كشفت الأرقام والإحصائيات المقدّمة في ندوة صحفية انعقدت أمس، عن ارتفاع منحنى المدخّنين في الجزائر بعدما تسربّت الظاهرة غير الصحّية والخطيرة إلى كلّ من الوسط المدرسي وفئة الجنس النّاعم في السنوات الأخيرة، وهو ما تظهره الحياة اليومية، سواء في الشارع أو حتى في المؤسسات التعليمية والجامعات في ظلّ غياب الرقابة الأسرية. حيث أكّدت الأرقام تسجيل 15 ألف حالة وفاة مبكّرة سنويا في الجزائر، أي ما يعادل 40 حالة يوميا، وهو ما يدعو إلى دقّ ناقوس الخطر من أجل وضع الظاهرة في إطار محصور حتى يتمّ التكفّل بالمشكل الذي أضحى آفة العصر. وحسب عبد الكريم عبيدات الذي نزل ضيفا على منتدى "المجاهد" أمس بمناسبة اليوم العالمي للامتناع عن التدخين، فإن الجزائر تسجّل سنويا 15 ألف حالة وفاة، أي ما يعادل 40 وفاة يوميا جرّاء عادة الإقدام على التدخين التي أضحت في الآونة الأخيرة تستقطب حتى أطفال المدارس الذين وصل عددهم حسي الإحصائيات الأخيرة إلى حوالي 30 بالمائة منهم يتعاطون التدخين، في حين تفاقمت الظاهرة عند الجنس اللطيف من الفتيات والنّساء، سواء كان ذلك في الوسط المهني أو في المؤسسات التربوية والمعاهد والجامعات أو حتى في المساحات الخضراء وصالونات الشاي في العلن دون خوف أو حياء مثلما كان يحدث في السابق ويسجّل بذلك المختصّين ما يفوق نسبته 6 بالمائة، وهو رقم حسّاس ومخيف، خاصّة إذا تعلّق الأمر بخصوصية التركيبة الفيزيولوجية للمرأة، خاصّة في حال الحمل والإنجاب. ويرى المشاركون في النّدوة أن الخطر قادم لا محالة خاصّة بوصول الآفة إلى المدارس التعليمية التي أضحت تفقد هيبتها مقارنة بالأعوام الماضية أين كان الانضباط سيّد الموقف، كما أن للشيشة خطر أكبر على مستعمليها بعدما زاد رواجها في السنوات الأخيرة في الخيمات والصالونات الليلية، حيث تشير الإحصائيات في هذا الصدد إلى ما يفوق 50 بالمائة نسبة الإقبال عليها وهو رقم مرشّح للارتفاع في حال عدم التحسيس بخطورتها في الوقت الذي يرى فيه كافّة المختصّين والدراسات المقامة عليها أن جلسة واحدة من الشيشية تعادل من 4 إلى 5 علب من السجائر، وهو موقف خطير إن لم يتدارك الوضع، خاصّة وأن استعمالها أضحى للتباهي والتودّد إلى نكهاتها المختلفة دون معرفة الأخطار النّاجمة عنها حتى أضحت أكثر إقبالا على الفتيات والشبّان بمختلف مناطق الوطن . من جهة أخرى، أشار عبد الكريم عبيدات رئيس المجلس لجمعيات حماية الشباب إلى أن أكثر من 90 بالمائة السرطانات المسجّلة بالجزائر تعود إلى سرطان الرئة النّاجم عن التدخين، وهي حصيلة ثقيلة حسبه إن لم يتمّ تداركها عن طريق الحملات التحسيسية والبرامج التوعوية، إلى جانب تسجيل 40بالمائة من حالات الوفاة بسكتة قلبية وأمراض مزمنة أخرى، داعيا في الوقت ذاته إلى إيجاد صيغ وسبل وبرامج مختلفة من أجل العمل على تحسيس كافّة فئات المجتمع من خطورة مادة النيكوتين الذي يحتويه التبغ في ظلّ غياب الرقابة الأسرية للأولياء الذين هم مجبرون على اتّباع كافّة خطوات أبناءهم أكثر من أي وقت قد مضى . يذكر في الأخير أن الجزائر كانت قد صادقت على الاتّفاقية الصادرة عن المنظّمة العالمية التي تمنع التدخين في الأماكن العمومية، غير أنه وإلى حدّ الساعة ما يزال خارج مجال التطبيق في الوقت الذي تطبّقه كافّة الدول الأوروبية للحدّ من الإصابة النّاجمة عن استنشاق التبغ في الأماكن العمومية بالرغم من الامتناع عنه. للإشارة، فإن المنظّمة العالمية للصحّة تشير إلى أنه من بين أكثر من خمسة ملايين شخص يموتون سنويا جرّاء تعاطي التبغ هناك 1.5 امرأة تقريبا، وما لم تتّخذ إجراءات عاجلة يمكن أن يقتل تعاطي التبغ أكثر من ثمانية ملايين شخص بحلول عام 2030 من بينهم 2.5 مليون امرأة. وعلى الصعيد العالمي تشكّل النّساء نحو 64 بالمائة من الوفيات النّاجمة عن التدخين الإرادي والبالغ عددها 430000 وفاة سنويا.