يؤكد المختصون أن نسبة 90 من حالات الإصابة بارتفاع ضغط الدم الشرياني أسبابها غير معروفة، وأن معظم المصابين بها يعانون من عوامل مضاعفة عدة تشترك في الإصابة بالمرض. بعض هذه العوامل غير ثابتة ويمكن التحكم فيها مثل السمنة والتغذية غير المتوازنة والاستهلاك المفرط للملح وقلة الحركة والقلق، أما العوامل الثابتة فتتمثل في الجانب الوراثي وعامل السن. لا تخلو عائلة جزائرية من إصابة أحد أفرادها بارتفاع الضغط، وعن الأسباب يقول الدكتور حسين زيداني مختص في الطب الداخلي إنها تنحصر أساسا في عدم ممارسة الرياضة وتناول الأغذية غير الصحّية، على غرار المشروبات الغازية ووجبات الأكل السريع، وتناول الملح وعدم التقيد بالكمية اليومية الموصى بها في الوجبات، والتي حددتها المنظمة العالمية للصحة ب 5 غرام يوميا، وأوضح المتحدث أن معظم دول العالم لا يتقيد أفرادها بالكمية اليومية للملح ويستهلكون حوالي 9 غرامات من الملح يوميا، وهذا له انعكاسات خطيرة على صحة الإنسان منها تحفيز الإصابة بارتفاع الضغط، ولذلك يدعو المختص إلى ضرورة تفادي الإصابة بهذا المرض القاتل من خلال تناول الأغذية الصحّية وممارسة الرياضة لما لها من أثر إيجابي على صحّة الإنسان. وكان رئيس فيدرالية المصابين بارتفاع ضغط الدم الشرياني السيد خير الدين مخبي قد كشف أن ثلث الجزائريين الذين تفوق أعمارهم 18 سنة مصابون بارتفاع الضغط، وأن ما يزيد عن ثلث المصابين يجهلون إصابتهم بالمرض، وأن ثلثاً آخر من المصابين ورغم إدراكهم ومعرفتهم الواسعة للمرض، فهم لا يتعاطون مع الموضوع بجدية ولا يبالون بتحذيرات وتوصيات أطبائهم، كما أن 30 فقط من بين المصابين يتم التكفل بهم بطريقة جيدة. ويذكر الأخصائيون أن ربع المصابين بالضغط مصابون كذلك بالسكري، ونصف هؤلاء بدناء ما يعني أن خطر مضاعفات الداء تتفاقم بما يزيد عن 100، وعليه فإن الوقاية تلعب دورا أساسيا وتتمثل أولا في الأكل الصحي وممارسة الرياضة والابتعاد عن القلق، إلى جانب الابتعاد عن الأغذية المصّنعة، بحيث أظهرت الدراسات الصحيّة أن تناول غذاء يومي متوازن يحتوي على الفواكه والخضروات والحبوب والسمك، وبعض أنواع اللحوم يمكّن من السيطرة على ارتفاع الضغط والأمراض الناتجة عنه بشكل عام، علما أنه من بين المضاعفات الخطيرة لضغط الدم نجد أمراض العجز الشرياني، احتشاء العضلة القلبية، الذبحة الصدرية والسكتة الدماغية، إضافة إلى تدهور وظيفة الكلى، ما قد يؤدي إلى الفشل الكلوي وكذا الإصابة باضطرابات في البصر. من جهة أخرى يؤكد الدكتور زيداني أن المصابين بارتفاع الضغط غير الخاضعين للعلاج يتعرضون بين مرتين و10 مرات للإصابة بجلطة الدماغ والعجز الشرياني للقلب، وبعض التعقيدات الأخرى التي تؤدي إلى إعاقة ثقيلة أو الموت المبكر. ويعرّف المختصون مرض ارتفاع ضغط الدم ب''القاتل الصامت''، لكون المصاب به لا يشعر بالألم، ويتسبب المرض أيضا في عوامل خطيرة عدة، من بينها أمراض شرايين القلب والذبحة الصدرية والسكتة القلبية وجلطة الدماغ والعجز