا ناهيك عن جملة العوامل الاقتصادية والاجتماعية، كالفقر والبطالة، وقلة فرص العمل، وظروف الحياة اليومية عامة، إضافة إلى عوامل أخرى كالتوتر والقلق والعصبية، والنرفزة، وقلة الحركة، التي أضحت ابرز السمات اليومية للفرد الجزائري، كبيرا كان أم صغيرا، ومن الجنسين، إلى جانب العوامل الوراثية طبعا، تفاقمت كلها، لتنتهي في الأخير إلى هذه الأرقام المرعبة والمفزعة، عن مرض يصفه الكثير من الخبراء والمختصين بالمرض القاتل والصامت، دون إغفال التداعيات والمضاعفات الناتجة عنه، والمتمثلة بأمراض اشد فتكا وخطورة كالإعاقة الحركية وعجز الكلي وأمراض القلب، وغيرها. غير أن هذا الرقم بالنسبة للسيدة "مشكال نجية" رئيسة "جمعية نجدة" لمرض السكري والضغط الدموي، يعتبر رقما بعيدا عن الواقع، بالنظر حسبها إلى جهل عدد كبير من المصابين لحقيقة إصابتهم بمرض الضغط الدموي، نظرا لان كثيرين يهملون الكشف المبكر سواء كانوا من الرجال أو من النساء، مؤكدة على ضرورة أن يكون هنالك جهاز قياس ضغط لدى كل أسرة جزائرية في الوقت الحالي، دون أن يكون ذلك أمرا معيبا أو محرجا. وأضافت على هامش اليوم التحسيسي الذي نظمته الجمعية بالسحاولة لفائدة المواطنين، انه ينبغي على المواطنين كافة زيادة وعيهم فيما يخص هذه الأمراض، وعدم إهمال الكثير من الأعراض المتعلقة به، والتي تعتبر نواقيس خطر تدق دون أن يعيرها الكثيرون أدنى انتباه، إلى أن يصلوا في النهاية إلى إصابات خطيرة، ومضاعفات اكبر ما كانت لتكون لو أنهم اتجهوا على الأقل لقياس مستوى السكر لديهم، أو قياس ضغطهم الدموي، مبدية مثالا عن اكتشاف 15 شخصا مصابين بالضغط الدموي، خلال الفترة الصباحية فقط من اليوم التحسيسي الذي نظمته الجمعية، ليبقى الانتباه والوعي بهذا المرض، وبضرورة قياس الضغط والكشف المبكر، على الأقل مرتين في الأسبوع، حتى بالنسبة لغير المصابين أفضل سبل الوقاية من هذا المرض الصامت والقاتل، مع ضرورة إتباع نظام غذائي صحي ومتوازن، خصوصا بالنسبة للكبار في السن، أو الذين يعانون من البدانة، ولكل من يتجاوز ال30 سنة من العمر. وترى السيدة "مشكال" أيضا انه إلى جانب الانماط الغذائية الجديدة للفرد الجزائري، أن مشاكل الحياة اليومية، بالإضافة إلى تراكمات العشرية السابقة، وما عاشه الجزائريون، كان من ابرز عوامل استفحال هذا المرض، مقدمة مثالا عن سكان ومواطني بلدية السحاولة التي تعتبر من أكثر البلديات التي تشهد نسبة مرتفعة من المصابين بأمراض الضغط الدموي، كونها كانت من البلديات التي شهدت أعمالا عنف رهيبة، خلال العشرية السوداء، ما جعل سكانها يعانون من صدمات نفسية قوية، انتهت بالكثير منهم إلى الإصابة بهذا المرض. وأبدى المواطنون الذين اقبلوا على هذا اليوم التحسيسي اهتماما بالغا، بالشروح المقدمة لهم من أعضاء الجمعية، ومن الأطباء المتخصصين الذين قدموا محاضراتهم في هذا الموضوع، بلغة بسيطة وعامة، يفهمها المواطن البسيط، خصوصا وان نسبة كبيرة من الحاضرين كانت من السيدات ومن العجزة والمسنين، إضافة إلى إقبال كبير على الركن المخصص لقياس ضغط الدم والسكري، لاسيما وانه كان يتبع بتوجيه المريض سواء الذي كان يعرف إصابته من قبل أو اكتشفها لتوه إلى الجهات الطبية المتخصصة، مع تقديم شروح كافية له حول طبيعة مرضه وكيفية التعامل معه، وقالت رئيسة الجمعية أن الأيام التحسيسية تلقى اقبلا وتجاوبا كبيرا من طرف المواطنين، وينبغي تفعيلها ورفعها في كافة المجالات، نظرا لما لها من دور مهم في ذلك. وتجدر الإشارة إلى أن ضغط الدم عموما، هو مرض مرتبط بالسن، بحيث يظهر مع تقدم الفرد في السن، ومع ذلك فان الأهم في كل ما قيل، هو ضرورة أن يخضع كل مواطن للفحوص بصورة مستمرة لتشخيص حالتهم الصحية قبل أن تتأزم، ناهيك عن إتباع نظام فغذائي متوازن معتمد على الخضر والفواكه، وكذا النشاط البدني والرياضي، والابتعاد عن المؤثرات وعوامل التوتر والقلق. ويقول الأخصائيون أن خطورة الضغط الدموي لا تكمن فقط في التعقيدات الصحية التي يتسبب فيها، وإنما في تأثيره السلبي على الشرايين التي تعتبر منبع الحياة، فإن حدث وتصلبت الشرايين المسؤولة عن نقل الأكسجين إلى كافة أعضاء الجسم فهذا يؤدي حتما إلى تضرر كل من القلب والدماغ والكلى والأطراف جراء نقص الأكسجين، كما قد يسبب هذا النقص شللا في أحد أجزاء الجسم أو يتسبب في نوبة قلبية أو شلل بأحد الأطراف السفلية، مما قد يؤدي إلى بترها. وتحصي الجزائر 35 بالمئة من الأشخاص المصابين بهذا المرض الذي يمس 30 بالمائة من الأشخاص البالغين ابتداء من سن 35سنة إضافة إلى أن 57 بالمائة من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم ما بين 50 و 60 سنة ونصف سكان الجزائر معرضون للإصابة بالضغط ابتداء من سن الخمسين. هذا فيما تبقى أهم المشاكل التي يعاني منها مريض الضغط الدموي هو عدم تعويض الأدوية، التي تعد بعيدة عن متناول شريحة واسعة من المصابين بالمرض.