يواجه السيّد (قيرع عبد العزيز) مصيرا ليس له منه بد، فقد رزق بستّة أطفال من بينهم طفلتان معاقتان حركيا وعقليا بنسبة 100 بالمائة قدّر اللّه سبحانه وتعالى أن يحرمهما نعمة الحركة والعقل، فبمجرّد التكلّم مع والدهما تنهمر من عينيه الدموع والحسرة على حالهما الذي جعلنا نتألّم ونحسّ بحجم المعاناة معه· لم يتوان (قيرع) في طلب العلاج عبر مختلف الأماكن، حيث زار عدّة أطبّاء بالولاية وحتى خارج الولاية بداية من الأغواط ثمّ آفلو وأخير البليدة وباع كلّ شيء من أجل أن يرى (خديجة) وشقيقتها (الزهرة) ككلّ بنات الجزائر، وهو يتحسّر على قلّة حيلته وقصر يده، خصوصا وأنه يعاني هو الآخر من مرض· وما زاد من ألم ومعاناة هذا الوالد المسكين هو أنه بطّال وبدون أيّ دخل، وحتى ابنه (أحمد) ذو المستوى النّهائي دون عمل مع أخيه الآخر، تضاف إلى كلّ هذا أزمة السكن التي تعيشها هذه العائلة· وما زاد الأمر سوءا هو تخوّف الوالدة على مصير (خديجة) و(الزهرة)، خاصّة وأنها تعاني الأمّرَّين فحالتها الصحّية من جهة وحالة أبنائها وما تتطلّبه من الوقوف لحظة بلحظة إلى جانبهم من جهة أخرى تحزّ في النّفوس، فقد وجدنا الأمّ المسكينة في زاوية من زوايا البيت المتكوّن من غرفتين ومطبخ أقلّ ما يقال عنه إنه بيت (خير من بلاش) كما يقول المثل شعبي عندنا· حيرة الأمّ وحالتها الصحّية والظروف المعيشية الصّعبة التي يعيشونها والبنت (خديجة) وشقيقتها (الزهرة) اللتان لا همّ لهما سوى الأنين طوال اليوم والنّظر واحتضان أمّهما وكأن الخوف يطاردهما من كلّ جهة، ممّا جعلنا نعيش لحظات من الحيرة والتساؤل في نفس الوقت، وما أكّده الوالد لنا هو أنه لولا منحة (خديجة) و(الزهرة) التي يتقاضوها من مديرية النّشاط الاجتماعي بالجلفة والمقدّرة ب 8 آلاف دج لأصبحت هذه الأسرة في خبر كان· رغم كلّ هذا فإن هذه العائلة ما تزال تتشبّث بالصبر وقوّة الإيمان باللّه والتفاؤل رغم هذه المأساة، ولعلّ معاناة الأسرة في الصورة المؤلمة التي وقفت عليها (المغرب الأوسط) ونحن نعدّ موضوعنا عن وضعية حي بن السعيد، والتي تختزل اسم (خديجة) و(الزهرة)، قد تجد من كافّة المسؤولين بهذه الولاية آذانا صاغية لإنقاذ بقّية أفراد الأسرة من مخالب المعاناة·