الشرياني، إضافة إلى تدهور وظيفة الدورة الدموية بالأعضاء السفلى والإصابة باضطرابات في البصر. جهاز قياس ضغط الدم لكل عائلة جزائرية يشكو عادة المصاب بارتفاع الضغط من الصداع في الصباح، أو الشعور بالتعب والإعياء، أو الدوخة أو الرعاف، وهناك اعتقادات خاطئة عند بعض الناس حول ارتفاع ضغط الدم، فالبعض يظنون أنه مشكلة عابرة يمكن الشفاء منها بتناول الدواء لفترة محددة، فيتوقفون عن تناوله عندما يشعرون بالتحسن، والبعض يظنون أنه لا داعي لقياس ضغط الدم طالما أنه لا يشكو من أي أعراض، وآخرون يظنون أن ارتفاع الضغط هو حالة عابرة من حالات التوتر العصبي، ويعتقد المختصون أن معظم حالات فشل العلاج الدوائي تنجم عن عدم تعاون المريض مع الطبيب، وعدم تعاطي العلاج بانتظام وينبغي التأكيد على مريض الضغط بوجوب مراجعة الطبيب بانتظام لقياس ضغطه وتحديد خطة العلاج. وتحصي ولاية الجزائر لوحدها أكثر من 5 آلاف مصاب بارتفاع الضغط بحسب إحصائية فدرالية المصابين بارتفاع الضغط الشرياني، وكشف رئيسها مخبي خير الدين أن المرضى يعانون من مشكلة عدم تعويض الأدوية بصفة كاملة، رغم أن ارتفاع الضغط معترف به كمرض مزمن غير أن المصابين به يضطرون لدفع الفرق دائما لاقتناء أدويتهم، وأوضح أن اقتناء كل عائلة جزائرية لجهاز قياس ضغط الدم كفيل لوقاية أفرادها من الإصابة بهذا الداء، مع الإشارة الى ضرورة تعويض مبلغ اقتناء هذا الجهاز من طرف صندوق الضمان الاجتماعي على الأقل مرة كل سنتين كون ثمن شرائه ليس في متناول جميع المصابين، كما تطرح بالمقابل مشكلة عدم تعويض الأدوية المعالجة للضغط بنسبة 100 بالمائة، حيث لا تمس هذه النسبة - حسب ذات المتحدث - في الوقت الحالي إلا فئة المصابين بأزمات شرايين الدماغ بالرغم من تصنيف المرض ضمن الأمراض المزمنة. وتبدأ الإصابة بارتفاع ضغط الدم الشرياني في سن ال35 وما فوق، ولا تعاني المرأة من ارتفاع الضغط إلا ابتداء من سن 50 أي مع بداية سن اليأس. ففي أغلب الأحيان لا تظهر أعراضه على صحة المصاب لكن الضغط يدمر في الوقت نفسه كل الشرايين المتواجدة في مختلف الأعضاء مما يؤدي إلى تعقيدات عدة. وفي حالة الإصابة الحادة يشتكي المريض من أوجاع الرأس واضطرابات في البصر وإرهاق في حاسة السمع، هذا ويمكن أن يؤدي ارتفاع ضغط الدم خلال فترة قصيرة جداً إلى خسائر صحية لا تحمد عقباها. جدير بالإشارة أن إحصائيات المنظمة العالمية للصحة تشير إلى أن حوالي 900 مليون شخص في العالم مصابون بارتفاع ضغط الدم الشرياني، وتتساوى وتيرة انتشاره في الدول المتقدمة كما في الدول الفقيرة. وللتصدي لهذا المرض، توصي المنظمة العالمية للصحة بممارسة النشاطات الرياضية ومكافحة العادات السيئة للأكل الغني بالسعرات الحرارية والسكريات والدهنيات ومكافحة السمنة والتخفيض من نسبة الملح بالطعام، كما توصي المنظمة بمحاربة القلق والتدخين والتخفيض من نسبة الكولسترول في الدم ومعالجة داء السكري إضافة إلى تعويض بعض أنواع حبوب الحمل بموانع أخرى لا تتسبب في الإصابة بارتفاع ضغط الدم.