دفعوا ثمن السلام بين البوذيين والهندوس قصة مسلمي سريلانكا المضطهدين مسلمو سيرلانكا دفعوا ثمن السلام وها هم الآن معرَّضون لَأن يدفعوا ثمن إرهاب ليس لهم ذنب فيه. فرغم عدم إعلان أي جهة عن مسؤوليتها عن التفجيرات المروعة التي استهدفت كنائس وفنادق في الجزيرة المشهورة بزراعة الشاي خرجت تقارير تتحدث عن مسؤولية محتملة لجماعات إسلامية عن الهجمات التي وقعت في البلد ذي الأغلبية البوذية. وقُتل نحو 207 أشخاص وأُصيب ما لا يقل عن 450 آخرين في التفجيرات التي وقعت في عيد القيامة الأحد في أول هجوم كبير تشهده الجزيرة الواقعة في المحيط الهندي منذ انتهاء الحرب الأهلية قبل عشرة أعوام. وبعد ساعات من الهجمات التي قال مسؤولون إن بعضها نفذه انتحاريون داهمت قوات الأمن أحد المنازل في العاصمة السريلانكية واعتقلت سبعة أشخاص في حين سقط ثلاثة من أفرادها قتلى. وأعلنت الحكومة حظر التجول في كولومبو وحجبت شبكات التواصل الاجتماعي وتطبيقات التراسل بما في ذلك فيسبوك وواتساب. ولم يتضح متى سيتم رفع حظر التجول. وقال مسؤول سيرلانكي لوكالة أسوشيتد برس إن اثنين من الانفجارات يشتبه في أنهما نفّذا من قِبل مفجِّرين انتحاريين. مَن فعلها؟ فور وقوع الحادث وجهت تقارير إعلامية أصابع الاتهام لمسلمي سيرلانكا أو تحديداً لجماعات إسلامية محلية. فقد أفادت وكالة فرانس برس بأنها اطلعت على وثائق تُظهر أن الشرطة السريلانكية كانت في حالة تأهُّب لعدة أيام خوفاً من أن يكون الانتحاريون من جماعة إسلامية متطرفة محلية وهي جماعة التوحيد الوطنية الذين يستهدفون الكنائس البارزة. وأفادت وكالة فرانس برس أيضاً بأن الشرطة السريلانكية ضبطت مجموعة من المتفجرات في جانفي الماضي بعد اعتقال أربعة رجال من جماعة إسلامية متطرفة تشكلت حديثاً. ولكن يبدو أن الأمر أكبر من مجرد جماعة محلية موتورة في اليوم التالي الإثنين 22 أفريل 2019 قال راجيثا سيناراتني المتحدث باسم حكومة سريلانكا إن التفجيرات التي وقعت في البلاد في عيد القيامة تم تنفيذها بمساعدة شبكة دولية. وأضاف: لا نعتقد أن هذه الهجمات نفذتها مجموعة من الأشخاص الموجودين في البلاد… هناك شبكة دولية لم يكن من الممكن دون مساعدتها أن تنجح مثل هذه الهجمات. وبصرف النظر عمَّن قام بالعملية فإن مسلمي البلاد لم يُعرف عنهم الميل للعنف بل بالعكس كانوا ضحايا للصراع الإثني الذي ظل مشتعلاً في البلاد لعقود بين أقلية التاميل (غالبيتهم الهندوس ويتركزون في شمال البلاد) وبين الحكومة التي تستند للغالبية السنهالية البوذية. ضحية للاضطهاد الهندوسي ويشكل المسلمون 9 بالمائة من السكان البالغ عددهم 21 مليون نسمة وهم أقلية أصغر من الأقلية الأهم في البلاد وهم التاميل الذين ينتمي معظمهم للديانة الهندوسية. وفي حين يمثل السنهال البوذيون الأغلبية في البلاد فإن الهندوسية هي المهيمنة في شمال وشرق سريلانكا. ويشكِّل البوذيون 70 بالمائة من السكان إلى جانب 12 بالمائة من الهندوس و7 بالمائة من المسيحيين الكاثوليك والبروتستانت. وفي عام 2009 هُزم متمردو التاميل الذين قاتلوا من أجل إقامة دولة مستقلة في الشمال بعد حملة استمرت 26 عاماً. وأغلب المسلمين ينتمون لإثنية المور المسلمين الذين يتحدثون التاميلية ولكن مع تأثيرات عربية وسنهالية. ويعيش ثلث المسلمين على الأقل في الشمال والشرق وهؤلاء تأثروا بالنزاع