بقلم: رشاد ابو داود* لو أدرك الطليان من البداية خطورة كورونا لما استهانوا بوحشيته ولما فتك بهم . ولو التزموا بيوتهم و لم يرقصوا على الشرفات لما رقص على جثث الآلاف منهم . أما رئيس وزرائهم فلو أنه لم يقل لهم فقدنا السيطرة كليا والوباء يفتك بنا .انتهت حلول الأرض والامر متروك للسماء لما فقدوا الامل بالنجاة وصعد الآلاف منهم الى السماء. والى أن تنتهي المعركة بين أميركا و الصين لا احد يدري كم سيبلغ عدد ضحايا ايطاليا وكم إنسانا على هذا الكوكب سيكون قد فارق الحياة . ومتى سيفتح مليار انسان ابواب بيوتهم التي أغلقوها عليهم خوفاً من الكورونا . لكن لماذا ايطاليا وهي بعيدة عن مصدر انتشار الفيروس في يوهان بالصين ؟ رجح محللون عدة اسباب منها : ان ايطاليا ظلت في حالة إنكار لوجود المرض ولم تتحرك بالسرعة الكافية لاتخاذ تدابير الفصل الاجتماعي والحظر حيث ذكرت تقارير أن أجهزة المخابرات حذّرت السلطات من الوباء المحتمل لكنها لم تتخذ الإجراءات اللازمة. كما تخلف الإيطاليون في إجراء فحص واختبار الفيروس التاجي على نطاق واسع على الرغم من أنه أثبت فعاليته في مكافحة الانتشار. تقرير نشرته شبكة فوكس نيوز عزا انتشار المرض إلى الترابط العائلي والثقافة التي تحدد طريقة الحياة الإيطالية وقال إن وجود أسر متعددة الأجيال لا تزال تعيش تحت سقف وتحيي المناسبات بشكل عائلي قد يكون من الأسباب التي أدت إلى تفاقم تفشي الفيروس. تقارير أخرى تقول إن من المحتمل أن يكون الفيروس قد انتشر من خلال أفراد شباب أصحاء لم تظهر عليهم أي أعراض أو ظهرت أعراض خفيفة جدا ونقلوه لكبار السن. وجمع تقرير لمجلة ديموغرافيك ساينس المعنية بدراسات السكان بين هاتين النقطتين وقال إن مشكلة إيطاليا مزدوجة فمن جهة تعدّ الدولة الثانية من حيث نسبة السكان الكبار في السن ومن جهة أخرى فإن الشباب فيها يختلطون دوما بأقاربهم الأكبر سنا مثل أجدادهم. الأهم ما ذكره خبير صحي من انه مع بداية انتشار المرض في إيطاليا كان الخطأ الأول الذي اقترفته الحكومة الإيطالية أنها لم تمنع الرحلات المباشرة من الصين باتجاه إيطاليا وهذا مكّن ذلك دخول العديد من المسافرين المصابين العائدين من الصين إليها أو المارين بها عن طريق رحلات الترانزيت ونشر العدوى دون التمكن من مراقبتها أو تتبعها وحصرها. فهل لهذا السبب سارعت الصين بعد ان تمكنت من السيطرة على الفيروس الى ارسال طائرة اغاثة تحمل فرقاً ومعدات طبية لايطاليا ؟ وهل كان لارسالها فرقاً أخرى وملايين الاقنعة الى دول اخرى مثل صربيا وايران وباكستان و الفلبين بهدف إبعاد الانتقادات التي طالتها بسبب هفوات ارتكبتها في بداية تعاملها مع فيروس كورونا المستجد. أم أن خطوتها تلك تأتي في إطار منافستها للولايات المتحدة على زعامة العالم ؟ البعض يرى ان فيروس كورونا كوفيد19 سياسي أكثر منه طبيعي . ويشير هؤلاء الى انه منذ البداية وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كورونا ب الفيروس الصيني مكررا الوصف نفسه ثلاث مرات خلال ساعة واحدة. وقال في سلسلة تغريدات: لأولئك الأشخاص الذين هم الآن عاطلون عن العمل بسبب سياسات الاحتواء المهمة والضرورية نتيجة إغلاق الفنادق والحانات والمطاعم على سبيل المثال سنرسل لكم الأموال قريبا. فهجوم الفيروس الصيني ليس خطأكم. سنكون أقوى من أي وقت مضى . وأضاف: سأعقد مؤتمرا صحفيا اليوم لبحث الأنباء المهمة جدا من إدارة الأغذية والأدوية بشأن الفيروس الصيني . بكين أزعجتها اتهامات ترامب وردت عبر تغريدة للمتحدث باسم الخارجية تشاو لي جيان قال فيها أن الإصابة الأولى بفيروس كورونا الذي باتت منظمة الصحة العالمية تعتبره جائحة أتت من الولاياتالمتحدة وليس من مدينة ووهان الصينية. وكتب أنّ الجيش الأمريكي ربما جلب كورونا إلى مدينة ووهان. كونوا شفافين وانشروا ما لديكم من معلومات . الولاياتالمتحدة تدين لنا بتفسير .في اشارة الى مشاركة فريق أميركي في دورة الألعاب العالمية الرياضية العسكرية السابعة التي اقيمت في المدينة في اكتوبر الماضي . يقول الكاتبان الأميركيان كورت م. كامبل وروش دوشي في فورين أفيرز : إن الصين تناور حاليا لتحظى بقيادة العالم في الوقت الذي تفشل فيه الولاياتالمتحدة مع تحوّل وباء كورونا الى حدث عالمي . وأضافا أنه من الواضح الآن أن واشنطن فشلت في استجابتها الأولية للوباء فالمؤسسات الأميركية الرئيسية من البيت الأبيض ووزارة الخارجية إلى وزارة الأمن الداخلي ومراكز السيطرة والوقاية من الأمراض قد هددت ثقة الناس بقدرة وكفاءة الحكم الأميركي. والسؤال الآن : هل نحن الآن أمام نظام عالمي جديد تقوده الصين؟