تعد ليلة الحناء من العادات والطقوس العريقة التي كانت تتبعها الكثير من العائلات الجزائرية في أعراسها قبل أن تتخلى عنها اليوم الكثير منها، وإن كان البعض قد أبقى عليها من باب المحافظة على العادات والتقاليد، أو حبا وإعجابا بها، ويتعامل الكثيرون مع مسألة ربط الحناء للعروس أو العريس على السواء بحذر شديد وصرامة كبيرة، ومن العائلات من تفرض رقابة مطلقة على طبق الحناء وعلى كل ذرة منه، فيما تقوم أخرى بتوظيف بعض الأشخاص خصيصا لحراسة الحناء وآخرين لحراسة العروس أو العريس أثناء ربطها، حيث يمنع الاقتراب لأي شخص كان خاصة الغرباء، وهذا خوفا من أن تمتد يدٌ شريرة أو حاقدة إلى طبق الحناء فتأخذ منه كمية صغيرة يمكن أن تنسف الحياة الزوجية للعروسين وترهن سعادتهما، وتعتقد الكثير من العائلات الجزائرية أن السحر الذي يتم تحضيرُه انطلاقاً من حنة العروس ذو تأثير قوي وخطير جدا، وعليه وجب الانتباه إليه بشكل كبير، بل أن بعض الزيجات الفاشلة أو المشاكل التي قد تعترض طريق الزوجين في أيامهما الأولى يتم ربطها عادة بسحر وضع في الحناء، وحتى بالنسبة لتأخر الحمل لدى العروس الجديدة، أو صعوبة تأقلم الزوجين معا وغيرها من المشاكل، يرجعها الكثيرون أول الأمر إلى سحر الحناء وغالبا ما يستعين أهل العروسين بذاكرتهم لأجل استرجاع كافة اللقطات الخاصة بيوم الحناء وتذكر كل من اقترب من طبق الحنة أو من العروسين، أو من قام بسرقة كمية منها أو إلقاء أشياء ما بالقرب من المكان وغيرها من الأمور الأخرى. هذا فيما تتجه حاليا بعض الأسر إلى رقابة من نوع آخر، حتى لا تضيع فرصة إحياء هذه الليلة السعيدة، ولا تحرم بناتها أو أبناءها المقبلين على الزواج منها، وهي تصوير الليلة من بدايتها إلى آخرها والتركيز بصورة أساسية على العروس أو العريس والمرأة التي تقوم بربط الحناء لهما وكل المساحة تقريبا التي يشغلها مجلس العروس في تلك اللحظة، ولأن كل شيء يتم تصويره في شريط فيديو، فإن ذلك يجعل من الصعب على بعض ضعاف أو مرضى النفوس الاقتراب أو القيام بأية حركة من شأنها أن تفضحهم وتكشف ألاعيبهم الشيطانية. هذا بالنسبة لمن لا زالوا يرغبون بالحفاظ على هذه العادة الجميلة في الأعراس الجزائرية، أما آخرون فإنهم ولتفادي كل تلك المشاكل قرروا الاستغناء عنها نهائيا، أو يقومون بربطها كفأل جيد وسط أقرب المقربين فقط، إذ قد يقتصر الحضور على الأم والأخوات والمقربات من الصديقات أو القريبات ذوات الثقة، وتقوم قريبات العروس بعد أن تنتهي من وضع الحناء برفع الطبق الذي أخلطت فيه بسرعة كبيرة وكأنها تختطفه من الحضور وتسرع به إلى أقرب صنبور ماء والتخلص من كل بقايا الحناء العالقة عليه والتأكد من أنها قد ذهبت مع الماء تماماً.