يروج البعض لمقولات ظالمة تستهدف الطعن في الإسلام والهجوم على ثوابته والزعم بأن تعاليمه تعتبر المرأة شيطاناً، واستندوا في شبهتهم المفتعلة إلى حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- الذي قال فيه: »إن المرأة تقبل في صورة شيطان، وتدبر في صورة شيطان، فإذا رأى أحدكم امرأة فأعجبته فليأت أهله، فإن ذلك يردُّ ما في نفسه«، وهو في نظرهم دليل على تدني مكانة المرأة في الإسلام وامتهان لكرامتها. مكانة المرأة مرموقة وفي رده على هذه المزاعم الخاطئة، يقول الدكتور مصطفى الدميري، وكيل كلية أصول الدين بجامعة الأزهر ل»الاتحاد« الإماراتية، إن الإسلام دين المساواة والعدل والقيم، والله عز وجل كرم بني آدم رجالاً ونساء بلا تفرقة بينهم، وقال: »ولقد كرمنا بني آدم« الإسراء 70، وينظر الإسلام إلى المرأة كما ينظر إلى الرجل، موضحاً أنه غير صحيح على الإطلاق الزعم بأن رسول الإسلام -صلى الله عليه وسلم- يرسخ النظرة الدونية للمرأة، لأنه -عليه الصلاة والسلام- قال: «النساء شقائق الرجال»، فإذا كانت النساء شياطين كما يزعم المغالطون فالرجال شياطين كذلك لأنهم شقائق النساء. ويؤكد أن مكانة المرأة في الإسلام مرموقة وتعاليمه تدعو إلى الحفاظ على حقوقها المادية والأدبية، مضيفاً أن البعض يتجاهل حقائق الإسلام ويعمد إلى تحميل كلمات بعض الأحاديث ومعناها ما لا تحتمل، فيحرِّفون الكلم َعن مواضعه لغرض في أنفسهم. سد أبواب الفساد وأوضح أن الحديث صحيح ورواه الإمام مسلم وغيره، وليس في نصه ما يُستنكر، وليس من معناه ما يقتضي احتقار المرأة أو انتقاصها، بل معنى الحديث أن الله جعل في نفوس الرجال الميل إلى النساء والتلذذ بالنظر إليهن. وأن الله سبحانه وتعالى جعل في طباع الرجال الميل إلى النساء وجاءت شريعته الهادية لتقضي على أسباب البلاء والرذائل، وتسد أبواب الفساد والذرائع، ولهذا فالمعنى المراد من وراء الحديث الإشارة إلى الهوى والتحذير من الفتنة. وقال إن الواقع يشهد أن هناك نساء يتبرجن ويظهرن الزينة للرجال الأجانب في الطرقات والأسواق وأماكن التجارة والعمل ويلفتن الانتباه إلى مفاتنهن، فيطلق الرجل النظر إليهن فتصيبه الفتنة وتكون دعوة لارتكاب الإثم والوقوع في الحرام، وبلاغة الحديث أنه جعل صورة المرأة التي تدعو الرجل إلى الغواية والوقوع في الحرام شبيهة بإغواء الشيطان للعباد ودعوته لهم للوقوع في الشر بتزيينه في أعينهم. فإذا كانت تقبل بصورة شيطان وتدبر بصورة شيطان، فهي فتنة للناظر. وأضاف أن الحديث الشريف جاء في سياق تحذير النساء من عواقب عدم ارتداء الحجاب، حتى لا تفتتن المرأة بالرجل أو يفتتن الرجل بها. وقد تضمن الحديث توجيهاً نبوياً لعلاج ما قد يقع في قلب الرجال من الافتتان بالنساء، وهو أن يأتي الرجل زوجتَه حتى يضع شهوته في الحلال الذي يرضي الله ورسوله. تصوُّر خاطئ وقال د. الدميري إن إثارة الشبهة حول الحديث نابعة من قصور في معرفة مكانة المرأة في الإسلام، وتصور خاطئ بأن الإسلام ينحاز للرجل على حساب المرأة، والحقيقة أن شريعته تقدر المرأة وتعلي مكانتها، وحرص الرسول -صلى الله عليه وسلم- على تأكيد هذه المكانة منذ بداية الدعوة إلى الإسلام، كما أوصى بالنساء خيراً في أعظم المواقف وأعظم جمع وهو موقف عرفة في خطبة عرفة فقال: »فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله«. وروي أن جاهمة جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله أردت الغزو وجئتك أستشيرك فقال: هل لك من أم؟ قال: نعم فقال: ألزمها فإن الجنة عند رجلها«، كما أن الأم مقدمة في البر وحسن الصحبة على الأب، فعن أبي هريرة قال: »جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أمك، قال: ثم من؟ قال أبوك«. مثل شيطان ويؤكد أن تعاليم الإسلام لا تتخذ موقفاً من المرأة فيطلق عليها شيطاناً دون الرجل، فقد جاءت تسمية الرجل شيطاناً في بعض النصوص نظراً للعمل الذي قام به ولا يتفق مع صحيح الإيمان، فقد وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- الرجل الذي يخبر عما يقع بينه وبين زوجته، وكذا المرأة التي تخبر عما يقع بينها وبين زوجها بقوله: »فإنما مثل ذلك مثل شيطان لقي شيطانة فغشيها والناس ينظرون«، فالتشبيه بالشيطان لا علاقة له بكون المشبه رجلاً أو امرأة، إنما علاقته في الأساس هي بالفعل الذي يرتكبه الرجل أو المرأة، وهذا من الأساليب المستخدمة في اللغة العربية دون أن يفهم من ذلك أن المرأة شيطان لذاتها أو أن الرجل شيطان لذاته كما يزعم البعض.