حركية واسعة عبر الأسواق عشية المناسبة العائلات الجزائرية تستعد للاحتفال برأس العام الهجري رغم الظروف الصحية التي نعيشها إلا أن الاسر الجزائرية أبت أن تُفرّط في الاحتفاء بالمناسبات الدينية على غرار مناسبة أول محرم التي تطل علينا بالغبطة والفرح والتي تصادف السنة الجديدة 1442 ه من التقويم الهجري وهي مناسبة عزيزة على قلوب الجزائريين وتحكمها العديد من الطقوس والعادات الحميدة التي تعكس تمسك العائلات بالدين والأعراف كيف لا الأمر يتعلق بإحياء لذكرى هجرة رسولنا الأمين صلى الله عليه وسلم من مكةالمكرمة إلى المدينةالمنورة. نسيمة خباجة دأبت العائلات على الاحتفال بأول يوم من السنة الهجرية المصادف لأول محرم الذي سوف يطل علينا معلنا دخول السنة الهجرية الجديدة 1442 وتحتفل العائلات الجزائرية في ليلة السنة الهجرية ككل عام بإعداد الأطباق التقليدية وتحسيس الأبناء بأهمية التقويم الهجري الذي ألغي التعامل وفق تقويمه في الوقت الحالي للأسف بسبب التركيز اكثر على التقويم الميلادي في الحياة العملية لكن إحياء تلك التقاليد من طرف العائلات من شأنه أن يغرس في الأجيال المتعاقبة ذلك التقويم الأقرب إلى أعرافنا ومبادئنا الإسلامية. كما نلاحظ أن كثيرين لا يحفظون الأشهر الهجرية ويعجزون عن ترتيبها على خلاف الأشهر الميلادية التي يحفظها الكل عن ظهر قلب ويرتبونها في ثوان معدودة مما يؤكد طغيان التقويم الميلادي في مجتمعنا ونسيان التقويم الهجري ومع ذلك تأبى العائلات إلا إعادة إحيائه من جديد من خلال ترسيخ بعض العادات وتنظيم احتفالات عائلية بمناسبة دخول السنة الهجرية الجديدة 1442 التي ترتبط بإحياء حدث مهم وهو هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة لنشر دين الحق وبسط نوره. الأطباق التقليدية تجمع العائلات تعتز العائلات الجزائرية عبر مختلف مناطق الوطن بهذه المناسبة الدينية وتحضر للاحتفال بها ويأمل كثيرون أن تكون بداية سنة هجرية مليئة بالخيرات والبركة وتميل العديد من الأسر إلى اختيار أول السنة الهجرية أو غرة محرم للاحتفال به والتحضير له وتحرص على أن تكون احتفالاتها بأول محرم عادة سارية بين أبنائها على مدى الأجيال المتعاقبة. وهي المناسبة التي تعتبرها الأسر الجزائرية فرصة للم الشمل وإعداد مأدبة عشاء يكون فيها الطبخ التقليدي سيد المائدة ليلة الاحتفال. وأهم الأطباق التي تزين الطاولة عشية أول محرم نجد الرقاق بالدجاج والكسكسي والرشتة الشخشوخة البسكرية... كلٌ حسب عاداته ورغباته. كما تختلف مظاهر الاحتفال بهذا اليوم من عائلة لأخرى ومنطقة لأخرى وذلك بإعداد أشهى وألذ الأطباق التقليدية مثل الكسكسي الرشتة والشخشوخة وغيرها من الأطباق التقليدية التي تكون في مجملها مرفقة عادة باللحم وفي هذا السياق كانت قد بدأت العديد من المحلات والأسواق ومنذ أسابيع بالتحضير لهذه المناسبة الدينية وذلك بعرض شتى أنواع العجائن والحلويات والمأكولات الخاصة بأول محرم خاصة أن الكثير من السيدات يفضّلن إعداد هذه العجائن بالطرق التقليدية وهو ما يتطلب منهن وقتا لتحضيرها تقول السيدة فطيمة إن أول