عادة ما تطرح الزبونات أو حتى العابرات من بعض أسواق الذهب الفوضوي عبر العاصمة وضواحيها ألف سؤال وسؤال، يتقدم كل تلك الأسئلة هل تلك القطع الذهبية المختلفة الأنواع والأشكال فعلا أصلية بالنظر إلى الكمية الهائلة المعلقة من فو ق الطاولات أم لا؟ لكن على الرغم من تلك الأسئلة والشكوك، نجد أن فئات واسعة من النسوة تكون نقاط البيع العشوائي ملاذهن المفضل في اقتناء الذهب بالنظر إلى رخص أثمانه على مستواها، بحيث أن الأثمان المغرية المتداولة هناك لا تقارن بالأثمان الباهظة للمجوهرات عبر المحلات المتخصصة، لكن السؤال الذي يعاد طرحه في كل مرة هل تلك القطع هي أصلية ومن يضمن للزبونة ذلك في ظل غياب الطابع الرسمي للذهب؟ ولم تعد تقتصر التجارة الفوضوية للذهب على الدلالات فقط بل اقتحم المجال حتى الشبان ورجال من مختلف الأعمار، وفي جولة قادتنا إلى بعض أسواق الذهب عبر العاصمة على غرار منطقة رويسو وكذا باش جراح وساحة الشهداء كشفنا حقائق مثيرة عن عالم الذهب المغشوش الذي يوقع بالزبونات في مصيدة الأثمان المغرية حسب ما كشفه لنا بعض الصاغة التي تكون محلاتهم في الغالب محيطة بالتجار الفوضويين. وبعد أن انتابتنا في الأول فكرة تواطؤهم مع هؤلاء الباعة اضمحلت وتلاشت بمجرد دخولنا ولأول وهلة بحيث راح اغلب الصاغة يشتكون من تأثير هؤلاء الباعة الفوضويين على تجارتهم ولم يعد يقتصر تعاملهم سوى مع الزبائن الدائمين، خاصة وان قلة الوعي دفعت ببعض الزبائن إلى السقوط في فخ الثمن البخس للذهب غير الأصلي، ذلك ما وضحه لنا "س" وهو صائغ من باش جراح بحيث قال إنه يأسف لأمر الجزائريين الذين بقدر ما يظهرون شكوكهم حول السوق الفوضوية لبيع الذهب ويشتكون منه بقدر ما يزداد تهافتهم عليها بعد أن يسقط الزبائن في فخ الإقناع الذي يتحلى به هؤلاء الباعة وكذا دلالات الذهب، فمعظمهم يذهب إلى إقناع الزبائن وتبيين الخصائص المميزة لذهبهم أنه إيطالي وأن سر عدم غلائه هو ارتباطه بعدم دفع المستحقات الضريبية لكن في الأصل ما هو إلا ذهب محلي مغشوش أعيد تصنيعه وزيادة وزنه بطريقة محترفة لا يكتشفها حتى أهل الاختصاص. صائغ آخر من رويسو لم يرد الكشف عن اسمه قال لنا إن معظم الباعة الفوضويين يلهثون وراء حيل وطرق أنجع من اجل زيادة وزن الذهب بطرق ملتوية أشهرها استعمال غبرة النحاس التي تؤثر على لونه الذهبي المائل إلى الاحمرار، وكذا القطع النقدية الصفراء خاصة من فئة عشرة دنانير لأنه كل ما زاد الوزن كلما زادت القطع صلابة وارتفع الثمن وكذا هامش الربح. كما أشار انه في حالة حصول أي كسر لتلك القطع المغشوشة فإن عملية تصليحها تكون جد صعبة وإن تمت فلن تدوم لأيام طويلة، حيث تعود مجددا للكسر لأتفه الأسباب، بحيث زارته مؤخرا إحدى الزبونات التي اقتنت خاتما من عند إحدى "دلالات" رويسو بثمن 6000 دينار في حين يتداول سعره لدى الصاغة ب25000 دينار، وأكدت لها الدلالة حسب ما روته أنه ذهب ايطالي من النوعية الرفيعة، ولم تمر سوى فترة قصيرة حتى تكسر الخاتم الايطالي وانقسم إلى قسمين واستعصى عليه حتى إصلاحه بالنظر إلى عدم صحة نوعيه الذهب المستعمل، ونصح في الأخير بضرورة الابتعاد عن نقاط البيع العشوائي للذهب واقتنائه من عند الصاغة لضمان صحة نوعيته. وأكد اغلب الصاغة أن الطلب المتكرر للذهب المستعمل من طرف الباعة غير النظاميين، باتجاه الزبونات عبر الأسواق والتي تتلخص في عبارة "كاش ما تبيعي؟" غايته غير سليمة، وإنما بغرض خلطه وإعادة تصنيعه ببعض المواد وأكدوا أن تلك القطع عادة ما تفقد بريقها وتأخذ اللون النحاسي مع مرور الأيام بفعل المواد المضافة أثناء عملية التصنيع. وتجدر الإشارة أن الذهب الجزائري مطلوب جدا في الدول الأوربية وكذا دول الخليج مما أدى ببارونات الذهب إلى استغلاله والتحكم في3000 كيلوغرام منه حسب ما وضحته إحصائيات حديثة كما أن 30 إلى 40 بالمائة من الذهب المتداول مغشوش، والتي تفرزه دوما الطاولات الفوضوية فيما تستثنى من ذلك محلات بيع الذهب النظامية، إلا أن الآفة التي لازالت متداولة عبرها هي آفة الذهب غير المطبوع لذلك وجب على الزبون المطالبة بالطابع كونه يؤكد نوعية وجودة الذهب خاصة وانه شرط ضروري في حالة الرهن.