التاميلي إذ عانوا في كثير من الأحيان من مصاعب جمة لا سيما على أيدي جماعة نمور تحرير تاميل إيلام المتمردة. ومنذ عام 1990 كان المسلمون ضحايا التطهير العرقي والمذابح والتهجير القسري من قِبل المتمردين وفقاً لتقرير لمجموعة الأزمات الدولية. وأشار التقرير إلى أن المسلمين تم تجاهلهم في الترتيبات لوقف إطلاق النار بين الجانبين. ولم يلجأ المسلمون أبداً إلى التمرد المسلح لتأكيد موقفهم السياسي على الرغم من أن بعضهم قد عمل مع قوات الأمن وكان عدد قليل منهم أعضاء في جماعات التاميل المتمرد المبكرة وفقاً للمجموعة. وكانت المخاوف من ظهور حركة مسلحة بين المسلمين ربما بواجهة أيديولوجية إسلامية موجودة منذ أوائل التسعينيات لكن معظمهم ظلوا ملتزمين بتوجيه إحباطهم عبر العملية السياسية والتفاوض مع الحكومة ومقاتلي التاميل في أوقات مختلفة حسب مجموعة الأزمات الدولية. ومع تراجع الاستقطاب والعداء بين السنهال والتاميل بدا واضحاً أن دفة المشكلات تحولت تدريجياً للمسلمين الذي أصبحوا محط سخط المتطرفين البوذيين. في السنوات الأخيرة اتُّهمت الجماعات البوذية المتشددة مثل بودو بالا سينا (BBS) والمعروفة باسم القوة البوذية بإثارة الكراهية الطائفية في سريلانكا. وتتهم BBS مسلمي سريلانكا بتهديد الهوية البوذية للأمة وتتمتع بدعم على أعلى المستويات في المؤسسة السياسية. وفي مقابلة مع التايم عام 2014 قال جيهان بيريرا المدير التنفيذي لمنظمة المنظمات غير الحكومية التابعة للمجلس الوطني للسلام: إن التحيزات تتزايد لأن هناك مجموعة صغيرة ولكنها مؤثرة من البوذيين المتطرفين الذين يتمتعون بحرية نسبية ويثيرون المشاعر الدينية والقومية للأغلبية السنهالية. الإسلاموفوبيا في سريلانكا أيضاً إن فكرة حملات الكراهية تتعارض مع صورة البوذية كدين سلام وتسامح. وفقاً لرافائيل ليوجير أخصائي في الديانة البوذية في معهد إيكس إن بروفنس للدراسات السياسية يخشى جزء من الأغلبية البوذية في سريلانكا من أن الإسلام يتسلل إلى النسيج الاجتماعي والثقافي للجزيرة. هجوم إرهابي تعرض له مسلمون في سريلانكا أمام أحد المساجد من قبل متطرفين بوذيين 2009 ويضيف: إن البوذية ليست مجرد ديانة إنها هوية ثقافية عميقة وهوية وطنية وهذه الهوية يراها المتطرفون يتم تقويضها من قِبل المسلمين حسبما ورد في تقرير لفرانس 24. وقال ليوجير: هؤلاء الرهبان البوذيون المتعصبون يعتبرون المسلمين غزاة يهددون روح سريلانكا. أزالوا ملصقات الطعام الحلال رغم أن البوذيين أيضاً يأكلون منه وحرضت مجموعات بوذية على إزالة الملصق الحلال المسلم من الأطعمة التي تباع في البلاد على الرغم من أن جميع اللحوم تقريباً في سريلانكا تُذبح وفقاً للقواعد الإسلامية لمجرد أنها الطريقة الأرخص. وبالنسبة للرهبان البوذيين كان تذكيرهم كل يوم بأن لحمهم حلال يمثل إهانة لهويتهم الثقافية حسب التقرير. قبلت منظمة علماء سيلان الإسلامية إزالة العلامة الحلال من اللحوم قائلة إنها فعلت ذلك لتشجيع الوئام الديني. لكن على الرغم من هذا التنازل فإن الأقلية المسلمة في سريلانكا تتعرض للتعصب البوذي المتنامي الذي امتد إلى الدعوة لمقاطعة محلاتهم. وقام الفيسبوك بتنشيط أداة الاستجابة للأزمات في أعقاب الانفجارات. واستخدم المتطرفون البوذيون في سريلانكا فيسبوك في عام 2018 لتنظيم أعمال عنف مميتة ضد المسلمين.