محرم له مكانته وطريقته الخاصة للاحتفال به فهي تعتبره بمثابة عيد تحضّر فيه الحلويات وكذا طبق الشخشوخة باللحم أو الرشتة بالدجاج أو الكسكسي وفي هذه السنة تختار تحضير الشخشوخة باللحم حسب ما اختاره أفراد أسرتها وتقول محدثتنا إنها وبهذه المناسبة تقوم بدعوة جميع أبنائها وبناتها المتزوجين لتناول العشاء وقضاء أوقات طيبة وجميلة رفقة العائلة. من جهتها قالت الآنسة حياة إن بعض الأسر لا تحتفل بهذا اليوم لعدة أسباب وترى أنه احتفال مبتدع لكنها وعائلتها وباعتبارهم من عاصمة الشرق قسنطينة يولون لهذا اليوم اهتماما كبيرا حيث تقول إن والدتها قد بدأت التحضير لهذا اليوم مبكّرا عن طريق شراء لوازم الاحتفال به من القشقشة كما تعرف شرقا أو التراز وهي ذلك الخليط المكون من أنواع مختلفة من الحلويات بالإضافة إلى الفول السوداني والذي يباع خصيصا لهذه المناسبة مع شراء الفرينة والدجاج لاستعمالهما في تحضير طبق الرشتة والشخشوخة. التراز حاضر على رؤوس الصغار التراز هو خليط من الحلويات والمكسرات فنجد فيه الشكولاطة والجوز واللوز والتمر والبندق والفستق وغيرها من الأشياء اللذيذة التي تتلاءم والمناسبات السعيدة المتتالية بحيث دأبت العائلات الجزائرية على اقتناء (التراز) في المناسبات الدينية على غرار رأس السنة الهجرية أو أول محرم بحيث اصطف التراز عبر طاولات البيع في كل من ساحة الشهداء وميسوني وبحي بلكور العتيق وعرف إقبالا من طرف النسوة وتراوح سعره بين 700 دينار و1000 دينارللكيلوغرام الواحد انتهزنا الفرصة واقتربنا من بعض النسوة اللواتي كن يقتنين التراز لمعرفة سر الحضور الإجباري للتراز لاسيما في المناسبات الدينية فقالت الحاجة زهرة إنها تعكف في كل مرة على اقتناء التراز لأحفادها وحفيداتها وبما أننا نعيش مناسبة أول محرم لم تتأخر في المسارعة إلى اقتنائه ليظفر حفيدها - ابن ابنها- في هذه المرة بحصة الأسد كونه الأصغر في العائلة ويبلغ من العمر عامين وعن كيفية إحياء تلك العادة قالت إنها تجلب قصعة وتضع فيها حفيدها ومن جانب آخر تحضر التراز في طبق وتقوم بإفراغ ذلك التراز على رأسه تيمنا بالفأل الحسن وحياته الحلوة والطويلة في وسط العائلة وبعدها يتم إخراج الصبي وتقوم بتوزيع التراز على كل الأفراد صغارا وكبارا على شكل حفنات فالتراز غير مقتصر على الصغار فقط وإنما يتقاسمه الصغار والكبار في اجواء عائلية رائعة وبهيجة. سيدة أخرى قالت إن العادة جميلة وضاربة في الأعماق إلا أن الأسعار ملتهبة وقد وصل سعره في بعض الطاولات إلى 1200 دينار جزائري ويبرّر الباعة ارتفاع السعر بأن الحلويات المخلوطة هي مستوردة وأنه مملوء بالجوز الذي وصل سعره إلى 1800د ينار للكيلوغرام الواحد وفضلت محدثتنا اقتناء المكسرات والحلويات كلٌ على حدى وصنع التراز بنفسها ورأت أن ذلك سيكون أقل تكلفة من السعر الباهظ الذي يفرضه الباعة وأخبرتنا أنها اقتنت التمر والفول السوداني والجوز واللوز إلى جانب بعض أنواع الحلويات والشكولاطة وسوف تخلطها في المنزل ليكون التراز وفق اختيارها وحسب متطلبات العائلة من أجل استعماله في المناسبة السعيدة أول