يوميات جزائري في زمن كورونا الحجر الصحي ليس عقاباً
الخالة مسعودة من النساء اللواتي ما زلن لم يُصدقن أن كُوفيد 19 موجود ويتسبب في إصابة الكثيرين وموت آخرين فهي مازالت تُمارس عادتها اليومية في الخُروج للحديقة للتجمع مع باقي الشلة والحديث في مُختلف القضايا والأُمور فخالتي مسعودة إمرأة سبعينية من الجيل القديم لا تعرف من الأمراض إلا القليل لذا يجد أبناؤها وأحفادها صعُوبة في إقناعها بعدم الخروج والإمتثال للحجر الصحي وبقيت على ذلك الحال حتى حدث ما لم يكن في الحُسبان ففي يوم إستيقظت وهي تجد صُعوبة في التنفس مع إرتفاع كبير في درجة الحرارة على وجه السُرعة تم نقلها مُباشرة إلى المُستشفى لإنقاذها والتأكد من عدم إصابتها بالكورونا فالمرأة كبيرة في السن وتُعاني من السُكري والربو. اكتشاف الفيروس في المُستشفى شرع الذكتور إبراهيم في مداواتها ورأى فيها أمه التي فقدها منذ أسبوع بسبب الفيروس القاتل ولم يقو على فراقها فقد قرر مُداوة خالتي مسعودة طلب من المُمرضين إدخالها للعناية المُركزة بأسرع وقت ووضع جهاز التنفس الإصطناعي لمُساعدتها على التنفس. ومرت الأيام والطبيب إبراهيم يسهر على علاج خالتي مسعودة التي تبين فيما بعد أنها حاملة للفيروس ولذا طلبت السُلطات من الأمن حجر كل من كانت لهم علاقة مُباشرة بها وانطلقت حالة طوارىء لمعرفة مع من كانت تجلس وتحتك بهم طيلة هذه الفترة وتم حجر الكل في المُستشفى بمن فيهم الطبيب إبراهيم الذي أشرف على علاجها بعد أربعة عشر يوما من الحجر تبين أن خالتي مسعودة نقلت العدوى لكل عائلتها أما الطبيب إبراهيم فقد فارق الحياة بعد يومين من الحجر وتبعته خالتي مسعودة وكثير من افراد عائلتها الذين كانت معهم حتى العجائز اللواتي كن يجلسن معها ماتت ثلاثة منهن والبقية نجين بقدرة قادر. جريمة لا تغتفر فخالتي مسعودة وغيرها مثال للمُواطنيين المُتعصبين الذين يظنون أن جائحة كُورونا سترحمهم وستمر عليهم مُرور الكرام وطبعاً لسان حالهم يقول: الموت مكتوب ربي .. لن يُصيبنا إلا ما كتب الله لنا فيا جداتنا وجدودنا الموت صحيح قدر ونحن لن نعيش إلا ما كتبه الله لنا لكن التسبب في موت الآخرين جريمة لا تُغتفر لا دُنيا ولا آخرة ضف إلى ذلك الحجر ليس عقاب. ابقوا في بيوتكم فيا أباءنا وأُمهاتنا ابقوا في بيوتكم يرحمكم الله وحافظوا على أنفسكم وعائلاتكم بعقليتكم هذه صدقوني ستجعلون الأُمور تتفاقم وستخلط الحسابات ويجعل التحكم في الأمور صعب فنحن كل يوم نسمع بإرتفاع الحالات وتزايد عدد المُصابين والموتى فرجاء إبقوا في بيوتكم كلُكم حتى أنتم أيها الشباب لا تغتروا بشبابكم وطول قامتكم وقوة عضلاتكم فكوفيد 19 لا يُفرق بين ذكر وأُنثى بين شاب وكهل بين أمريكي وصيني هو ينتشر بكل حرية ويفعل فعلته وينصرف بصمت لا تستهينوا بالأُمور وخذوها بجدية كونوا سندا للدولة لا عبئا عليها فالمرحلة تستلزم منا جميعا وضع اليد في اليد للخروج من الأزمة بأقل الأضرار هي فُرصة لمُساعدة البلد على إجتياز الأزمة والحفاظ على ما تبقى في الخزينة للأيام الصعبة القادمة لا محالة فبعد كورونا سنعيش وضعا صعبا بسبب ركود الاقتصاد وغيرها من الأسباب.