محرم التي لا تفوت الاحتفال بها عن طريق تحضير أكلة تقليدية وإشعال المسك وتوزيع التراز على أفراد العائلة في سهرة ممتعة جدا. وتظل تلك العادات ضاربة في الأعماق بعد توارثها جيلا بعد جيل وتمسك أغلب العائلات بتلك الأجواء البهيجة التي تقوي أواصر المحبة في الأسرة الواحدة. أبعاد روحية سامية تبقى السنة الهجرية الجديدة مناسبة غالية في قلوب الجزائريين يحتفلون بها باحياء الطقوس والعادات التي تزيد من التآلف والتماسك الأسري دون نسيان معانيها الروحية السامية وتلقينها للاجيال المتعاقبة وترى العائلات أن الاحتفال بأول محرم أفضل بكثير من الاحتفال بالسنة الميلادية الجديدة لأن في الاحتفال بهذه الأخيرة تشبه بالنصارى أما الاحتفال بالسنة الهجرية فهو احتفال باليوم الذي هاجر فيه الرسول عليه الصلاة والسلام من مكة إلى المدنية حيث كانت البداية الجديدة في الرسالة العظيمة التي حملها خير البرية محمد صلى الله عليه وسلم وبالتالي فإن الاحتفال بها يجعل هذه الذكرى راسخة وغالية دائما في قلوب الأجيال الصاعدة خاصة إذا ما رافق ذلك حلقاتُ درس وتوجيه وتعريف بالمناسبة أو عرض لبعض الأفلام الدينية المؤرخة لها. وتجدر الإشارة إلى أنه وبعد محرم مباشرة وبنحو أسبوع يستعد الجزائريون كذلك للاحتفال بعاشوراء ويحضرون لها تحضيرا مختلفا أيضا ولكنه لا يخرج عن إطار تحضير الأكلات الشعبية والحلويات وغيرها والتركيز على الجانب الروحي من خلال التذكير بالأبعاد الدينية السامية لمناسبة عاشوراء. كما لا تفوت العائلات في الجزائر تزامنا واحياء مناسبة أول محرم تلقين أبنائها مفاهيم هذا اليوم وتاريخه ومكانته بالنسبة للمسلمين وكذا بقيمة السنة والتقويم الهجري اللذان يعتبران أساس تحديد جميع أيام المناسبات والشعائر الدينية من أعياد وحج وعمرة وغيرها وهو ما أعرب عنه السيد فريد في العقد الخامس الذي التقينا به خلال جولتنا والذي أكد على أهمية تواصل الاحتفال بهذه المناسبة وجعلها عادة سارية على مدى الأجيال المتعاقبة ليقول انه زيادة على الاحتفال بطبخ الاطباق المميزة فهو يغتنم الفرصة لجمع أبنائه وتذكيرهم بأهمية يوم رأس السنة الهجرية والذي يعتبر ذكرى حدث هجرة الرسول عليه الصلاة والسلام من مكةالمكرمة إلى المدينةالمنورة رفقة أصحابه ولم يختلف الامر كثيرا بالنسبة للسيد رشيد 55 سنة الذي قال إن أول محرم هو اليوم الأول في التقويم الهجري وأضاف محدثتنا أن الكثير من الجيل الجديد يجهلون أهمية هذا اليوم في السيرة النبوية وتاريخه حيث يعمد على تلقين أحفاده من أطفال وحتى شباب عن صاحب فكرة هذا التقويم وهو الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي جعل من هجرة الرسول عليه الصلاة والسلام من مكة إلى المدينة مرجعا لأول يوم فيه كما كانت تقوم العديد من المساجد في السنوات السابقة قبل انتشار الوباء بتنظيم حلقات دينية حول سيرة النبي الكريم للذكر والتعريف بهذه المناسبة الإسلامية وأبعادها الدينية العظيمة.. وفي الختام نتمنى ان تطل علينا السنة الهجرية الجديدة 1442 بالخير واليمن والبركات وأن يرفع الله عنا البلاء والوباء.